عضو برابطة حقوق الانسان: أغلب حالات سوء المعاملة والتعذيب تحدث في مراكز الايقاف.. وهذا ما وثقته الرابطة

مروى الدريدي-

ما تزال قضية الموقوفين على خلفية الاحتجاجات التي ميزت شهر جانفي 2021، تثير التونسيين في الداخل والخارج، الذين استنكروا كثرة الايقافات خاصة تلك التي طالت القصّر، وكان مطلب إطلاق سراح الموقوفين حاضرا بقوّة في كل المسيرات الاحتجاجية التي عرفتها العاصمة.
 
وندّدت العديد من المنظمات بالتعامل الأمني مع الاحتجاجات وبالايقافات التي طالت شبابا وقصّرا، على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي تلقت 777 شكاية من عائلات الموقوفين عبر فروعها الثمانية والعشرين بكامل ولايات الجمهورية، وفقا لعضو هيئتها المديرة أميمة جبنوني التي كان لحقائق أون لاين لقاء معها حول قضية الايقافات.
 
وأفادت أميمة جبنوني بأن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان هي المنظمة الوحيدة في تونس التي لها اتفاقية شراكة مع وزارة العدل، والادارة العامة للسجون والاصلاح تمكنها من القيام بزيارات ملاحظة للأماكن السالبة للحرية، بالاضافة إلى اتفاقية شراكة مع وزارة الداخليّة تمكنها من زيارة أماكن الاحتفاظ والايقاف.
 
وبلغ عدد الايقافات على خلفية الاحتجاجات التي ميزت شهر جانفي ما يقارب الألفي ايقاف في ظرف وجيز جدّا، تقريبا 30 بالمائة منهم قصّر، وفقا لأميمة جبنوني، التي أشارت إلى أن الزيارات التي تقوم بها الرابطة إلى أماكن الاحتفاظ والأماكن السالبة للحرية تكون بشكل دوري عبر فروعها الـ 28، وتكون أيضا حسب الشكايات وطلبات المواطنين الذين يقدّمون تظلماتهم للرابطة.
 
وزار أعضاء الرابطة، وفق محدثتنا مركز الاحتفاظ ببوشوشة، وسجن مرناق وسجن المرناقية وسجن المسعدين والسجن المدني بصفاقس، بالاضافة إلى الاصلاحيّات، وهنا كشفت أميمة جبنوني أن هناك العديد من القصر تمّت إحالتهم على السجون بتعلّة كثرة الايقافات، وهو ما اعتبرته خرقا تاما للقانون وعدم احترام له.
 
وعاينت الرابطة في زيارتها إلى اصلاحية الأحداث في بن عروس، الوضعيات السيئة والمهينة للموقوفين القصّر، حيث كان عدد منهم دون ملابس ودون أحذية، وذلك بسبب المداهمات على منازلهم وايقافهم على حين غرّة، وفقا لأميمة جبنوني، مبينة في هذا الاطار أن المداهمة لا تكون إلاّ بإذن من وكيل الجمهورية والنيابة العمومية وهو اجراء على غاية من الأهمية لكن لم يقع احترامه.
 
وعن سوء المعاملة، قالت جبنوني إن الموقوفين تعرضوا للضّرب والهرسلة المعنوية والنفسية، وهناك من أرغموهم على نزع ملابسهم، وكل هذه الاعتداءات تمت في الفترة التي يقضّيها الموقوفون في الايقاف وقبل نقلهم للسجون أو الاصلاحيات، وهو المكان الذي يتعرض فيه الموقوف غالبا إلى العنف وسوء المعاملة.
 
ولفتت محدثتنا في هذا السياق إلى أن رابطة الدفاع عن حقوق الانسان أصدرت تقريرا أوّليّا، عن ظروف الموقوفين أوائل شهر فيفري، لأن الوضعية حينها كانت حرجة ودقيقة، وكان من الضروري الحديث عنها وكشفها، لأن ما حدث كان خطيرا وخطيرا جدا، على حدّ تعبيرها، ملاحظة بأن هناك نزعة للعودة لما قبل الثورة أي للعنف وسوء المعاملة والتعذيب.
 
وعن شُبهة تعذيب موقوف في منطقة الحرس الوطني بالمنستير، ما نتج عنه استئصال إحدى خصيته، وما رافقها من ردود فعل غاضبة، أفادت جبنون بأن الرابطة كانت أوّل من تحدّث عن هذه الحادثة، وتمّت متابعة حالة المتضرر عن طريق فرع الرابطة في المنستير.
 
وتوقعت جبنوني أن ينفي المتهمون ما نسب إليهم من شبهات تعذيب، مشيرة إلى وجود ماهو ثابت وهو بتر العضو، قائلة: "لماذا نصل إلى أن يخسر مواطن أحد أعضاء جسده لأننا نعاني من ظاهرة الافلات من العقاب، فرغم الشكايات والتظلم لدى التفقديات والقضاء ورغم أن جريمة التعذيب ثابتة ولا تسقط بالتقادم، الا أن الافلات من العقاب ما يزال متواصلا، ومحاربة جريمة التعذيب مسألة مكفولة بالقانون والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس ومن المفروض أن تطبقها".
 
وتحدّثت عضو الرابطة عن نوع آخر من الاعتداءات والتجاوزات، فبالاضافة لسوء المعاملة وانتهاكات حقوق الانسان، فقد بلغت التجاوزات ببعض الأمنيين إلى الاتصال بالعائلات وهرسلتهم، مشيرة إلى أنه هناك من اتصل بعائلات ناشطات للادعاء بأن بناتهن يخالطن يساريين وملحدين وكفار، فضلا عن انتهاك حرمتهن الجسدية ونشر صورهن وأرقام هواتفهن على صفحات للدعارة، مؤكدة أن كل هذه التجاوزات موثقة وثابتة.
 
وبينت أن النيابة العمومية هي المحمول على عاتقها التحرك وفتح التحقيقات الضرورية في مجمل هذه التجاوزات بالاضافة إلى وزارة الداخلية التي من دورها فتح التحقيقات الادارية في تجاوزات منظوريها، لكن للأسف هناك خرق للقانون فضلا عن عدم معرفة مآلات القضايا التي تُرفع مع طول الاجراءات، وفي خضمّ كل هذا يضيع حق المتضرر، وفقا لجبنوني.
 
وأثنت عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، على مجهودات المحامين المتطوعين للدفاع عن المتضررين الذين أبلغوا شكاياتهم للرابطة، على غرار بسام الطريفي وراضية النصراوي وسعيدة قراش وياسين عزازة، حيث كانت ردت فعلهم حينية لمجارات الاحداث التي جدت طيلة شهر جانفي.
 
وعن عدد الموقوفين الذين تم اطلاق سراحهم، اشارت أميمة جبنون إلى أنه في حدود 54 موقوفا، مشيرة إلى أنه عدد ضئيل جدّا أمام عدد الموقوفين الذي بلغ حوالي الألفين.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.