ناجي جلول في حوار لـ"حقائق أون لاين": لنا ولاء مطلق لرئيس الجمهورية..وهذه هي ملامح الحكومة القادمة

محمد اليوسفي

على الرغم من الوضع السياسي الراهن الذي تكتنفه حالة من الضبابية في ظلّ امكانية رحيل الحكومة الحالية بناء على مخرجات مبادرة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي،فإنّ القيادي في نداء تونس ووزير التربية الحالي ناجي جلول يواصل عمله إلى ساعة متأخرة من الليل حيث التقته حقائق أون لاين مساء الامس الثلاثاء على هامش اجتماع جمعه بالمندوبين الجهويين بالتوازي مع انعقاد فعاليات الملتقى الوطني للخدمات المدرسية في ولاية المنستير.

جلول بدا من خلال قبوله الاستجابة لطلب محاورته في تلك الظروف وكأنّه يريد تمرير رسالة مفادها أنّ الدولة موجودة ومستمرة في العمل بكبار موظفيها وادارييها حتّى وان تغيّرت الحكومة أو الوزير نفسه.

في هذه المقابلة التي سعينا إلى أن تكون بلا قفازات تحدّث ناجي جلول عن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية ونداء تونس والائتلاف الحاكم وخاصة عن الحكومة الحالية ورئيسها الحبيب الصيد، معلنا أنّه سيكون من بين الحاضرين يوم 30 جويلية الجاري في مجلس نواب الشعب خلال التصويت على الثقة من عدمها .

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

كنتم مؤخرا من بين الوزراء الندائيين الموقعين على بيان مساندة لمبادرة رئيس الجمهورية بطريقة وصفت من قبل عديد المنتقدين بكونها تعكس انقلابا على رئيس الحكومة. ألا ينطوي ذلك على ضرب لكلّ أعراف التضامن الحكومي وأنتم جزء من الفريق الحكومي للحبيب الصيد؟

أولا نحن في معترك عملية ديمقراطية منبثقة عن انتخابات ترشحت لها أحزاب سياسية من بينها نداء تونس والنهضة وآفاق وقد نظمت انتخابات رئاسية تقدّم فيها الباجي قائد السبسي،إذن نحن حاليا في نظام برلماني يقوم على الأحزاب وليس نداء تونس هو الحزب الذي اختاره بل من سبقه في الحكم.

نحن اشتغلنا لمدة تفوق السنة ونصفا بتضامن تام مع الحكومة ورئيسها. اليوم جاءت مبادرة رئيس الجمهورية ودون مزايدات البيان الصادر عن وزراء نداء تونس فيه مساندة للمبادرة وهو لا يحتوي لا على تمرد ولا على ثلب بل بالعكس أنا أكثر شخص يخرج في الاعلام ويقول انّ هذه الحكومة ليست فاشلة  .

مساندتنا لمبادرة رئيس الجمهورية كانت مثل مساندة السيّد الحبيب الصيد وأغلب الاحزاب لها .فأين التمرد الذي يتحدث عنه البعض؟

ولكنّ المبادرة في حدّ ذاتها إذا ما نظرنا اليها بطريقة فاحصة في خلفياتها وأبعادها هي تعني ضمنيا اقرارا بفشل  الحكومة؟

أبدا(يكررّها  3مرّات). بل بالعكس رئيس الجمهورية كان واضحا وأنا أشدّد على أنّ الحكومة الحالية حقّقت نجاحات.

فلماذا تغييرها إذن مادامت قد حقّقت نجاحات؟

لأنّ المرحلة تغيّرت.على سبيل المثال فريق في كرة القدم يمكن أن ينتصر ولكن أداءه يكون ضعيفا والمدرب يقرر حينها أنّ بعض اللاعبين في المباراة اللاحقة سيتم تغييرهم مقابل الابقاء على البعض الآخر.وربّما يقع تغيير المدرب أيضا.

المسألة غير متعلقة بتغيير رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية هو في حقيقة الامر لم يطالب بذلك.أنا دائما أقول فيزياء نيوتن صحيحة وفيزياء أنشتاين صحيحة. وكلّ فيزياء لها مرحلة.

المرحلة الاولى كانت مرحلة سنّ القوانين وإعادة هيكلة العمل الحكومي ونجحت الحكومة في هذا. أما المرحلة القادمة فهي تتطلب توسعة قاعدة الحكم لانها مرحلة اجتماعية بامتياز.هي مرحلة اجراء الاصلاحات الكبرى وتفعيلها.وهذا يتطلب قاعدة سياسية أوسع.

