بقلم الأستاذ نادر الخماسي محامي وباحث في القانون-
تعتبر العقوبة الجزاء الرئيسي الذي يواجه به المجتمع مرتكب الجريمة، ويتمثل هذا الجزاء في توقيع شيء من الاذى على الجاني مقابل ما أحدثه من ضرر بفعله المُجرَم، وللعقاب أهداف ثلاثة الزجر والردع وأهمها الإصلاح وإعادة تأهيل السجين للحياة الإجتماعية، هذا وقد إهتم المشرع التونسي بالوظيفة الإصلاحية للعقوبة خاصة بالنسبة لعقوبة السجن، و ينظم قانون 14 ماي 2001 تنظيم تنفيذ عقوبة السجن الذي يتضمن عديد الأحكام التي تلزم إدارة السجن بتوفير رعاية خاصة للسجين تسمح بإصلاحه وتأهيله لتمكينه من الإندماج من جديد في المجتمع بعد خروجه من السجن.
ولكن في الحقيقة لا يتحقق هذا الهدف الإصلاحي وذلك لعدة إعتبارات اهمها عدم إعتماد الدولة التونسية لسياسة إصلاحية شاملة و إكتفائها بالغاية الزجرية للعقوبة دون غيرها.
ولتجنب الزج بالمبتدئين في السجون اصدر المشرع في 2 اوت 1999 قانونا يمكن القاضي بإستبدال العقوبة السجنية السالبة للحرية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ذلك تطبيقا للفصول 15 مكرر و ما بعده من المجلة الجزائية.
وفي نفس السياق جاء القانون عدد 68 لسنة 2009 ليضيف عقوبة أخرى بديلة للعقوبة السجنية و هي عقوبة التعويض الجزائي و التي تهدف حسب منطوق الفصل 15 رابعا إلى إستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بتعويض مالي يلزم المحكوم عليه بأدائه لمن ترتب له ضرر شخصي و مباشر من الجريمة، و ذلك بشروط معينة و في جرائم محددة نصًا.
لكن لم تلقى هاته العقوبات البديلة تطبيقا شائعا لدى المحاكم التونسية حيث لا يلتجأ القضاء للحكم بالعمل لفائدة المصلحة العامة او التعويض الجزائي إلا في مناسبات قليلة جدا
وعموما ونظرا للوضع الوبائي الذي يعيشه العالم عامة و البلاد التونسية بصفة خاصة أدخل المشرع نوع أخر من الأليات القانونية الحديثة و التي تهدف إلى التقليص من الإجراءات السالبة للحرية , و تتمثل هاته الألية في ما يسمى بالمراقبة الإلكترونية و ذلك بمقتضى مرسوم من رئيس الحكومة عدد 29 لسنة 2020 مؤرخ في 10 جوان 2020 يتعلق بنظام المراقبة الالكترونية في المادة الجزائية.
و بقراءة هذا المرسوم يتبين ان المراقبة الإلكترونية لا تعوض العقوبة السجنية فحسب و إنما يمكن تطبيقها كذلك في إطار المرحلة ماقبل الحكمية أي خلال مرحلة التحقيق و ذلك تطبيقا للمبدا القائل بأن الأصل هو الحرية و الإستثناء هو الإيقاف.
هذا و تعد المراقبة الإلكترونية أحد أهم الاساليب الحديثة التي كان أول ظهور لها في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1971 حيث يمكن من خلالها مراقبة سلوك الشخص للتأكد من إصلاحه ذاتيا كما أنها تعمل على حماية الخاضع للرقابة من المجرمين الخطرين في السجن و ذلك بمراقبة في حيز و مكان إقامته وفي نطاق محدد بالإضافة الى إمكانية قيامه بدوره الإجتماعي و الوظيفي بشكل يساعد على تنفيذ برنامج الإصلاح.
مفهوم نظام المراقبة الإلكترونية:
إن مصطلح المراقبة الإلكترونية أو ما يسمى بالسوار الإلكتروني مشتق من التعبير الفرنسي "Surveillence électronique".
و يعني إلزام المحكوم عليه او الموقوف تحفظيا بالإقامة بمنزله او بمكان يحدده له القضاء خلال ساعات محددة بحيث تتم متابعته، والسوار الإلكتروني من الناحية التقنية هو قطعة معدنية تحيط كاحل المحكوم عليه او الموقوف تحفظيا، وتتكون من جزأين، الأول به شريحة هاتف نقال وأنظمة لتحديد المواقع والثاني بطارية لشحن السوار.
