الحمروني: خسرنا المعركة لكن لم نخسر الحرب.. وهؤلاء حرّضوا الأساتذة على الانسلاخ عن اتحاد الشغل

اثر أشهر طويلة من المفاوضات بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي، تمّ الثلاثاء 23 ماي 2023، امضاء محضر اتفاق، تمّ بموجبه إلغاء قرار حجب الأعداد، الذي كان ورقة الضغط الأساسية من طرف النقابة لتحقيق منظوريها.

محضر الاتفاق اعتبره الكثير من الأساتذة "مهزلة" ولم يكن في مستوى انتظاراتهم، ودفع الغضب بعضهم إلى الدعوة للانسلاخ من الاتحاد العام التونسي للشغل.

وعن محضر الاتفاق وكيف تلقت الجامعة ردود فعل منظوريها وحقيقة دعوات الانسلاخ عن اتحاد الشغل، حاورت "حقائق أون لاين"، الكاتب العام المساعد لجماعة التعليم الثانوي نبيل الحمروني، الذي كشف لنا أنه لم يكن موافقا على محضر الاتفاق معبرا في الآن ذاته على تفهم منظوريه وموجّها انتهادات لاذعة لأطراف سمّاها والتي "استغلت الظرف لتدعو الاساتذة للانسلاخ عن اتحاد الشغل".

وفي ما يلي الحوار:

بلغكم صدى تفاعلات الأساتذة اثر الاتفاق مع وزارة التربية وردود الفعل الغاضبة، كيف كان تقبلكم في الجامعة لهذه التفاعلات؟

نبيل الحمروني: حقيقة نتفهم غضب المدرّسات والمدرسين بشأن مضمون الاتفاق، فهو بالفعل اتفاق لا يرتقي بالمرة إلى الحد الأدنى وجميع الملاحظين والنقابيين يتحدثون على اتفاق الحد الأدنى.

كيف ذلك؟

نبيل الحمروني: كان في تصوّرنا وفي انتظارات المدرسّات والمدرسين أن تكون الزيادات مُرضية وتعوض التدهور الرهيب في مقدرتنا الشرائية، لكن ما حدث أنه وقع ترحيل صرف الزيادات إلى سنة 2026، وهنا سينتظرنا إلتهاب كبير في الأسعار ورفع الدّولة يدها على الدعم وعلى كل ماهو قطاع عمومي، وبالتالي فالزيادة الموقعة ستكون بلا معنى وسوف يقع افراغها من محتواها، اضافة إلى أن عددا كبيرا من زملائنا الذين افنوا حياتهم في التعليم سوف يتقاعدون ولن يتمتعوا بهاته الزيادة. لذلك نعتقد أن الاتفاق لم يكن في مستوى انتظارات القاعدة الأساتذية وتضحياتهم وتطلعاتهم.

ما حقيقة انسلاخ أساتذة عن الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية بنود الاتفاق مع الوزارة؟

نبيل الحمروني: نتفهّم الغضب والاستياء من بنود محضر الاتفاق، لكن ما لا نستطيع تفهمه هو حالات الانسلاخ من الاتحاد العام التونسي للشغل، والحال أن المسألة ليست مرتبطة بالأشخاص. فالاتحاد منظمة وطنية قدّمت الغالي والنفيس لهذا الشعب، والاتحاد ارتبط  بمعركة التحرّر الوطني فيُفترض أن لا يفرّقنا اتفاق وأن يصل الأمر إلى الانسلاخ، ونحن نعلم جيّدا الاطراف التي تدفع لهذا الانسلاخ وافراغ الاتحاد من أي مضمون نضالي.

يعني هناك من استغل هذا الوضع للدعوة للانسلاخ عن الاتحاد؟

نبيل الحمروني: بطبيعة الحال هناك أطراف استغلّت الخلاف مع الوزارة لتحرّض على الانسلاخ، وبالدليل فقبل الذهاب لامضاء الاتفاق، كانت بطاقات الانسلاخ جاهزة داخل قاعات الأساتذة، بما يعني أن هناك مخطّطا من قبل أطراف أصبحت معلومة تريد أن تُفرغ الاتحاد من مضمونه والانقضاض عليه مستقبلا من أجل غايات سياسية ونقابية أخرى.

