هل من الضرورة الحديث مع أبنائنا عن المسائل الجنسية؟

بقلم: المختص في علم الاجتماع سمير عبد الله

يعيش الكثير من الشباب و اليافعين مشكلات جنسية متعددة ، تسيطر على عقولهم هموم و هواجس و تساؤلات حول الحب و الجنس الواقعي و الحقيقي منه و الخيالي و الوهمي  ، كما أن المختصين في التحليل النفسي  يؤكدون أن كبت الطاقة الجنسية و عدم تأطيرها يؤدي إلى إنفجارها ، مما يزيد في ارتفاع مستوى الإنحرافات الجنسية و تفكك الأواصر العائلية و ارتفاع نسب الطلاق و الإنفلات الجنسي و إنتشار الأمراض التي لها علاقة بالإتصال الجنسي غير الصحي.
يبقى السؤال الحساس إلى  أي حد يمكن تناول و إثارة موضوع الجنس بين الكبار فما بالك بين  الوالدين و الأطفال ؟
خطرت لي فكرة في إجراء مسح صغير  ، و سؤال بعض الأصدقاء البالغين ، في أي عمر واجهت الجنس لأول مرة ؟ و كيف سمعت عنه ؟
بالنسبة للسؤال الأول أجابوا إجابات مختلفة ، تتراوح بين خمسة و ثمانية سنوات من العمر الذي واجهوا فيه الجنس، أما السؤال الثاني فمنهم من صرح أنه إنتبه لموضوع الجنس عبر التلفاز وآخرون عبر أترابهم و أبناء العم، لكن لا أحد صرح أنه استمع لأول مرة لموضوع الجنس من قبل والديه.
 أرى أن هذا يتماشى مع الواقع الذي نعيشه ،فعندما يتعلق الأمر بطرح موضوع الجنس مع أطفالنا  كآباء ، فإننا نبدو محرجين و مرتبكين. هذا الموضوع يفضل الأولياء تجنبه. كما يمكن القول أن كثيرا من الآباء و الأمهات ليس لديهم الخبرة للتحدث عن الجنس مع أطفالهم ،و أن العديد من البالغين لديهم صعوبة في الكلام حول هذا الموضوع. لكن مع ظهور الأنترنات و إنتشار الهواتف الذكية  لدى الأطفال و تعزيز حرية التعبير و الوصول للمعلومات مهما كانت طبيعتها ،أصبحت فرص الحصول على المعلومات المتعلقة بالجنس متاحة  للجميع في الوقت .مما جعل الحديث مع أطفالنا حول المسائل الجنسية  ضرورة لوقايتهم من المخاطر المتعلق بهذا الموضوع ، خاصة إذا  وضعنا في الإعتبار المبررات التالية :
نعيش في مجتمع حساس للغاية لموضوع الجنس 
من المفارقات الحديث عن أن الجنس من المواضيع المحرمة التي نعيشها في بيئتنا العربية الإسلامية ،فلقد وضح " بوعلي ياسين" في كتابه الثالوث المحرم أنه في مجتمعنا الجنس محرم لا يجوز الحديث عنه بشكل  نقديا إلا مع الأصحاب و بشكل مزاح ، كما أن الدولة حسب رأيه تمنع تنوير التلاميذ في الأمور الجنسية ، لكن بالمقابل نرى الأسواق فائضة بكل ما يستغل الحاجة الجنسية لغاية الربح التجاري.
هذه المفارقة تعتبر من بين الصعوبات و الحواجز التي تجعل الأولياء لا يتحدثون في ذلك الموضوع لأسباب ثقافية و أخلاقية ضبابية  معتبرين أن ذلك يعتبر تقليلا من الحياء و الإحترام بين الطفل و أبويه  ، لكن الواقع قد تغير عما كان عليه في السبعينات و لم تعد سلطة العائلة الرقابية و الفارضة للنظام قوية كما كانت لتؤثر و تضبط سلوك الطفل  و تحميه من المعلومات و المعارف التي يمكن أن يصل إليها حول موضوع الجنس نتيجة  تعدد مصادر المعلومة في واقعنا المعيش  و سهولة الوصول إليها  مما يحول دون قدرة الولي على ممارسة دوره الرقابي.
