اكد الخبير الاقتصادي فتحي النوري ، اليوم الجمعة 07 مارس 2014 ، ان الحكومة الحالية لمهدي جمعة لم تدخل فعليا في سياسة الرفع الكلي لآلية الدعم عن المواد الاستهلاكية و الطاقية ، و ان ما تشهده هذه الاخيرة من ترفيع في الاسعار بصفة ملحوظة يدخل أساسا في تخفيف العبء عن ميزانية الدولة و محاولة تشريك المواطن في المساهمة في حجم الميزانية و التي لم تتجاوز خلال السنوات الماضية الـ20في المائة من القيمة الجملية في حين تتحمل لوحدها الدولة 80 % .
و أضاف النوري في تصريح لحقائق اون لاين ان الدراسات و الأبحاث ، التي قامت بها الجهات المختصة بهدف تحديد النسبة الحقيقية للطبقات المتوسطة و الضعيفة في تونس، كشفت ان هذه الفئات لا يصلها سوى 12 % من صندوق دعم المواد الاستهلاكية و 15 % في المواد الطاقية بينما تنفرد الطبقة الميسورة بالنسبة المتبقية و الغالبة، وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا و حازما لإيقاف هذا النزيف الحاد لمصاريف الدولة،موضحا ان الهيئات الاقتصادية العالمية و على راسها البنك الدولي سبق ان نبهت البلاد التونسية من خطورة هذا الوضع المتواصل على الاقتصاد المحلي و الذي من شانه ان يفجر ازمة عميقة في صورة عدم اتخاذ خطوات عملية و استعجالية لتدارك الوضع.
كما قال استاذ الاقتصاد ان دولا عديدة سبقت تونس الى التخلي عن سياسة الدعم و شهد اقتصادها نموا كبيرا و عرفت نجاحا باهرا و ذلك بارتفاع الناتج الداخلي الخام بهذه البلدان المتقدمة و حتى النامية منها ،مشددا في نفس الوقت على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عقلية الشعوب و نسبة تحضرها ووعيها الى جانب تكوينها الآكاديمي و العلمي و الذي يلعب دورا كبيرا في ضمان نجاح هذه التجربة من عدمه.
و أشار فتحي النوري الى ان الاعلان عن الاستغناء عن سياسية الدعم لا يتم بصفة فجئية و انما يتطلب سنوات عدة و بصفة تدريجية يتم خلالها تطبيق آليات دقيقة و مدروسة لتعويض الفئات الضعيفة حتى تقاوم الفرق الكبير بين الاسعار القديمة و الجديدة و التي من المنتظر ان تكون في شكل منح شهرية يتم صرفها لكل عائلة او توفير بطاقات خاصة يتم على اثرها التمتع بأسعار تفاضلية عند عملية الشراء.
و افاد محدثنا ان الاستغناء عن سياسة الدعم و التي تخصص لها الدولة سنويا ما يقارب 5000 مليون دينار سيساهم من الرفع في نسق الاستثمار الحكومي و خلق مداخيل اضافية للدولة دون الالتجاء الى الديون الخارجية ، مضيفا ان هذا الاجراء سيسمح بصفة مؤكدة بترشيد الاستهلاك و القضاء على مظاهر الاستهلاك الفوضوي .