بن سالم: قيادة النهضة تكبرت على القوى الوطنية.. ويجب أن نتوحد ضد الاستبداد مثلما حدث في 18 أكتوبر

مروى الدريدي-

منذ إعلانهم في شهر سبتمبر الماضي عن استقالتهم من حزب حركة النهضة، لم تطرح المجموعة المستقيلة وعددهم 113، بينهم قيادات تاريخية وأعضاء في مجلس الشورى ونواب بالبرلمان، عن برنامجها وخطتها للفترة المقبلة، ويرى محللون للشأن السياسي أن هذه القيادات لن تندفع وراء انشاء حزب سياسي جديد مع وجود أكثر من 200 حزب في تونس، وخاصة مع انعدام الثقة في الأحزاب السياسية.
حول هذا الموضوع، وغيره من التساؤلات الأخرى تحدثت حقائق أون لاين، مع الوزير الأسبق والقيادي المستقيل من حركة النهضة، محمد بن سالم، الذي كان لنا معه الحوار التالي:
 
هل توجد إمكانية للعدول عن الاستقالة والعودة مجددا للنهضة؟
 
إمكانية الرجوع للحزب مسألة مفروغ منها نهائيّا، فنحن لم نصل إلى قرار الاستقالة من النهضة إلا بعد مرور 8 سنوات على أمل اصلاح الحزب، أي قبل المؤتمر العاشر بسنتين، وبعد 4 سنوات مضت بين المؤتمر العاشر والحادي عشر، والآن قرابة سنتين بهد انتهاء الموعد القانوني للمؤتمر الحادي عشر.. واقتنعنا في الأخير بفشلنا في إصلاح الحزب، والسؤال هنا كيف صبرنا لثماني سنوات ونحن مستغربون من ذلك، فالاختلافات عميقة جدا بيننا وبين القيادة، في السياسات والتوجهات والتحالفات، ورغم ذلك طالما دافعنا على وحدة الصف.. ويمكن القول إننا أضعنا 8 سنوات كنا من الممكن أن نفيد فيها البلاد أكثر من بقائنا في النهضة.
 
هل كانت هناك وساطات من قيادات في النهضة او اتصالات من رئيسها راشد الغنوشي لثنيكم عن الاستقالة؟
 ليس لي علم بهذا.. أنا شخصيا لم يتصل بي أحد، ربما هناك من يريد ذلك لكنه "تكتيك" ونحن مللنا "التكتيك"، فإن كان هناك ما "كسّر" حركة النهضة فهو المبالغة في "التكتيك"، أي التفريط في ماهو استراتيجي ومبدئي واللّهف وراء "التكتيك" وبالتالي مسألة الاستقالة لا رجوع فيها.
 
ماهي خطوتكم القادمة؟ هل تفكرون في الانضواء تحت حزب سياسي جديد؟
 
تكوين حزب سياسي ليست الأولوية القصوى حاليا، نحن نرى كيف أن البلاد تهددها الدكتاتورية ويهددها نظام شمولي وتجميع السلط في يد شخص واحد، وبالتالي فتكوين حزب ليس أولوية حاليا، بل مقاومة الانفراد بالسلطة..
 
لكن هذه المقاومة في أي إطار ستكون؟
 
ستكون في إطار وطني، نحن نعلم أن ماعجّل بخروج النهضة من الحكم هو أن القيادة الحالية حطّمت جميع الجسور التي تربطها مع القوى الوطنية في البلاد، فقد تكبرت على القوى الوطنية ولم تكن قادرة على بناء أي شيء على الاطلاق مع أي جهة، لأن مقاومة الاستبداد لا يمكن أن تكون بين حركة ودولة، يجب أن تكون جماعية مثلما حدث في 18 أكتوبر 2005 زمن الدكتاتورية السابقة، يوم نسى الجميع اختلافاتهم وتوحدوا.
ورغم الفارق بين ذلك التاريخ واليوم، لكن يجب أن نتجاهل الفروقات بيننا، وليس المطلوب أن نكوّن حزبا اندماجيّا فلكل قناعاته، لكن القناعة المشتركة هي الحرية التي كان ثمنها غال جدا، التي اكتسبناها بفضل نضالات عشرات الالاف الذين دخلوا السجون، والمئات ممن ماتوا تحت التعذيب، لذلك لا يجب أن نسلّم في هذه المكاسب وكأنها جاءت بسهولة، فالحرية والديمقراطية في بلدنا لم تأت بثمن زهيد حتى نسلم فيها بأبخس الأثمان.
 
