رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية: الإشكال ليس في النظام السياسي وإنما في الفاعلين ..رئاسة الجمهورية لن تنجح في ادارة حوار بمنطق الإقصاء

حاوره: بسام حمدي-
اقترح رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية أحمد إدريس انفتاح الحوار الوطني على منظمات وطنية أخرى فاعلة للمساهمة في ايجاد حلول سياسية واقتصادية ذات نجاعة عالية.
ويرى إدريس أن مؤسسة رئاسة الجمهورية لن تقدر على إدارة حوار وطني ناجح في حال تمسكت بإقصاء أي طرف ممثل في المشهد البرلماني والسياسي، ملاحظا أن نجاح الاتحاد العام التونسي للشغل في إطلاق حوار وطني رهين انفتاحه على كل مكونات المشهد السياسي دون رفض مشاركة أي طرف.
مسائل أخرى تخص مدى قدرة الأحزاب السياسية في تونس على التنظم علميا في هيكلتها وسبب فشل الفاعلين السياسيين في استيعاب النظام السياسي الحالي تحدث عنها رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية أحمد إدريس في الحوار التالي:
 
س: -يقوم مركز الدراسات المتوسطة والدولية عن طريق معهد تونس للسياسة بتنظيم دورات تكوينية للفاعلين في المشهد السياسي، هل التمستم تطورا في أداء الأحزاب بعد الدورات التكوينية، وكيف تقيمون تعاملها مع المشهد العام؟
ج: – الأحزاب السياسية في تونس في وضع لا تحسد عليه، وعوض أن تكون هي المحرك الأساسي للمشهد السياسي وللديمقراطية الناشئة، منعتها هشاشتها  وأثرت على دورها في تأسيس مشهد سياسي جديد، وبقيت هذه الأحزاب تمثل جزء ما كان سائد قبل 2011 فيما تحاول أحزاب أخرى تجاوز السائد.
نحاول عن في مركز الدراسات المتوسطية والدولية وعن طريق أنشطة معهد تونس للسياسة أن نساعد الأحزاب على أن تتهيكل و تتنظم بشكل أفضل لأن التنظم والهيكلة السليمة ستساعدها على ارساء الديمقراطية التي تحتاج اليها، ولا يمكن التخلي عن الأحزاب من الحياة السياسية لأنه والى حد الآن فإن التنظيم الوحيد الذي بامكانه ان يعبر عن ارادة الناس هو الحزب السياسي لأن الحزب دوره أن يهيكل مطالب الناس.
س: – هل خرجت الأحزاب التونسية من دائرة التنظم حول فكرة معينة؟
ج: -الأحزاب لا بد أن تفهم أن مرحلة اجتماع مجموعة حول فكرة معينة قد تجاوزتها الأحداث و لا بد أن تكون منتظمة بشكل علمي لأنها تحتاج الى تخطيط استراتيجي، لكن في تونس ظلت الكثير من الأحزاب قائمة على فكرة تقليدية تنظيمية دون التخطيط هيكليا والسائد اليوم هو أن عدد قليل من الأحزاب قائم على فكرة التنظم الاستراتيجي للأحزاب.
س: – ما تأثير غياب التنظم الهيكلي العلمي عن الأحزاب عن تجربة الحكم بعد الثورة؟
ج: الأحزاب فشلت في أن تلعب دورها بشكل جيد وجدي في تجربة الحكم وفي تحريك المشهد السياسي وخاضت تجربة الحكم وهي ليست مهيأة لخوضها، لو استعدت هيكليا ربما كانت ستحقق نجاحا نسبيا ، لكنها دخلت تجربة الحكم على أساس أنه بامكانها أن يكون لها ممثلين في الحكومة دون أن تكون لهم التجربة الكافية ودون أن يكون سندهم الفكري سندا واضحا إلى درجة أننا لاحظنا أن كل من تولى منصبا وزاريا وكأنه انقطع عن الحزب.
س: – ماهي مقترحاتكم لتطوير أداء الأحزاب؟
ج: اقترحنا على الأحزاب أن نتعاون في اطار برنامج التخطيط الاستراتيجي التنظيمي الذي يتم ضمنه تخصيص خبراء على ذمة الأحزاب للمساعدة على التخطيط في وضع خطط يضعها الحزب بنفسه، وفي السنوات الفارطة استفادت من هذه التجربة حركة الشعب وحزب المبادرة وحزب التيار الديمقراطي، ونحن نسعى أن تستفيد منها أحزاب أخرى ونحن على ذمتها للمساعدة على التنظم دون التدخل في مضمون التخطيط الاستراتيجي لها, لدينا برامج لنقدم الدور الأكاديمي للمساعدة على وضع استراتييجية التنظم لخوض الانتخابات القادمة بأكثر أريحية.
وأود هنا أن اشير إلى أن المركز يكوّن شباب الأحزاب المبتدئين في السياسة لتمكينهم من سبل وضع ورقات سياسية وسياسات عمومية لأحزابهم، كما نكوّن أعضاء المكاتب السياسية للأحزاب وأقمنا عدة دورات تتعلق بوضع خطط استراتيجية.
