حوار مع “زنُوس”

 يسرى الشيخاوي-

 
هي مجموعة موسيقية تخاطب جمهورها بألحان مارقة عن التصنيف وكلمات موشحة بالثورة والتمرّد، مجموعة موسيقية كافرة بكل الأطر تهدم بموسيقاها قوالب السكّر التي تنشؤها السلطة.
 
"فريق موسيقي ﭘانك روك تونسي مقيم في ضميرما تبقّى من وعي هذا الشعب المنكوب"، كلمات هي بعض من هوية " زنُوس " الثائرين الذين حاوطوا وجودهم بهالة معنوية وزهدوا عن الوجود المادي.
 
حليمة وحمّة وجابر، ثلاثي خلق عالمه الموسيقي الذي يشبهه وصارت الموسيقى والكلمات هوياته يتخفّى وراءها ليسلم شر البوليس والمأدلجين وحراس الأخلاق والناطقين باسم الرب.
 
"جونا" "تفوه" "ايا كيفاش" "تعلم عوم" "باكوكوش" "سيدي عربي" "تسعين بالمية" "بلاد الخير"بعض من عناوين "تراكات" المجموعة الموسيقية التي التقتها حقائق أون لاين في منزلة بين المادي والمعنوي وعروا زيفا كثيرا سياسيا وثقافيا واجتماعيا وكانت كلمات أغانيهم رصاصا وسياطا مؤلمة وقاسية في أحيان كثيرة ولكنها واقعية جدّا.
 
وعن أصل فكرة المجموعة الموسيقية وخيار التخفي والعلاقة مع الجمهوروالألبومين "زنوسلاند 1" و"زنوسلاند2" كان اللقاء مع " زنُوس"وكانت إجاباتهم من طينة فعلهم الموسيقي إذ خيروا أن تكون مزيجا من العربية الفصحى والعامية في اتساق مع توجههم الفنّي الثوري.
 
وفيما يلي نص الحوار: 
 
كيف تولدت فكرة "زنوس"؟
 
الفكرة تولدت من رؤية أفراد الفريق ورغبتهم في التعبير والتواصل.
 
متى كانت الانطلاقة الفعلية لهذا الفريق الموسيقي؟
 
أول غناية صدرت في جوان 2019 و كان إسمها "جونا" وهي الغناية الاولى من الالبوم القصير الأول و إسمه زنوسلاند 1.
 
مما يلفت الانتباه في تعريف الفريق الموسيقي " مقيم في ضمير ما تبقى من وعي هذا الشعب"، هل هي ترجمة لرفض الواقع والرغبة في التغيير؟ 
 
الرفض والرغبة موجودين، لكن التعبيرة كانت باش تعوّض مكان إقامة الفريق من مكان جغرافي لمكان معنوي.
 
حليمة وحمة وجابر، شخصيات غير معلومة وأسماء لا تعرّفها سوى الموسيقى، ماالذي يجمع بينها؟
 
عشرة ڨديمة واهتمامات موسيقية وتوجهات فكرية مشتركة.
 
لماذا اخترتم التخفي؟
 
الاسباب القريبة للتخفي هي طبيعة رسالتنا الفنية، والسياسية والاجتماعية كونها ما تتعايشش مع الدولة الغارقة في الفساد، القضاء غير المستقل، البوليس المأدلج و المتسلط والأغلبية من الشعب غير المتسامح فكريا.. التخفي يحمينا جسديا ومعنويا ويخلينا نواصلو العمل.
 
هل يمكن ان تظهروا لجمهوركم في الايام القادمة؟
 
 ظهورنا للجمهور هوعمليّا نهاية التجربة.
 
موسيقاكم هاردروك ميتال مع تونسة الايقاعات في بعض المواضع، وشعاركم على شاكلة خمسة مع احالة لحركة بذيئة، لماذا هذا الاختيار؟
 
هو اختيار جرافيكي وفني عام للهوية البصرية والصوتية يعكس موقف وروح الفريق و يحط المتلقي في الاطار العام للفكرة.
 
