أزمة المياه والأمن المائي: هل نحن مهددون بالعطش ؟

بقلم آسيا التوايتي_

"اعتماد نظام تقسيط المياه وقطع الماء مدة سبع ساعات وبعث ارساليات قصيرة لكل التونسيين، هي الاستراتيجيا المعتمدة من قبل السلط المعنية، في مواجهة مشكل ندرة المياه الذي كتبتُ وكتبٓ عنه الكثيرون منذ سنوات ! هذا كل ما استطعتم فعله !! بمعنى، مشكل حيوي تجابهونه في الدقائق الأخيرة بحلول التوعية التي كان من المفترض أن تكون سياستكم العمومية منذ ما يزيد عن العشر سنوات الماضية؟ ثم هل تعتقدون أنه بتقسيط المياه قد حُلّٓ الإشكال ….

والله إن أمرنا مضحك جدا … ! هل قرأتم مقالات الأكاديميين والكتاب الصحفيين والمختصين من تونس والعالم، الذين نبّهو إلى هذا الاشكال وقدموا لهذا الغرض، سياسات دولة، حقيقية … على من سنلقي اللوم يا ترى ! كتب جمال العبيدي(مدير عام سابق بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري) منذ سنتان مقالات على غابة من الأهمية صدر بموقع ليدرز بتاريخ 2021.07.26 بعنوان : " ندرة المياه بالبلاد التونسية: التحديات والحلول الممكنة" قدم فيه التحديات والإشكالات والاستراتيجيات والحلوى المستقبلية الممكنة وقبله صدرت آلاف المقالات والتوصيات خلال ندوات علمية، عبرت عن تخوفات المختصين من هذا الإشكال …

ولكن هل من بين كل الحكومات المتعاقبة في تونس من عبرت عن تفاعلها وقامت ولو بإنجاز واحد في هذا الغرض ؟ قطعا لا …. لماذا تكتفون دائما بتقديم السهل الممتنع كحل للإشكالات القائمة … والقادمة والمتهاطلة علينا …

بسبب أخطاء بشرية وصناعية، سنفتقد عاملا أساسيا للإنسان والبيئة ومقوما أساسيا من مقومات الحياة، ونُرجِئُهُ للجفاف.

إن شح المياه، خطر حقيقي يحدق بنا وهذا الإشكال ليس رهين الساعات أو الاشهر القادمة إنه إشكال حقيقي لسنوات وسنوات من مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.

على الحكومة التي تودُّ حقا أن تُخلِّد إنجازاتها أن تبدأ بتطبيق حلول طويلة المدى لا أن تكتفي ببعث إرساليات قصيرة إلى المواطنين … يذهب إلى زيادة المخاوف بشأن هذا الإشكال: سمعت مساءا أحد المذيعين يقول :"يعني التوانسة باش يعطشو الصيف هذا !" سيدي الكريم ، التوانسة مهددون بالعطش، بل إن العالم كله مهدد بذلك .. على مدىً بعيد جدا…

كنت أكتب عن قرى معزولة تعاني من غياب الماء الصالح للشراب وعن جمعيات تنموية متمعشة وجمعيات مائية تحصلت على تمويلات لا تقدر بثمن من منظمات أجنبية لتفعل فعلها في المواطن وأخرى أغلقت الحنفيات والامدادات المائية عن المواطنين وأخرى أنشأت مصانعها قرب البحر فلوثته ومن جانب آخر حكوماتٌ غضت الطرف عن عيون مستنزفة بولايات تونسية خدمةً لمصانع المياه المعدنية التي باتت بلا رقيب ولا حسيب .

ولكنني اليوم أكتب عن العطش …. جيناهاشي "الجمايلية عطاشى ، يا خلق الله ، بل كل التونسيين عطشى…

كثرة مصانع المياه المعدنية باسماءها المتهاطلة وضعف استراتيجيات الحكومات، في بناء السدود وعدم التفكير في تخزين مياه الفيضانات ، مشاكل وحلول كثيرة يكفي أن تنقر على إحدى صفحات المواقع الأكاديمية والعلمية عربية أكانت أم أجنبية لتعجز عن تقديرها …. أغلبها سهل جدا …. ولكن التهاون جعلها صعبة طوال السنوات الماضية. لقد برزت دعوات دولية، للمحافظة على الأراضي الرطبة نظراً لفائدتها الكبيرة في الحد من ندرة المياه. ولكن ما من مجيب.

صحيح أن تحلية المياه مكلفة من حيث الطاقة لكنها تبقى حلا جيدا لأن البحر لن ولا يجفُّ. إننا حقا على شفا نفاذ مواردنا المائية ، وأرجو أننا لن نضطرّٓ مستقبلا إلى معالجة مياه الصرف الصحي وتنقيتها لإعادة شربها وهي آخر الحلول المعتمدة من قبل بلدانٍ تعاني نقص الموارد المائية . قد لا توجد إجابات محدددة للأسئلة والمخاوف التي تراودنا .

لكن الحلول موجودة وهي متعددة وأعتقد أنها المرة الوحيدة التي يباحُ فيها التقليد، والأخذُ بالتجارب المقارنة في هذا القطاع بالذات لأن الخطر لأن يهدد أمْنٓنا المائي. وهذا يكفي للمضيِّ فورا في تطبيق الحلول العاجلة .

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.