هل نفهم أنه يمكن أن تندمج القيادات المستقيلة من حركة النهضة مع شخصيات وطنية تحت جبهة موحدة؟
 
من ناحية مبدئية لا وجود لأي مانع، ولكن هناك من سيعتقد أنه "تكتيك" جديد من النهضة، لكن ما أؤكده أنها مسألة مبدئية، وبالتالي نحن على استعداد للتعاون مع كل الفرقاء للدفاع عن الديمقراطية وبعدها لكل منا طريقه، لسنا مطالبون بالدخول في حزب موحّد أو جبهة فليست الفائدة في التسميات بل في الاعلان عن معارضتنا لرجوع بلادنا للاستبداد.
 
نرى اليوم استهدافا للقضاء، ونعلم جيدا أن أهم شيء في الديمقراطية هو الفصل بين السلطات واستقلال كل سلطة عن الأخرى، الان هناك تكسير لكل ما بُني في 10 سنوات بمراسيم وهو أمر لا يمكن أن يستوعبه أي عقل.
 
دعوات كثيرة تطالب رئيس الجمهورية بأن يفتح ملفات الفساد التي قيل إن قيادات من حركة النهضة تورطت فيها، فضلا عن دعوات لفتح ملف الجاز السري، ما تعليقك؟
 
أنا دعيت رئيس الجمهورية منذ أشهر (قبل الانقلاب)، ورجوته على اعتبار رفعه لشعار محاربة الفساد، إن كانت لديه ملفات فساد تهم قيادات من النهضة أو قيادات من أحزاب أخرى، أن يبدأ بها ليطمئن التونسيين، ورجوته بأن يقدم الملفات للقضاء وأن يعمل عليها القضاء بكل استقلالية، ونحن أكثر أشخاص من المفروض أن نكون معه في هذه المعركة.
 
أمّا ما يروّج على الفيسبوك من ادعاءات بخصوص أن هناك قيادات لديها مصنع آجر وأخرى لديها ضيعة بزغوان وعجول هدية من هولندا.. هذا كله كلام دون أي معنى وللأسف رئيس الجمهورية يأخذه على محمل الجد ويتصرف على ضوئه.
  
أنا أساند بيان المجلس الأعلى للقضاء الذي يدافع على استقلالية القضاء، والذي عبر على استعداده لفتح ملفات الفساد، وعلى رئيس الجمهورية أن يقدم هذه الملفات إن كانت لديه ولا يكتفي برمي الاتهامات.
 
ما تعليقكم بخصوص قرار إصدار بطاقة جلب دولية في شأن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي؟
 
الاجراءات التي اتخذت ضد الرئيس الأسبق المرزوقي فضيحة ومسخرة، المفروض، فكلنا السيد منصف المرزوقي في جرأته في مقاومة الاستبداد عبر عشرات السنين وفي جرأته في مقاومة الانقلاب حاليا، ومسألة التخوين مسألة تدعو للسخرية، فكيف يمكن اتهام المرزوقي، وهو رجل مواقفه معلومة، بالخيانة؟ ماهذه الخيانة التي قام بها؟.. حقيقة مسخرة.
 
أنا أدعو قبل فوات الأوان، كل القوى السياسية لتنسى خلافاتها، وعدم القيام بنفس الخطأ الذي قام به المجتمع السياسي في بداية انقلاب بن علي، أي أن يخلصهم من النهضة ثم يبنون الديمقراطية، فكان كله سراب ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. فأهم شيء أن نعيد الديمقراطية والحريات إلى بلادنا.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.