ويرفق السوار بلوحة تحكم منقولة تشبه الهاتف النقال يحملها المتهم معه، تتضمن تطبيقا خاصا تسهل عمل مصالح المراقبة والضبطية القضائية، من خلال تحديد المواقع المسموحة أو الممنوعة عنه، ويمكن لصاحب السوار من خلالها الاتصال بأعوان الرقابة، ويفتح السوار بصفة أوتوماتيكية عبر مفتاح مخصص لذلك.
ومن خصائص السوار أنه يبث ذبذبات إلكترونية تسمح بتحديد مكان حامله، وعند إزالته يطلق إنذارا، كما أنه مقاوم للماء في حدود 30 مترا وللحرارة بين 40 و80 درجة ومقاوم للرطوبة والغبار والاهتزازات والذبذبات والصدمات وللفتح والتمزق والقطع في حالة الربط، ومقاوم للأشعة فوق البنفسجية وللضغط إلى غاية 150 كيلوغراماً، وقابل للشحن بشاحن خاص به مضاد للحساسية به عازل مصنوع من قماش يفصله عن بشرة المتهم وتتابع مراكز المراقبة التابعة لمديرية السجون تحركات المحكوم بالدخول للتطبيق الإلكتروني الخاص بالسوار بكتابة معلوماته الشخصية، حيث يمكن تحديد موقع حامله في كل ثانية وفي أي مكان سواء كان على سيارة أو دونها، ويمكن إجراء تعديلات على البرنامج المعلوماتي للسوار عن بعد والتي ترسل إلى قاعدة البيانات.
شروط تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية:
بالعودة للمرسوم عدد 29 لسنة 2020 المؤرخ في 10 جوان 2020 المتعلق بنظام المراقبة الالكترونية في المادة الجزائية يمكن أن نستنتج أن نظام المراقبة الإلكترونية في المادة الجزائية يمكن تطبيقه في صورتين.
الصورة الأولى تتمثل في تطبيق هذا الإجراء على الموقوف تحفظيا، أما الصورة الثانية فتتمثل في تطبيقه على المحكوم عليه.
تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية على الموقوف تحفظيا
إن الإيقاف التحفظي هو وسيلة إستثنائية تحد من حرية الشخص , فالأصل في الإنسان هو الحرية و الإستثناء هو التقييد من هاته الحرية وفقا للقانون , هذا وقد جاء الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية ليؤكد هذا التصور الكوني حيث أكد أنه يمكن إيقاف المظنون فيه تحفظيا وذلك في حالتين:
أولا – في الجنايات والجنح المتلبس بها
ثانيا- كلما ظهرت قرائن قوية ومتظافرة تستلزم الإيقاف
والغاية من الإيقاف التحفظي ليس الحد من حرية المظنون فيه وإنما منعه من إرتكاب جرائم جديدة أو ضمانا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث
والإيقاف التحفظي بإعتباره إجراء إستثنائي فقد حدده المشرع بمدة زمنية مضبوطة حيث لا يمكن مبدئيا أن تتجاوز فترة الإيقاف التحفظي 6 اشهر و يكون ذلك بقرار معلل يتضمن الأسانيد الواقعية و القانونية التي تبرره
و هاته المدة المضبوطة ب6أشهر يمكن التمديد فيها من قبل قاضي التحقيق بقرار معلل و بعد أخذ راي وكيل الجمهورية و ذلك بشرط أن تقتضي مصلحة البحث تمديدًا في فترة الإيقاف التحفظي و يكون التمديد بالنسبة للجنح مرة واحدة لفترة لا تزيد عن 3 أشهر أما بالنسبة للجنايات فيمكن أن يكون التمديد مرتين لا تزيد كل واحدة عن أربعة أشهر
وعموما تماشيا مع الطبيعة الإستثنائية لمؤسسة الإيقاف التحفظي مكن المشرع قاضي التحقيق من الإفراج عن المظنون فيه , و هذا الإفراج يمكن ان يكون وجوبي و ذلك إما عند إنتهاء فترة الإيقاف التحفظي أو بعد إستنطاق المظنون فيه بخمسة أيام بشرط أن يكون له مقر معين بتراب التونسي و لم يسبق الحكم عليه بأكثر من 6 أشهر سجن إذا كان العقاب المقرر قانونا لا يتجاوز العامين سجنا فيما عدا الجرائم المنصوص عليها بالفصول 68 و 70 و 217 من المجلة الجزائية.
كما يمكن ان يكون الإفراج إختياريا حيث يمكن لقاضي التحقيق في كل الأحوال التي يتحتم فيها الإفراج أن يأذن بالإفراج مؤقتا عن المظنون فيه و ذلك إما من تلقاء نفسه بعد اخذ راي وكيل الجمهورية أو بطلب من المظنون فيه أو محاميه أو بطلب من وكيل الجمهورية , و يجب أن يتم البت في مطلب الإفراج في ظرف أيام من تاريخ تقديمه.