في كلّ الأزمات والمراحل التي تتطلب اصلاحات كبرى تكون في بعض الاحيان أليمة يتم توسيع قاعدة الحكم.

المبادرة دورها الوحيد هو توسيع قاعدة الحكم وهي لا تهدف إلى تغيير الحبيب الصيد كما يصور ذلك البعض.ورئيس الجمهورية لم يطالب في يوم من الأيام باستقالة السيّد الحبيب الصيد.وهذه المبادرة ستنجز ربما بالسيّد الحبيب الصيد أو بغيره.

وهل ستحضرون جلسة 30 جويلية الجاري في البرلمان التي ستكون محدّدة لمستقبل الحكومة الحالية ؟

طبعا سأكون من بين الحاضرين. أولا لأني أحترم الدستور ولكي أعرب عن الايمان الراسخ بمبدإ التضامن الحكومي ونحن فريق متكامل ونتحمّل مسؤولية الحصيلة مع بعضنا البعض.

هذه الحكومة لها نجاحات وليس لها أيّ شيء تخفيه وهي ككل الحكومات لها اخفاقات وهذا أمر طبيعي.

الحكومة الان وصلت إلى مرحلة معينة وهذه هي افرازات النظام البرلماني.

الحكومات في الانظمة الديمقراطية تتغير واليوم في فرنسا وزير الاقتصاد له خلافات مع رئيس الوزراء فالس ولكن الحكومة تشتغل بطريقة طبيعية.

نحن لسنا في الاتحاد السوفياتي بل نحن في نظام ديمقراطي لنا خلافاتنا داخل الحكومة ولم نأت من نفس الأحزاب ورغم ذلك اشتغلنا مع بعضنا البعض وكانت هناك أرضية للعمل الحكومي.

في اعتقادي الشخصي تلك هي الديمقراطية وفي آخر الدورة النيابية الحالية سنتقدّم إلى  الناخبين بحصيلة ونحن في نداء تونس سنحاسب حول مسألة مدى تطبيق برنامجنا.

أشرتم إلى اشكالية النظام السياسي القائم حاليا وكأنكم تريدون التقليل من شأن مسؤولية الأحزاب المشكلّة للائتلاف الحاكم في التعثرات الراهنة وفي مقدمتها نداء تونس والتي هي في حقيقة الامر مجتمعة تحوز على  الأغلبية البرلمانية الساحقة تقريبا ؟

هل يتحمّل نداء تونس مثلا مسؤولية حصول شغور في منصل كاتب عام ولاية سوسة منذ سنة تقريبا؟

هل يتحمّل أيضا عدم وجود بعض المعتمدين منذ فترة طويلة؟

هل يتحمّل نداء تونس تراكم أكوام الزبالة في البلاد؟

النداء حزب له مشاكله وهو حديث النشأة .والحكومة لم تعرف مساندة سياسية قوية من كلّ الأحزاب دون استثناء.أنا شخصيا ابان الازمات التي عرفتها وزارة التربية ساندني حزبي ولكن ليس بالشكل الكافي والمطلوب لاننا في نظام سياسي غريب وهجين.

نداء تونس ربما يتحمل جزءا من هذا الشعور بعدم الرضاء على العمل الحكومي.

وكيف تفسّرون حرب التصريحات والاتهامات الخطيرة المتبادلة بين قيادات النداء والتي وصلت حدا يصح نعتها فيه بالتناحرات واليوم هناك لفيف من الرأي العام والمتابعين للشأن السياسي يرون أنّها ألقت بظلالها على أجهزة الدولة ومؤسّسات الحكم؟

التناحرات والخلافات العميقة توجد حتى في الاحزاب الاخرى.لماذا يحمّل نداء تونس فقط كلّ هذا الوزر؟

نداء تونس ككل الطيف السياسي يتحمّل جزءا من الاخفاقات. والطبقة السياسية في تونس مازالت جديدة وفي طور سنة أولى ديمقراطية.

يبدو أنكم متفائلون بشكل مفرط يشي بأنكم تنتظرون من الحكومة القادمة في ظلّ الوضع الحالي أن تكون بمثابة حصان طروادة؟

حصان طروادة ارتبط بذكرى أوليس الذي عاقبته الآلهة لمدة عشر سنوات وهو يهيم على البحر الابيض المتوسط. وجاء الى جربة وذاق من التمر الجميل. حتّى أوليس ارتبط بحرب طروادة وجزء ممن هزموا هناك جاؤوا إلى تونس وعمّروا فيها.

(مبتسما) لا. أنا لا أحمّل المسؤولية لنداء تونس. حكومة الحبيب الصيد أنا جزء منها وأفتخر بالانتماء اليها . لقد قامت بما ماهو ممكن في ظرفية سياسية واقتصادية وأمنية صعبة. هي قدمت خدمات للشعب وأنا أحيي السيّد الحبيب الصيد على ما قدمه كما أحيي  زملائي الوزراء .