بعبارة أخرى يقوم ، مجتمعنا المعاصر بنشر الجنس و إشاعة المواضيع الجنسية  ،رغم تفاوت وتيرة ذلك النشر من مجتمع إلى آخر  لخصوصية العناصر الثقافية من مجتمع إلى آخر. لكن يوجد رغم ذلك إهتمام مفرط بموضوع الجنس. فالعديد من العناصر المكونة لبيئتنا من وسائل إعلامية و مجلات و موائد مستديرة و برامج إعلامية هي أدوات لترويج و تمجيد الجنس و الإثارة الجنسية و المواد الإباحية و الفحش بدعوى حرية التعبير و الضمير و النشاط الاقتصادي الحر و أحيانا في إطار المناكفات السياسية بينالأحزاب  السياسيةالتي ترى نفسها متحررة و داعمة للحرية و الأحزاب الموصوفة باليمينية و المتصلبة مع كل فكر يمكن أن يغير و يهدد بنية المجتمع و يؤثر في ثقافته بإعتبارها عنصر من عناصر الهوية .
لكن الأمر المثير لنا  و الباعث على التفكير و الإحتياط  هو أن أطفالنا الصغار في طور النمو يعيشون في نفس المجتمع و العالم الذي نعيش فيه، و يرون ما نراه و يسمعون ما نسمع ، لكن ليس لديهم الإدراك و الوعي السليم بالموضوع ، لأنه ليس لديهم نفس مستوى فهمنا و إدراكنا  و وعينا، مما  يجعلهم مدفوعين لطرح الأسئلة على أنفسهم و السعي للإكتشاف بمفردهم مما يعرضهم  للمخاطر في غياب التأطير سواء كان داخل العائلة أو من قبل المؤسسات التعليمية، مما نتج عنه في العديد من المناسبات حوادث جنسية محطمة و مؤثرة في نفسية الأطفال  ، فلقد بلغت عدد الإشعارات الواردة على مكاتب مندوبي حماية الطفولة و المتعلقة بالإستغلال الجنسي للطفل 1234 حالة سنة 2018 ،و من بين الآثار المحطمة للطفل الإنجاب  خارج إطار الزواج .حيث العديد من الولادات خارج إطار الزواج التي تخص فتيات في سن الطفولة كانت بدافع الفضول و حب الإكتشاف. و من المفارقات أنه وقع التطبيع مع المشاهد الصادمة و غير اللائقة و التي أصبحت تشكل جزءا من حياتنا اليومية  في مجتمعاتنا العربية الإسلامية .
 الجنس مسألة طبيعية لدى الإنسان لكنه موضوع خطير كذلك 
تنطوي الجنسانية على إزدواجيةمعينة ، فالجنس يمثل وسيلة للتعبير عن الحب و العلاقة الحميمية و المتعة للزوجين و بالتالي بفضله يتم الإنجاب و الحفاظ على الجنس البشري  لكن مختلف التشريعات و الأديان إتفقت أن عملية الإنجاب تكون في إطار شرعي  و هو الزواج. بذلك يمكن أن تكون الحياة الجنسية خطيرة إذا لم تمارس في ذلك الإطار الشرعي،  فهي مثل النار في حاجة لضبط مسارها و إلا كانت آثارها وخيمة و كارثية. و من بين هده الآثار على مستوى الفرد ،الإستغلال الجنسي ،الجروح، الأزمات العاطفية ،الأمراض المنقولة جنسيا ،الحمل المبكر ، الزنا ،الطلاق ، الفجور…..