من هي هذه الأطراف؟

نبيل الحمروني: هي جهات سياسية وأطراف نقابية، فعندما نتحدث عن "المنظمة التونسية للتربية" وعلى المنظمات الأخرى على شاكلة "الكنفدرالية العامة التونسية للشغل" و"المنظمة التونسية للشغل" التي كان يقودها لسعد عبيد ندرك جيّدا انها أطراف معلومة وتشتغل منذ مدّة ولها أجندات أصبحت غير خفية عن الجميع.

نحن نعتقد أن دعوات الانسلاخ لن تجدي نفعا ونطلب من زملائنا العدول عن هذا السلوك الذي سيظر بمستقبل القطاع. أتفهم ان الاتفاق دون المأمول لكن الحل ليس بالانسلاخ والهروب والخروج بل بالبقاء داخل المنظمة والصراع من الداخل وتشجيع الخط المناضل والممانع والخط الذي ينتصر للقاعدة الأستاذية.

هل كانت جامعة التعليم الثانوي مُكرهة على الامضاء على محضر الاتفاق رغم رفضه من قبل العديد من داخل الهيئة الادارية؟

نبيل الحمروني: للتدقيق كان لديّ موقف رافض لهذا الاتفاق وعبرت عنه داخل الهيئة الادارية، والمسألة تتعلق بما وقع إقراره من الهيئة وتكليف الجامعة العامة بالامضاء على الاتفاق. صحيح كانت هناك ضغوطات في علاقة بالامتحانات الوطنية وصحيح مارست الوزارة سياسة المماطلة والتسويف لدرجة أنها وضعتنا أمام وضعية مأزقيّة ازاء الامتحانات الوطنية التي كان لنا موقف منذ البداية أن لايقع المساس بها لأنها مسألة اجتماعية تمس العائلات التونسية.

لكن الذهاب إلى الحديث عن الدولة العميقة وأن هناك أطراف أخرى دفعت لعدم امضاء الاتفاق، فهذا مُجانب للواقع والحقيقة. لأنه عندما نرى صدى قاعات الأساتذة والواعين والمتشبثين بالمنظمة نفهم رد الفعل والسخط والغضب.

هل طويت صفحة المفاوضات؟

نبيل الحمروني: صحيح خسرنا معركة وشوطا ولكن لم نخسر الحرب، فالحرب سجال ونعتبر اليوم أن القطاع مازال لديه الكثير مما يقدمه لما فيه خير في المستقبل، وأن يتوحد على قاعدة نضالية من أجل انتزاع أكثر حقوق.

صحيح صفحة وطُويت ووقع امضاء الاتفاق، لكن أعتقد أن القطاع مُقدم على مهامّ كُبرى أوّلا في علاقة ببعض المطالب الخصوصية، وبعد انعقاد مؤتمر الجامعة العامة للتعليم الثانوي بعد أشهر، سيكون مناط بعهدتها أن تضبط استراتيجية ومحاور عمل سواء تعلق بالجانب المادي أو المعنوي، خاصة في علاقة بالاصلاح التربوي الذي لا يقل أهمية عن بقية المطالب الأخرى. أيضا نحن مطالبون بتسوية وضعية النواب التي ستتشكل لجنة من أجل النظر في وضعيتهم في علاقة بإنهاء أشكال العمل الهش.

هناك مهام كبيرة تنتظر الجامعة العامة القادمة وتنتظر القطاع، ونعتقد ان دعوات الانسلاخ لن تجدي نفعا ونطلب من زملائنا العدول عن هذا السلوك الذي سيظر بمستقبل القطاع والحل كما قلت ليس بالانسلاخ والهروب بل بالبقاء والنضال.

تعرض الكاتب العام الأسعد اليعقوبي لحملة "شيطنة" ماهو موقفكم من ذلك؟

نبيل الحمروني: هناك أمر يجب أن يكون واضحا في أذهاننا، نحن ضد الشخصنة وضد السب والشتم وهتك الأعراض، فهذا مرفوض سواء في علاقة بالاخ الاسعد اليعقوبي أو أي أخ من أعضاء جامعة التعليم الثانوي. ذهب البعض إلى الدخول في مسائل شخصية وذاتية والحال أنها لا تعنيهم. صحيح هناك حالة من الاسفاف والانحطاط والنزول إلى القاع وهذا مرفوض جدّا، فالنقد والقول إن هذا الاتفاق دون المأمول وغير مُرضي جائز، لكن ان يقع نعت الاشخاص بنعوت لا أخلاقية هذا نرفضه ونتصدّى له وندّد بكل من يمس الأشخاص والأعراض..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.