نحن الان في وضعية تشبه الحرب وهي تتطلب أسلحة معينة وتكتيكا معينا.

مبادرة رئيس الجمهورية والتي يعاب علينا مساندتها ماذا فيها؟ هي تشير إلى الازمة الاقتصادية ومن يقول العكس في هذا الجانب.هو أيضا تحدث عن المشاكل الامنية التي يعرفها الجميع.وهي أشارت إلى البطء الحاصل في مسألة تسيير المؤسسات وهذا معلوم.

ولكن الحصيلة والتشخيص للوضع الحالي الذي قدّمه رئيس الحكومة في حواراته الصحفية الاخيرة مخالف في بعض المسائل لما جاء في مبادرة رئيس الجمهورية؟

السيّد رئيس الحكومة لم يقدّم جردا بحصيلة حكومته إلى حدّ الآن.

هو على سبيل الذكر اعتبر في حواره مع قناة التاسعة أنّ الوضع ليس كارثيا وحكومته حقّقت نتائج جيّدة رغم التعثرات ودقّة المرحلة وهذا يختلف عمّا صرّح به الباجي قائد السبسي؟

لم يقل أيّ أحد ان الوضع كارثي.في الحقيقة الوضع حاليا يجوز وصفه بالصعب نظرا لتراكمات والأوضاع الاجتماعية والظرفية الاقليمية.

والخروج من هذا الوضع الصعب يتطلب اجراءات جديدة. وأوّل هذه الاجراءات اعطاء دفع جديد للعمل الحكومي.للاسف الشديد البعض حمّلوا مبادرة رئيس الجمهورية ما لا تحتمله.

نحن قلنا اننا كنا وسنبقى متضامنين مع الحكومة والسيّد رئيس الحكومة.ونحن متضامنون مع السيّد رئيس الجمهورية. ونحن أيضا متضامنون مع حزبنا نداء تونس.

أين الاشكال في أن يكون المرء متضامنا مع زوجته وأبنائه وأمّه وأبيه؟

لماذا من الناحية السياسي نقصي الهويات؟ نحن ننتمي إلى نداء تونس ولنا ولاء مطلق لرئيس الجمهورية باعتبار أنّنا جزء من مشروع الباجي قائد السبسي.وكذلك نحن متضامون مع الحكومة التي هي في نهاية المطاف رئيسها عينه السيّد رئيس الجمهورية ونداء تونس.

ولا يمكن لنا من الناحية الاخلاقية والادبية أن نتخلى عن مسؤوليات نداء تونس.

كيف ترون ملامح الحكومة الجديدة وأرضيتها السياسية إن كتب لها أن ترى النور؟

يجب أن تكون حكومة تعتبر من أخطاء الماضي.

ماهي هذه الاخطاء؟

يجب أن تكون لها قدرة كبيرة على الاتصال الذي كان من بين احد اخفاقات الحكومة الحالية.

لابد من ارساء سياسية اتصالية قويّة.

يجب أن تكون حكومة لها جرأة على تنفيذ القرارات وتعجل في تطبيق الاصلاحات الكبرى. لابد من مصارحة الشعب التونسي حول الوضع الامني ويجب أن تكون حكومة قادرة على التفاوض مع الاطراف الاجتماعية.

يجب أن تكون حكومة تعطي للعمل الحكومي بعدا اجتماعيا.نحن حاليا في مرحلة اجتماعية بامتياز.لابد من حلّ الملفات الاجتماعية وعلى رأسها مشكلة البطالة والتنمية فتونس منذ 20 سنة تحقق كثيرا من النمو دون تحقيق تنمية.هذه الحكومة يجب أن ترتكز على البعد الاجتماعي فتهتم بالملفات الكبرى مثل الارهاب والاقتصاد والتعليم والصحة الخ.

هي حكومة يجب ان تكون أيضا سياسية بامتياز.

وماذا عن رئيس الحكومة ، هل سيكون من نداء تونس؟

اختيار رئيس الحكومة دستوريا وسياسيا هو من اختصاص رئيس الجمهورية.نحن في نداء تونس نحبذ أن يكون من الحزب .نحن نحترم اختيارات رئيس الجمهورية وفي نهاية الامر رئيس الحكومة يجب أن يكون رجل وفاق قادرا على مخاطبة التونسيين لاعطاء الامل وخلق حلم من أجل تجميع المواطنين حول مشروع كبير يخرج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويفتح لها آفاقا جديدة.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.