لذلك نشر الجنس بين الأطفال  يمثل خطرا على المجتمع ، لأنهم في وضعية هشاشة ، فهم لا يتمتعون بمستوى من النضج المطلوب لفهمه  و الوعي بأهميته  لدى الإنسان من جهة   و من جهة أخرى لم يبلغوا السن الكافية لممارسته  بطريقة تحميهم من المخاطر، فضلا عن أنهم في وضع قانوني و محيط ثقافي و إجتماعي و قيمي لا يسمح بالممارسة الجنسية في سن الطفولة ، مما يجعله في وضعية مخالفة للقانون و غير مقبول و موصوم إجتماعيا بالإنحراف الأخلاقي مما يؤثر على نموه النفسي و الاجتماعي المتوازن .
يعيش الأطفال في بيئة يصعب التحكم فيها 
الثورة الإتصالية التي قربت بين الثقافات و جعلتها متصلة ببعضها البعض و الوفرة المعلوماتية التي صاحبتها  و مناخ الحرية الفردية المتزايد، مكنت الأطفال من الوصول إلى مجموعة من القنوات و الوسائل التي تتحدث عن الجنس ، و المتمثلة في : 
* التلفزة 
تبث و تعرض التلفزة عددا هاما من الأفلام و المسلسلات و الأشرطة التلفزية  نسبة التي  لا يوجد بها مشهد  مثير جنسيا  منخفضة للغاية في أغلب بلدان العالم . فمن أجل جلب إنتباه المشاهد وتحقيق نسب عالية من المشاهدة.، منتجوا المواد السمعية والبصرية من أفلام ومسلسلات من أجل البيع بشكل افضل يضمنونها بعض الإثارة. لا أقصد بذلك الأفلام الإباحية بل الأفلام "العادية" مثل الأفلام الكوميدية أو أفلام الحركة الخ .
في التلفزيون لا توجد المسلسلات والأفلام فقط ، بل هناك إعلانات ، للترويج للعلامات التجارية سواء كانت مثلا، مشروبات غازية أو عطورات أو ملابس تستخدم  فيها الإثارة أو إستدعاء أشخاص لبرامج تلفزية و منوعات تتبني المواقف الداعية للحرية الجنسية والتي  لا تلتزم و تحترم في حواراتها و إيحاءاتها القيم المتعلقة بالجنس للمجتمع بالإضافة إلى الكليبات " الإستعراضية والغنائية التي تكون بها الإثارة واضحة من خلال الحركات والملابس النصفية، حيث تكون الرقصات ذات إيحاءات جنسية للغاية غالبا.
كذلك لا ننسى الرسوم المتحركة، التي نعتقد أن محتواها مناسبا بالضرورة للأطفال، لكن في العديد من المناسبات كانت محملة بإيحاءات جنسية يتعرض لها الأطفال دون أن يكونوا مهيئين لفهمها، كما تتضمن  أحيانا قيم جنسية لا تتماشى مع ثقافتنا وتمثلاتنا الاجتماعية للجنس مثل موضوع المثلية الجنسية .
* الأنترنات :
من المؤكد أن الكبار و الصغار يمكنهم الوصول إلى محتوى شبكة الأنترنات، الذي يمكن أن تكون وظيفتها مزدوجة . فمن جهة فهي مصدر للمعلومات و التثقيف و التكوين  ووسيلة عمل ومن جهة أخرى قد يتمكن الأطفال من خلالها إلى التعرض للحياة الجنسية مبكرا جدا.
اليوم، إذا لم تكن لديك برامج رقابة أبوية أو " فلتر" مثبتة على جهاز الكمبيوتر الخاص بك، وكان طفلك يقوم ببحث في محرك البحث قوقل أو اليوتوب أو غيرهما، عند كتابة كلمة في خانة البحث لا علاقة لها بالجنس، يجد نفسه مع صور أو مقاطع فيديو جنسية دون إرادته. وكذلك إذا كان طفلك يملك حسابا بإحدى شبكات التواصل الاجتماعي (فايسبوك، تيكتوك، إنستغرام، أو واتسآب..) يمكن أن يتلقى على "حائطه الإفتراضي صور جنسية دون أن يطلبها.