المرأة بوشمها الامازيغي ونظراتها المتقدة بعض من هوية الفريق الموسيقي اي إحالة لها؟
 
هي صورة مأخوذة في الزمن الاستعماري الفرنسي لشمال افريقيا لنساء السكان الاصلّيين. للمتلقي أن يترجم النظرات والافكار ويكون عندو قراءته الخاصة للاختيارات الفنيّة. أكيد فما بحث وتفكير طويل وراء إختيار الصورة والغلاف والرموز.
 
وشم ورموز امازيغية حاضرة في أعمالكم مامحل الثقافة الامازيغية من المشروع؟
 
الثقافة الامازيغية هي الجزء المبتور والمشوّه مالهويّة التونسية ونحنا نعملو على المصالحة مع هذا الجزء من التاريخ.
 
ما موقف " زنوس "من مسألة الهوية؟
 
 موضوع الهويّة و الدّين  هوما كوشمار كل مواطن تونسي. عقدة قديمة متجددة وفريق زنوس انّو ضد كل أنواع التفرقة أو التمييز على الأساس العرقي أو الديني أو الجنسي.
 
فريق زنوس هو ثلاثي موسيقي تونسي الهويّة بما تحمل الكلمة من وحدة و خصوصيّة يحتفي بهذه الهويّة التونسيّة كنتاج تعاقب حضارات وحقبات عديدة تراكمت فوق الأرضية التاريخية الأولى لمنطقة شمال افريقيا (تامزغا) و تلاقحت مع سكانها الاصليين (الأمازيغ).
 
بالفلاقي الهويّة التونسية هي جيولوجيا وترسبات وتفاعل متاع عدد كبير من الثقافات والأديان و الحضارات الي ماناش باش نخلطو نسميوهم لكل…افريقيّا و مشرقيّا وعربيّا ومتوسطيّا.
 
"زنوس" تسمية تحيل الى معاني سلبية في المخيال الجمعي التونسية لماذا هذا الاختيار؟
 
هذا اختيار في سياق المصالحة زادة.. زنوس هي سبة في العامي التونسي واصطلاحا تعني أجناس أو أنواع. السبة هذي عادة ما توجه لافراد المجتمع الخارجين على العرف أو المهمشين والمختلفين. أحنا جيل الزنوس الي تربّى عالقمع لمجرد الاختلاف ومتصالحين مع الكلمة والمفهوم.
 
 الزنوس مش أحنا كمجموعة موسيقية صاخبة فقط، الزنوس هوما كل من تقاللهم زنوس على خاطر خرجو مالقطيع، كل من تسب على خاطر ما اعتنقش ترّهات المجتمع، كل من قال "لا" كي كان مراهق ياخي شبع كف و تغريب، كبر اليوم و مزال واقف في وجه الدنيا.
 
الزنوس هوما الشّوكة في حلق النّظام العام والكونفورميزم والبكتيريا الحاكمة بإسم الأبوّة وإلا بإسم العرف السّائد وإلاّ بإسم ديمقراطيّة رأس المال.
 
موسيقاكم موشّحة بالمقاومة وحرب البقاء، هل هو الأمل في واقع مغاير أم يأس من الانتقال الى مرحلة أخرى؟
 
هو حالة سكر يتجاذب ما بين اليأس وحلم الواقع المغاير.
 
التراكات مفعمة بالتراجيديا وفيها تعبيرات عن الواقع السوداوي بكلمات قاسية وبذيئة، لماذا هذا الاسلوب الصادم هل هو محاولة لزعزعة وعي الأفراد وضمائرهم ليتحركوا؟
 
التراكات فيها نبرات مختلفة، أغلبها جدي لكن فما السخرية زادة.. القسوة والبذاءة  نتاج طبيعي للحياة والحقيقة الي مولودين منها.. الأسلوب نصيا وصوتيا صادم بطبيعة تكوينه عضويا كفكرة أو إحساس داخل الفريق أكثر من انه يكون يحمل نية الصدم، هو صادق.
 