عموما لا يمكن الإفراج مؤقتا عن المظنون فيه إلا بعد أن يتعهد لقاضي التحقيق باحترام التدابير التي قد يفرضها عليه كليا أو جزئيا و في هذا الإطار تدخل المشرع بموجب مرسوم 10 جوان 2020 ليضيف تدبير المراقبة الإلكترونية زيادة إلى بعض التدابير الأخرى وهي:
-اتخاذ المظنون فيه مقر له بدائرة المحكمة
-عدم مغادرة المظنون فيه حدود ترابية يحددها القاضي إلا بشروط معينة
-منع المظنون فيه من الظهور في أماكن معينة
-إعلام قاضي التحقيق بتنقلاته لأماكن معينة
– التزام المظنون فيه بالحضور لدى قاضي التحقيق كلّما دعاه لذلك والاستجابة للاستدعاءات الموجهة له من السلط فيما له مساس بالتتبع الجاري ضده.
هذا و يكون وضع المظنون فيه تحت المراقبة الالكترونية لمدة أقصاها 6 أشهر غير قابلة للتمديد على أن يتولى قاضي التحقيق متابعة تنفيذ هذا التدبير بمساعدة مكتب المصاحبة الراجع له بالنظر.
تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية على المحكوم عليه
أجاز المرسوم الصادر في 10 جوان 2020 و المتعلق بنظام المراقبة الإلكترونية , للقاضي أن يستبدل العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها بعقوبة أخرى بديلة اكثر تطورا و تناغما مع الجانب الإصلاحي و يتمثل هذا العقاب البديل في المراقبة الإلكترونية إضافة الى بعض العقوبات البديلة الأخرى كالعمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي , و في الحقيقة فإن الغاية من هذا التمشي هو تفادي الزج بالمبتدئين داخل السجن و إعطائهم فرصة أخرى للتأهيل و الإصلاح و الإندماج داخل المجتمع
حيث جاء بالفصل 15 مكرر جديد أنه للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدّة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وذلك دون أجر ولمدة لا تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كلّ يوم سجن أو بعقوبة المراقبة الالكترونية.
ولكن ليتم إستبدال العقاب المحكوم به بعقوبة المراقبة الإلكترونية يجب أن تتوفر بعض الشروط، حيث جاء بالفصل 15 ثالثا جديد أنه يُشترط لاستبدال عقوبة السجن بعقوبة المراقبة الالكترونية أن يكون المتهم حاضرا بالجلسة وأن يتم عرضه على الفحص الطبي طبق مقتضيات الفصل 18 من المجلة الجزائية، وأن لا يكون عائدا وأن يثبت للمحكمة من خلال ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية.
ولا يمكن القضاء باستبدال عقوبة السجن بعقوبة المراقبة الالكترونية إلاّ بعد عرض المتهم على الفحص الطبي وورود نتيجة مثبتة لقابلية تطبيق هذه الوسيلة.
هذا ولا يكون تبديل العقاب إجباريا على المحكوم عليه بل يمكن لهذا الأخير رفض ذلك وبالتالي يتم الحكم عليه بالعقوبة المستوجبة الاخرى.
وعموما فإن الحكم القاضي بتغيير عقوبة السجن بالمراقبة الالكترونية يُحال فورا على قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة الابتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبلاد التونسية، والذي يبادر باتخاذ الإجراءات اللازمة لانطلاق تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية.
وعند التعذّر، يبقى المحكوم عليه على الحالة التي هو عليها عند تقديمه إلى المحكمة وذلك إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة لانطلاق تنفيذ عقوبة المراقبة الالكترونية من طرف قاضي تنفيذ العقوبات المختص.
