الصافي سعيد: الاسرائيليون موجودون كمخابرات في تونس.. وهذه حقيقة “أحداث 1980” بقفصة (الجزء الثاني)

مروى الدريدي-

كشف المفكر والصحفي صافي سعيد عن معطيات وتفاصيل جديدة تتعلّق بالهجوم المسلّح والأحداث التي جدّت في ولاية قفصة عام 1980، مبرزا أن منفذيها قد مروّا جميعا عبر بيروت أين كان مقيما بها.

الصافي سعيد كشف كذلك في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته معه حقائق أون لاين، عن طريقة التخابر التي اتبعها نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومدى تعامله مع المخابرات الاسرائيلية، معتبرا أن تونس هي ذلك “البطن الرخو” الذي لا يخافون منه.

كلّ المعطيات المتعلقة بحقيقة انتشار مخابرات اسرائيلية اثر قدوم القادة الفلسطينيين إلى تونس أبرزها سعيد في هذا الجزء الثاني من الحوار:

صافي سعيد اعتبرت في هذا الحوار أن الحرب على الفساد مجرد تصفية حسابات سياسية، إذن هل ترى أنّ الكشف عن ملف الجوسسة في هذه الفترة كان بمثابة ردّ على “حملة مكافحة الفساد” التي يقودها الشاهد؟

أنا أفهم هذا الملف على أنه صراع سياسي ضمن حرب على المنافسين الذين يشكلون قلقا أو ضغطا، القضاء التونسي كيّف هذه القضية على أنها قضية فساد ورشوة وتبييض أموال، والصحافة قالت إنها قضية جوسسة، لكن في النهاية إن كانت جوسسة أو فسادا هي اليوم جوسسة من أجل الفساد، فكلاهما متداخل في الآخر.

السؤال هنا ما نوع المعلومات التي نُقلت أو سُرقت؟ ما حجمها؟ إلى أين ذهبت؟ من المستفيد منها؟، في بعض الأحيان الدولة هي التي تسرب معلومات لتغالط بها دولة أخرى، وأحيانا دول أخرى تسرب معلومات لتغالط بها تونس.

مثال في العام الفارط أتذكر أنه تمّ تسريب معلومة تفيد بوجود أموال سربها ليبيون من أجل دعم الارهاب في تونس، ولاقناع تونس أيضا بأن لديها ارهابيين يملكون الأموال، وغاية جهاز المخابرات الذي سرب هذه المعلومة هو إفراغ خزينة الدولة حتى تجمد هذه الأموال أو ترسلها إلى الخارج.

نعود إلى قضية الجوسسة التي سُجن فيها مدير عام في أملاك الدولة ومدير بالديوانة ومدير عام في الصحة، أنا أعرف أن المدراء العامين لهم معلومات أكثر من الوزراء ولكن ماهو حجم هذه المعلومات التي سرّبت ولمن أعطيت وهل بمقابل أم لا؟ وهل تحصل المتهمون على منافع أم لا؟.

لذلك أنا أحترم تكييف القضاء للقضية لكن ليست لدي ثقة في أن الدولة ستتابع هذا الملف للأخير، سيمر عليه أسبوع أو أسبوعان ويصبح موضوعا قديما لا يتحدث فيه أحد، وهذا دليل على وجود لخبطة وغموض وتعاظٍ أهوج في مثل هذه القضايا.

وبغض النظر عن ذلك فكل فساد يجب أن يُضرب، وكل جوسسة يجب أن تقتلع من جذورها، والجوسسة في تونس ليست غريبة عنا هي موجودة، وزير الداخلية قبل أسبوعين قال ان العالم كله فيه جواسيس، هذا صحيح وتبادل المعلومات موجود أيضا، لكن يجب على الدولة أن تراقب.

الاسرائيلون مثلا موجودون من عهد بن علي وشركات الـ OFFSHORE” اخترعت من أجل تكوين شركات اسرائيلية بجنسيات أخرى، لذلك أنا دائما أنبّه من خطورة الجنسية الأجنبية، وأكد العالم في أكثر من مناسبة مدى خطورتها.

وقلت في إحدى المرّات يمكن أن يأتي شخص من اسرائيل يتكلم بلهجتنا التونسية ويدعمه ناتنياهو ويصبح رئيسا لتونس، هذا قد يحصل في بلاد سائبة جهازها العصبي “مضروب”.

أنت كناقد تعرف نظام بن علي جيدا، هل تعتقد أن بن علي كان متورطا في التخابر مع أجهزة مخابرات أجنبية، ومن أكثر هذه الأجهزة التي تخابر معها؟

تربية بن علي أساسا استخباراتية، وكان مسؤولا عن الاستخبارات العسكرية، وبعدها انتقل إلى الأمن، وتدرج حتى صار مديرا للأمن ثم وزيرا للداخلية ثم رئيسا، هو رجل أمن ويعرف أجهزة الأمن جيدا ويتعاون معها، هم يستفيدون منه وهو يستفيد منهم ومثلما تأتي معلومات من جهاز المخابرات الأمريكية فتونس أيضا ترسل المعلومات.