في هذا الإطار إستحضرت واقعة حدثت لأم شابة، تشارك إبنتها البالغة من العمر 3 سنوات فيديو للألعاب على اليوتوب، و في نهاية كل  مقطع، يقترح مقطع آخر وفي وقت من الأوقات إضطرت الأم إلى ترك إبنتها لبضع لحظات لتذهب إلى غرفة أخرى بالمنزل. عندما عادت إندهشت، حيث وجدت إبنتها تشاهد فيديو صور متحركة لدمى تحاكي العملية الجنسية، إنتزعت الأم الجهاز اللوحي على عجل من إبنتها ووعدت نفسها بألا تتركها بمفردها أمام جهازها اللوحي دون رقابة ومرافقة.
* الملصقات الإعلانية
من المشاهد المألوفة في المدن الكبرى و على حافتي الطرقات الرئيسية بالبلاد، و في معظم النقاط المهمة مثل مراكز التسوق والمطارات والفنادق ومحطات القطارات والمترو و غيرها، يمكن أن نلاحظ الكم الهائل من الملصقات الإعلانية المثيرة. إذ يبدو أن العديد من المنتجات تعتمد الإثارة بدرجة أولى لترويجها مثل العطور و المجوهرات و المكياج وما إلى ذلك. هذه الملصقات تثير إنتباه الطفل لموضوع الجنس و يستبطنها دون أن يعي بطبيعتها وغايتها الترويجية .
* العشق في الشوارع والأماكن العامة
    في دول العربية الإسلامية و من بينها تونس من غير المألوف على الإطلاق رؤية فتى وفتاة يقبلان بعضهما البعض بهدوء وطمأنينة  في حديقة عمومية أو مركز تسوق أو شاطىء أو محطة نقل عمومي أو مطار إلا في حالات نادرة تتعلق بالسياح الأجانب بالمناطق السياحية، حيث لا يجرؤ على فعل ذلك أحد من باب الحياء، لكن قد يصادف الفرد في الأماكن المنزوية أو الأزقة الفرعية مثل هذه المواقف التي تثير الأطفال، خاصة مع انتشار الموجة الجديدة للحرية الفردية التي اجتاحت مجتمعاتنا.

* الكتب و المجلات
يواجه أطفالنا الجنس من خلال الكتب والمجلات و المنشورات الإباحية والروايات الرومنسية التي تطنب في تصوير العلاقة الجنسية بين أبطالها، مما يجعل الطفلى يتخيلها ويتوق إلى تجربتها. 

*الأصدقاء و الأتراب والأطفال الأقرباء 
العديد من الأطفال يتعرفون على النشاط الجنسي من خلال الأصدقاء والأتراب والأطفال الأقرباء من أبناء العمومة  الأخوال في سن مبكرة، حيث يلعبون ألعابا تخيلية مثل لعب دور العريس والعروسة والطبيب و المريض والزوج والزوجة ويصلون إلى حد لمس الأعضاء التناسلية لبعضهم البعض، ومع تقدم العمر يتحدثون عن مشاهداتهم وتجاربهم و حتى عن أعضائهم و أحجامها ووظائفها و غيرها .

* الإغتصاب والإعتداء الجنسي 
من المحزن و المؤسف أن نقول ذلك، لكن بعض الأطفال يختبرون الجنس لأول مرة من خلال هذا الفعل و الحادث  المشين ، فعند غياب الوالدين أو بعدهما يتعامل الأطفال مع العديد من الأشخاص أغلبهم يعيشون في بيئتهم و محيطهم  ، حيث يكون خطر الإعتداء الجنسي حقيقيا .في هذا الإطار وردت على مكاتب مندوبي حماية الطفولة وتناقلت الصحف  العديد من الحكايات والقضايا و الإشعارات المتعلقة بمثل هذه المواضيع من قبل العم والخال و المربي وزوج الأم و إبن الجيران أو الجار الخ.. حيث أن أغلب الوقائع تبين أن الإعتداء يتم من داخل محيط الطفل وأن أغلب الإساءات الجنسية، تكون من قبل أفراد يثق بهم الطفل وكذلك العائلة . و من هنا تأتي ضرورة حماية أطفالنا من مثل هذه الإعتداءات.