وفي معهد تونس للسياسة ندعم البرلمان من خلال الأكاديمية البرلمانية للمعهد التي يتلقى فيها نواب تدريبات حول صياغة القوانين والقيام بالمهمة الرقابية وكذلك صياغة مقترحات قوانين، ونقدم تدريبات في الجانب النظري ووفي كل ما يتعلق بإدارة الحكم والخوض في كل المسائل التي يتعرض لها الدستور وكذلك تدريبات تخص المهارات التنظيمية حتى يمكن للمتدرب أن يساعد الحزب على التنظم وكيفية صياغة البرامج الانتخابية والحملات الانتخابية ومسألة القيادة والتواصل السياسي.
س: – موجة جديدة من العنف السياسي تعصف بالمشهد العام خلال هذه الفترة، هل لديكم برامج تخص التصدي لهذا العنف؟
الهدف من التدريبات هو التشجيع على التعايش والقبول بالآخر ونحاول من خلال فضاءات التكوين خلق فرص الالتقاء بين مكونات المشهد السياسي، وترسخت لدى الكثيرين فكرة القبول بالآخر وبعضهم نواب اليوم في البرلمان.
س: في هذا الشأن، هل التمستم قابلية لدى الأحزاب للتخلي عن الخطاب العنيف؟
ج: الأحزاب السياسية لديها قابلية للتطور في التعامل فيما بينهم وغالبا ما تتغير أفكار بعض عناصرها لتصبح قابلة أن الأحزاب الأخرى مجرد منافس سياسي.
س: -ما مدى نجاعة خطة الحوار بين الأحزاب التي يديرها المركز؟
 إن مجلس الحوار بين الأحزاب يجتمع بشكل دوري وهو مجلس يضم الأحزاب البرلمانية والأحزاب التاريخية ويعمل على اجتناب الخصومات، لكن الاكتفاء بالنقاش في النقاط التي تلتقي حولها الأحزاب يضعف دور هذا المجلس في حل الأزمات السياسية. 
س: -هل من الممكن أن يكون مركز الدراسات المتوسطية والدولية طرفا في مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل؟
ج: -حجم المركز صغير بالمقارنة مع المنظمات الوطنية الفاعلة في المشهد السياسي والأحزاب في تونس لا تمتثل إلى لغة الحوار إلا اذا كان هناك طرفا قويا فاعلا يفرض عليها الحوار مثل اتحاد الشغل، الخوف اليوم من ألا تقبل الأطراف التي قبلت دور الاتحاد في حوار سنة 2013 لعبه نفس الدور في الأزمة الحاصلة سنة 2020.
أعتقد أنه لو لجأ اتحاد الشغل إلى أطراف مدنية أخرى فان ذلك سيساعد على حلحلة الأمر علما وأن الأحزاب الممثلة في مجلس الحوار بين الأحزاب التابع للمركز تقبل بأن يلعب المركز دورا حياديا، ومن الممكن أن نقدم مقترحات فيما يخص الحوار الوطني خاصة وأن لدينا قنوات التواصل مع الأحزاب بالشكل الذي يضمن لنا القدرة على التواصل.
س: هل ترون أن رئاسة الجمهورية قادرة على إدارة حوار وطني؟
ج: -لا يمكن لمؤسسة رئاسة الجمهورية إنجاح الحوار الوطني في حال تمسكت باقصاء أي طرف سياسي من هذا الحوار واتحاد الشغل بدوره لا بد أن يستوعب الجميع في مبادرته.
س: – لديكم برنامج خاص بالشباب والمرأة واقحامهم في العمل السياسي، ماهي ملامحه؟
ج: – نعمل في برنامجنا الجديد على ألا يكون دور المرأة والشباب صوريا وأن يكون دورهم أقوى في الحياة السياسية، جزء كبير من الشباب ليس منتم لا للجمعيات وللأحزاب، وسنعمل على اقناعهم بضرورة المشاركة في الحياة السياسية وأن يكون له دورا فاعلا ولا يكون فقط مجرد محرك خلال الانتخابات.
س: – كيف تقيم طبيعة النظام السياسي الحالي؟
ج: -النظام السياسي يتكون 3 عناصر ، نظام وفاعلين وثقافة، والمشكل في النظام السياسي التونسي ليست في النظام وإنما في الفاعلين وفي الثقافة، والى حد اليوم لا يمكن القول أن النظام السياسي قد طُبق بحذافره، وهنا يمكن القول أن النظام صيغ بشكل لم يأخذ بعين الاعتبار الثقافة والفاعلين، والإشكال ليس في النظام الحالي، وفي حال تغيير النظام سيصطدم النظام الجديد بنفس الفاعلين والثقافة والمشكل في مدى تأقلم الفاعلين والثقافة مع النظام.
أعتقد أن الاشكال اليوم يتعلق بالنظام الانتخابي وما ينقصنا هو فاعل برلماني قوي قادرا على تشكيل أغلبية برلمانية قوية.
 
 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.