الواقع الذي نعيشه أشد بذاءة من الكلمات التي تستعملونها احيانا ولكن ألا تعتقدون ان هذا التوجه يمكن ان يجعل جمهوركم فئوي؟
 
الفريق غير فئوي و جاونا برشة رسائل ايجابية من ناس ماتسمعش وما تحبش الموسيقى الثقيلة أو العنيفة أو الصاخبة. أحنا نصبو ڨلوبنا في الموزيكا و نحاولو نوصلو الصوت للناس لكل.
 
تراكاتكم خرافات قصيرة على الواقع بأنفاس ثائرة ومتمردة ورغبة في الهدم إعادة البناء، لكن الامر لا يخلو من صعوبات ماهي الصعوبات التي تعرضتم لها؟
 
هي نفس الصعوبات الي تواجه اي مواطن تونسي يحب يبني أو يخدم بغض النظر عن أسلوبه أو طرحه. و أي واحد يقرى في الكلام هذا يعرف على شنوة نحكيه.
 
الانتاج في تونس في العموم لا يخلو من عراقيل بالنسبة للفرق المحلية وخاصة الملتزمة بقضايا معينة، كيف اوجدتم طرقا للبقاء والاستمرار؟
 
الفريق عمره أكثر من عام بشوية، أحنا في طور إيجاد طرق للبقاء.. لكن ننصح الفرق بعدم الاعتراف بوصاية الدولة على الثقافة و الفن.. التركيز على الانتاجية وتوجيه الطاقة نحو الانتاج الي صار ليوم أسهل وأرخص بفضل التكنولوجيا مع الابتعاد عن العربون والخبزة الباردة والكسل الفني.
 
في فكرة "الكاسات" عود الى الماضي، في تناسق مع توجهكم القائم على أن العشرية الأخيرة سواد، كيف كانت هذه الفكرة؟
 
 الالبوم الاول تم اصداره على شكل تعليقة "USB" فاخترنا نبدلو الشكل المرة هذه.. الفكرة موجودة من الاول و صارت ممكنة بفضل وجود أول دار نشر موسيقى پانك تونسية مختصة في اللون هذا مالموسيقى في منطقة شمال افريقيا وحوض المتوسط " تسجيلات بانك A World Divided".
 
اللاّبال هذي مختصة كذلك في إصدار اشرطة الكاسات فقط.. هي تسجيل لموقف ونوستالجيا لوقت كانت فيها الموزيكا تتمس وتتقدّر وتضيع وتتسلف وتتكسر وتتصلح وتتلقى بالسكوتش وتحبلها قلم باش توخر الغناية.. هي أقرب شكل لجيل الزنوس الي تربى على أشرطة الكاسات.
 
لو ترووا لنا بعض التفاصيل عن انتاج الالبومين خاصة الثانية الذي تزامن مع فترة كورونا؟
 
الالبوم الاول تكتب كل تراك في وقته وفي سياقه.. الالبوم الجديد تكتب في فترة وحدة تلمينا فيها ناقشنا المواضيع والافكار ودخلنا للاستوديو.. أغلب الأفكار تتبلور في الاستوديو وقت التسجيل.. والكورونا ساعدتنا بحكم خلقت نوع من الهدوء الايجابي في حياتنا اليومية.
 
بماذا تعد "زنوس" جمهورها؟  
 
أحنا امتداد لمشاعر ومواقف الزنوس الي تسمع فينا.. زنوس هو مفهوم مفتوح لكل واحد يشوف روحه في الفكرة., نوعدوهم بلي وعدنا بيه رواحنا؛ انو نكونو صادقين وزنوس.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.