*المدرسة 
عندما يعود إبنك الذي له من العمر 8 و9 سنوات و بكراسه درس في مادة العلوم الطبيعية حول الأمراض المنقولة جنسيا وعلم أنها نتيجة الممارسة الجنسية غير المحمية . التساؤل وطرح إشكالية الجنس في ذهنه قد تمت و هو يبحث عن تفسيرات و توضيحات تتعلق بالموضوع.
إن الحديث عن التربية الجنسية وتدريسها  في البرامج التربوية  قد آسال العديد من الحبر  وآثار العديد من ردود الفعل لدى الأولياء وغيرهم، منهم من هو موافق و منهم من هو معارض ويعتقد أن التربية الجنسية في المدرسة قد تفتح مبكرا عيون الأطفال على الجنس وتدفعهم لممارسة الإستمناء وتنشر الفسق والفجور وإدمان المواد الإباحية لدى الأطفال و اليافعين مبكرا .
إن جميع الآباء يرغبون في حماية أطفالهم من السلوكات المحفوفة بالمخاطر والإنحرافات الجنسية، لكنهم لا يعرفون كيف يتحدثون عن الحياة الجنسية لدى أطفالهم، لكن يرغبون في أن يقع تأطير ذلك بطريقة تتوافق مع قيم المجتمع الجنسية لحمايتهم من مخاطر التي يمكن أن تهدد صحتهم.
* المراهقة 
يعيش المراهق ضغطا داخليا يتعرض له كل إنسان في سن البلوغ عندما تنفجر الهرمونات (التستوستيرون و الأستروجين )، خلال فترة البلوغ، حيث يواجه العديد من المراهقين الإستمناء، وأحيانا  يكون لدى العديد من الأولاد أحلام مثيرة وقذف ليلي، قد يصدم هذا البعض لكنه الحقيقة. لذلك إذا كان أطفالك مراهقين فإنهم يعانون بالفعل من هذا الضغط في بعض الأحيان .وإذا لم يكونوا كذلك بعد ، فيسختبرون ذلك في مرحلة ما بقطع النظر عما تنشره هذه الوسائل والقنوات والتي غالبا ما تتسبب في إدراكهم السيء للجنس و مواضيعه.
كل هذه الأسباب و الحقائق تجعل الحديث مع الطفل حول المسائل المتعلقة بالجنس من قبل الأولياء مسألة ضرورية، فيكون التناول واعيا بعيدا عن العشوائية ومراعيا للمراحل العمرية التي يمر بها الطفل و ما يميزها على مستوى نموه الإجتماعي و النفسي.

 التربية الجنسية تظل مسؤولية الوالدين في المقام الأول 
إن التساؤل عن، من هو  الأنسب ليتحدث للأطفال عن الحياة الجنسية، التلفزيون الإعلانات ،الأصدقاء ، الأنترنات ….أم الآباء . يدفعنا للقول أن الجواب المنطقي  هو أن يتحدث الآباء عن الحياة الجنسية مع أطفالهم في المقام الأول، فإذا تعثر الآباء و ترددوا في هذا الأمر . فإن كل القنوات ستوفر المعلومات لأطفالنا، لكن من المؤكد أنها قد لا تعجب الآباء ولا تعبر عن رؤاهم للموضوع. و أنها لن تكون التربية الجنسية بالطريقة الصحيحة.