بن علي كان يعمل ضمن اللعبة الدولية ككل على غرار ليبيا والجزائر، عندما أتى الفلسطينيون إلى تونس من عسكر وأحزاب وقيادات ومنهم أبو عمار وأبو جهاد صارت تونس ساحة للعمل الفلسطيني وكان ذلك بعلم رجال الأمن وبن علي، والقضية الفلسطينية خطيرة بالنسبة لاسرائيل، وهي لن تراقب وتلتزم الصمت فإمّا أن تتدخل وتفرض نفسها وتجمع المعلومات بمفردها وإمّا أن يمدّها بن علي بالمعلومات.

وفي كلّ الأحوال سواء بوجود فلسطينيين بتونس أم لا، فالاسرائيليون موجودون كمخابرات واقتصاد وتجارة بتونس مثلما نجدهم في بلدان عربية أخرى.

منذ أسبوع أعدمت الجزائر اسرائيليا، وهذا دليل على أنهم موجودون، لكن الفرق يتمثل في وجود دولة تعاقب وأخرى لا، والدولة التونسية لا تعاقب، هي ذلك البطن الرخو الذي لا يخافون منه وليست لها ردود أفعال، وحتى إن قبضت على شخص فهي تحبذ لو تطلق سراحه سريعا، كلنا نتذكر البلجيكي صاحب الحاوية، ما الذي يمنع أن لا يكون اسرائيليا اذا ما علمنا أن الاسرائيلي لن يدخل إلى تونس بجواز سفر اسرائيلي لأن أول شرطي يعترضه في المطار سيخبّر عنه.

لذلك فتونس دولة لا تعاقب.. قتلوا محمد الزواري واسرائيل اعترفت بقتله، هل عاقبوا أحدا؟، هل قامت بردّ فعل؟، لو كانت تونس دولة حقيقية لقامت بردّ فعل، تندد.. تعاقب.. تطرد، لكن لم يحدث أي شيء من ذلك اذن تونس ساحة مفتوحة للجميع.

البعض يتهمك بعلاقتك بأحداث قفصة 1980؟ ما مدى صحة ذلك؟ (أحداث قفصة، هو الاسم الذي أطلق على العملية المسلحة التي قام بها كوموندوس من المعارضين التونسيين ذو توجه عروبي في جانفي 1980 بعد تسللهم إلى مدينة قفصة. تمكن المهاجمون من السيطرة على أغلب مراكز المدينة إلا أن دعواتهم للسكان إلى التمرد باءت بالفشل وتمكنت قوات الأمن والجيش التونسي في نهاية المطاف من إعادة السيطرة على المدينة وأسر قائد المجموعة”.)

ليس لدي أيّ علاقة بأحداث قفصة، كنت أقول دائما لو أنّ لتونس مخابرات لتفطنت إلى هذه العملية، لكن تونس لم يكن لديها مخابرات خارجية. عملية قفصة كانت “تمشي في الشوارع” سمع بها الجميع قبل أن تقع. كنت في بيروت حينها وجميع الأشخاص الذين قاموا بعملية قفصة مرّوا من ببيروت، وحدث أن وقع شجار بينهم هناك وقتلوا أحدا منهم وكتبت عنها الصحافة، قبل أن يرجعوا بعدها ويدخلوا مجددا إلى تونس من الجزائر.

لذلك قلت لو كان لدى تونس مخابرات لتتبعت العملية وفهمتها، وأنا أشكّ إلى اليوم أنّ جزءا من الدولة التونسية مشارك فيها، أي جناح ضد جناح. وعملية قفصة تحدث عنها القذافي وتحدثتُ عنها في كتابي “بورقيبة سيرة شبه محرمة”، وهي عملية جزائرية ليبية وهذا الكلام قيل والتونسيون اعترفوا به، وقد تمّ الاعداد لها في عهد الرئيس الجزائري هواري بومدين، وفي عهد رئيس مخابراته الذي قتل فيما بعد في الحرب الأهلية، ونفّذت عملية قفصة في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد في جانفي 1980.

انا ليست لدي بها أيّة علاقة لأنّي لا أؤمن بمثل هذه الأشياء.. هي “ولا شيء” لكن قام بتهويلها الفرنسيون والمغاربة باعتبارهم ضد الجزائريين، لأنه في تلك الفترة يوجد صراع دولي في تونس بين اوروبا التي تمثلها فرنسا والمغرب وبين الاتحاد السوفياتي الذي تمثله الجزائر وليبيا.

وهي عملية نزاعات شارك فيها شق من داخل الحكومة لأن “العركة” في مجملها كانت على الرئاسة وكانت ضد بورقيبة والهادي نويرة.

ما رأيك في ترشيح حركة النهضة ليهودي ضمن قائمة انتخابية في الانتخابات البلدية؟

النهضة مستعدة لأن تفعل أيّ شيء، وهي تشتغل على البلديات، والبلديات للجميع، ولا وجود لحزب رشّح جميع مناضليه فالأحزاب ترشّح المستقلين والأقرباء والأصدقاء، والحزب يشتغل في بعض الأحيان بأصدقائه. ثانيا النهضة رشحت يهوديا من باب الاستعراض أولا والانفتاح والتسامح ثانيا، أعتقد أن الموضوع لا يستحق ضجة، ثانيا النهضة تقوم بأشياء عادية جدا ولا تقدم شيئا وهي نوع من الـ”restive” السياسي كما قال برهان بسيس.

هل يمكن أن يؤسس الصافي سعيد حزبا؟

أقولها بصراحة لم أستطع القيام بحزب فذلك يتطلب أموالا كبيرة وأنا لا أملكها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.