أستاذ في الاعلام: فصل في المرسوم الرئاسي عدد 54 قاس جدّا.. والحل في ممارسة صحافة الجودة

مروى الدريدي-
وصف أستاذ الاعلام صلاح الدين الدريدي، المرسوم الرئاسي "المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال"، بـ"القاسي جدّا"، خاصة الفصل الرابع والعشرين منه، مشددا على أن أفضل طريقة للتصدي لهذا الفصل ومقاومته هي ممارسة صحافة الجودة.

وينص الفصل 24 من المرسوم الرئاسي عدد 54 لسنة 2022 والمؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال على أنه "يعاقب بالسجن مدة خمس سنوات وبخطية قدرها 50 ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان".
واستدرك صلاح الدين الدريدي بالقول إنه لولا الفراغ الذي أحدثته هياكل المهنة والمتمثل في عدم التفكير في تنظيم الفضاء الرقمي وممارساته اخباريا واعلاميا واتصاليا، لم تكن السلطة لتستغل ذلك وتصتصدر مرسوما ملأت به هذا الفراغ، حتى و لو كانت لغايات اخرى غير تنظيم منشورات الفضاء الرقمي.
وتساءل الدريدي، هل أن الاشاعات التي يتم نشرها على المحامل الورقية مشمولة بهذا المرسوم ام لا؟ على اعتبار انه يخص الأخبار و البيانات و الإشاعات في الفضاء الرقمي.

مرسوم مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال يحد من حرية الصحافة؟
قال صلاح الدين الدريدي، "إن هذا المرسوم قد يحد من حرية الاعلام لكن أنا لا أقول حرية الاعلام بل يحدّ من شكل معين من الممارسة الاعلامية، من ذلك نشر الأخبار الزائفة والتي لا تنسب لمصادرها".
وتابع أنه في الظرف الحالي قد يظهر المرسوم على أنه مس من حرية الصحفي، لكن أنا أطرح سؤالا: "هل مارسنا الاعلام منذ 2011 حسب مقاييس الحرية والمعايير الدولية المطلوبة في ممارسة الاعلام؟.
وشدّد صلاح الدين الدريدي على أنه من أوكد الضروريات اضافة لهذا المرسوم، هو تنظيم الفضاء الاعلامي والاتصالي الرقمي، غير أن الهيكل المعني بهذا وهي "الهايكا"(الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري) غائبة تماما، فهي في تركيبتها العمرية والذهنية والمعرفية تصنف من الاعلام القديم أي ما قبل الثورة التكنولوجية وثقافة الاعلام الالكتروني والرقمي.

وأضاف أن هذه الثقافة غائبة عمن يقودون السفينة الاعلامية في تونس على مستوى الهايكا أو نقابة الاذاعات والتلفزات الخاصة وجامعة الصحف، لذلك وجدت السلطة الفراغات القانونية لاستصدار قانون يحد من الحريات الاعلامية والاتصالية، فالمنصات الاخبارية الالكترونية لا وجود لنص ينظمها في الفضاء الرقمي.

إصلاح الاعلام؟
وقال صلاح الدين الدريدي "إن اصلاح الاعلام منذ 2011 تمّ بعقلية متخلفة نوعا ما لم تراع التطورات التكنولوجية التي طرأت على مؤسسات الاعلام والاتصال، ووقفنا في التفكير الاعلامي الذي كان سائدا قبل بروز تكنولوجيات الاتصال وبداية الثورة العميقة التي طرأت على الممارسات الاعلامية بسبب او بفضل التطور التكنولوجي"، مضيفا أن التفكير ظل محصورا في معالجة الصحافة الالكترونية على حدة والورقية على حدة والاذاعة والتلفزة كلّ على حدى، وأضحى هناك فصل مصطنع بين مختلف أنواع المحامل ولم نكسب ثقافة دمجها وهو ما يتطلبه تعدد المنصات الذي اصبحت تتسم به المنظومة الاعلامية.
وبين أنه ثقافة تنظيم الممارسة الاعلامية والاتصالية على الفضاءات السيبرنية غائبة تماما على مختلف هياكل المهنة.
وأشار الدريدي إلى أن الممارسات التي نشأت من قبل المواطنين والصحافيين ووسائل الاعلام لا شيء ينظّمها خاصة في موضوع الخبر وصحّته والتعامل مع محدّدات الخبر الا مجلة الاتصالات، التي تتضمن فصلا او اثنين في كيفية التعامل الاعلامي والاخباري على الفيسبوك، فيما عدا ذلك فإن الهايكا ليس لها مراسيم تنظم التعامل على الفضاء الرقمي أو كيفية انتاج الأخبار والتدقيق فيها ونشرها وترويجها..
وأوضح أن المنظومة القانونية منحصرة في المرسومين 115 و116، في ظل غياب تفكير جديد حول مفهوم الخبر والخبر الكاذب ومفهوم المس من شرف أحد، وبالتالي فمن الضروري إعادة النظر في العديد من المصطلحات القانونية التي تتعلق بممارسة الصحافة في الفضاء الرقمي.
الموضة التدريبية
لاحظ أستاذ الاعلام صلاح الدين الدريدي، أن هناك موضة تدريبية ظهرت مؤخرا تتعلق بالتدريب على التثبت من الأخبار الزائفة أو المضللة، لكن في الواقع لا وجود لنتائج ملموسة أو  قضايا تطرح بناء على الكشف عن الأخبار الزائفة، وبقيت موضة أتت بها المنظات الأجنبية، متسائلا: "هل هناك انتاج لاخبار صحفية صحيحة حتى يتم التثبت فيها؟، هي فقط  أخبار على الفيسبوك أو أخبار ما أسميه بـ "الصحافة الجالسة"، وفي هذا الاطار يتجلى مرسوم مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وخاصة الفصل الـ24 منه الذي يعتبر قاس جدا".
وذكّر صلاح الدين الدريدي بالأساسيات والمحددات الاولى للعمل الاعلامي وهي الرجوع للصحافة في قواعدها الاصلية، "أي لا تنشر خبرا الا اذا تثبتّ من صحته وتذكر مصادره وتضع بين ظفرين الاقوال المنسوبة لأصحابها ولا يكتفي الصحفي بعبارة حسب قوله او وفق ما صرح به، فالممارسة الاعلامية الدقيقة الصحيحة تتجاوز ذلك بكثير والصحفي والاعلامي في رأييي هو الواثق من الخبر، والذي يسند الأفعال والأقوال لأصحابها ويفصله ويفسره، ونحن نفتقر لذلك".

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.