و لمزيد التوضيح ، نؤكد أنه بإعتبار أن الأسرة هي الحضن النفسي و الاجتماعي و التربوي  و المؤسسة الأولى التي من دورها الرعاية و التربية و التنشئة و الإهتمام والتوجيه و الإرشاد في كافة المجالات المتعلقة بحياة و إهتمامات الطفل . و بإعتبار أن التربية الجنسية تعتبر محورا من بين المحاور الأساسية التي تتضمنها هاته الرعاية و التربية فمن واجب الأسرة تزويد الطفل بالمعارف و المفاهيم المتعلقة بالجنس والرد على أسئلتهم دون تجاهل أو تأجيل أو تضليل أو تزيف أو تحريف، لإكسابهم سلوكات جنسية إيجابية.
 هل ينشغل الأطفال بموضوع الجنس ؟
الطفل لا ينشغل بموضوع الجنس ، الذي يبلغ من العمر سنتين أو 3 أو خمس سنوات أو حتى ثمانية سنوات ليس مهوسا و لا منشغلا بموضوع الجنس .الذي لا يعتبر  من إحتياجات الطفل الأساسية، مما يجعل وفرة المعلومات حول هذا الموضوع تصيب براءته الطبيعية، و تدفعه لطرح الأسئلة في وقت أقرب وأبكر مما كان متوقعا .ذلك أن الأطفال فضوليون بشكل طبيعي، فعندما يتساؤلون، فهم يبحثون عن إجابات بوعي أو بدون وعي. لكن عندما  يقتربون من مرحلة المراهقة يريدون معرفة الكثير عن أعضاء التناسل والفروق بين الجنسين وتعلم دورهم الجنسي المناسب.

هل من واجبنا إبلاغه مع الحفاظ على براءته ؟
بشكل ملموس ، لابد من إبلاغ الطفل و الحفاظ على براءته بتزويده بالمعلومات التي يحتاجها قبل ان يترك نفسه ملوثا بمصادر أخرى مع مراعاة كل مرحلة من مراحل نموه نحن الآباء المعاصرين للثورة الرقمية. التحدي الذي نواجهه يتمثل في حماية براءة أطفالنا والتقليل من أهمية الجنس في سن مبكرة والتصرف بشكل إستباقي من أجل تحقيق توازن حقيقي لنفسية الطفل .
لسوء الحظ  يضل هذا الموضوع الأساسي بشكل عام من المحرمات بين الآباء و الأطفال نظرا للإحراج الذي يسببه لهما رغم فداحة الأضرار المتعلقة به. لكن الآباء لهم مسؤولية لتثقيف أطفاله حول الجنس و مرافقتهم، و لا يمكن باسم الإحراج و الحياء التهرب من هذه المسؤولية . كما أن  أقوال الأب وتوجيهه وبما له من سلطة أدبية على إبنه و يؤثر فيه أكثر مئات المرات من التلفزيون و الأنترنات أو المدرسة أو أي شخص غريب، حول نفس الموضوع .
من أي سن نبدأ التحدث مع الطفل في مواضيع التربية الجنسية؟
 التحدث للطفل  يكون بشكل تدريجي ، يمكن أن يبدأ في سن الثانية من خلال تعليمه ببساطة تسمية الأجزاء المختلفة من جسده ويستمر حتى سن المراهقة من خلال شرح كيفية حدوث عملية التكاثر له، لا يقتصر الأمر على إعطاء المعلومات للأطفال ولكن أيضا مشاركة القيم معهم . كما يجب مراعاة العمر و كذلك قدرة الطفل على إداراك المفاهيم المتعلقة بالجنس  و أن ننتبه إلى معرفة الولي و الأسرة بصفة عامة بالمفاهيم الجنسية وتفسيرها التفسير العلمي الصحيح و إلا سيقع الطفل في حالة من الضبابية والبلبلة بين تفسير الأم و الأب وبين ما تعلمه في المدرسة، مما يهدده بالوقوع في العيش بمفاهيم مزدوجة حول القيم و السلوكيات الجنسية، كذلك من المهم نشر وعي مجتمعي لأهمية التربية الجنسية من أجل سلوك سليم للطفل والمراهق.

*سمير عبد الله مختص في علم الاجتماع  ومندوب حماية طفولة درجة ثالثة

  
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.