كيفية تنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية:
يعتبر السوار الإلكتروني تقنية تكنولوجية جديدة جاء بها المشرع التونسي كبديل إما للعقوبات السالبة للحرية أو للإيقاف التحفظي و تعتمد المراقبة الإلكترونية على تقنيات تكنولوجية حديثة في عملها إذ يغلب عليها الطابع التقني وعلى الرغم من تنوع آلية تنفيذ الوضع تحت المراقبة الإلكترونية في العديد من الدول لابد من إتباع آلية عمل محددة وتتمثل هذه الآليات في ثلاث أساليب تقنية وهي:
النداء التليفوني *
يراقب هذا النظام وجود الشخص في البيت عن طريق الإتصالات الهاتفية أما عن طريقة سير هذا النظام فيقوم الجهاز بتسجيل نموذج لصوت المحكوم عليه ويعمل على الرقابة و التوثيق المستمر لحضور أو غياب المحكوم عليه عن البيت وذلك عن طريق المكالمات الهاتفية من قبل الحاسوب المركزي ، حيث يقوم الشخص الخاضع للمراقبة الإلكترونية بإجراء إتصال تلفوني من منزله أو المكان المحدد لإقامته إلى مركز المراقبة خلال فترات زمنية متتابعة ، ويقوم الكمبيوتر المركزي المتواجد بمركز المراقبة بمقارنة بصمة الصوت الأصلية للمحكوم عليه الذي يخضع لهذا النظام و التي تم تخزينها بالكمبيوتر المركزي وذلك قبل بداية تطبيق الوضع تحت المراقبة الإلكترونية.
البث المتواصل *
تعتبر هذه التقنية الوسيلة الأكثر إستعمالا في أغلب الدول التي إختارت تطبيق الوضع تحت المراقبة الإلكترونية و ذلك نظرا لفعاليته ، وتتم هذه الطريقة بوضع السوار الإلكتروني في معصم المستفيد من هذا النظام أو أسفل قدمه ويسمح هذا الجهاز بمتابعة المحكوم عليه وذلك لتأكد من وجوده في المكان المحدد له ويقوم كذلك بإرسال إشارات محددة بشكل متقطع إلى جهاز الإستقبال الموصول بالخط الهاتفي في المكان الذي يقيم به الشخص المراقب ، ويقوم جهاز الإستقبال بدوره ببث إشارات محددة إلى الجهة التي تشرف على المراقبة و التي يمكنها من خلال هذه الإشارات التأكد من وجود المعني بالنطاق المكاني المخصص له.
*الأقمار الصناعية
يقوم السوار الإلكتروني بإرسال موجات مشفرة ومؤمنة حسب هوية عمل الشخص الموضوع تحت المراقبة الإلكترونية لتلتقطها الأقمار الصناعية ، وقد طبق هذا الأسلوب في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تم إستعمال جهاز مستقل يعمل على دعم قوة الموجات الصادرة عن السوار ويتم معالجتها و إعادة إرسالها بموجات طويلة مشفرة إلى الكمبيوتر المركزي بالمركز المكلف بالقيام بعملية المتابعة ومراقبة الخاضع لهذا النظام لتأكد من وجود المعني بالمكان و الزمان المحددين في مقرر الوضع، وتختلف هذه التقنية عن ما سبقتها من تقنيات أخرى في كونها مراقبة بإستمرار تقوم بتتبع موقع الشخص الخاضع للمراقبة بإستعمال نظام عالي الدقة يدعى " G P S ".
اما من الناحية القانونية فيختلف تنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية بحسب مجال إعتماده , فإذا تم إعتماد هذا النظام كعقوبة بديلة لعقوبة السجن و تطبيقا للفصول 336 رابعا و 336 خامسا و 336 سادسا من مجلة الإجراءات الجزائية و المضافة بالمرسوم المؤرخ في 10 جوان 2020 فإنه يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة الابتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبلاد التونسية متابعة تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية بمساعدة مصالح السجون ومكاتب المصاحبة.
يتولى قاضي تنفيذ العقوبات القيام بالأعمال التالية:
– تحديد محل تنفيذ المراقبة الذي اختاره المحكوم عليه. وإذا لم يكن ذلك المحل على ملكه أو في تصرفه فلا يمكن اتخاذ تلك الوسيلة إلا بعد الموافقة الكتابية لمالك المحل أو المتصرف فيه.
– تحديد أماكن تنقلات المحكوم عليه وتوقيتها.
– ضبط الالتزامات التي يرى قاضي تنفيذ العقوبات فرضها على المحكوم عليه.
هذا وإذا تبين من أعمال المراقبة الالكترونية أن المحكوم عليه تعمد مخالفة إحدى الالتزامات المحمولة عليه أو الفرار أو التخلص أو محاولة التخلص بأيّ وسيلة كانت من المعدات والأدوات المستعملة في المراقبة الالكترونية، يتولى قاضي تنفيذ العقوبات على ضوء التقرير الكتابي المحرر في الغرض من طرف مكتب المصاحبة المختص أو قاضي تنفيذ العقوبات الواقع بدائرته مقر إقامة المحكوم عليه أو الجهات المخوّل لها معاينة الجرائم طبق التشريع الجاري به العمل، تحرير تقرير يحال فورا على النيابة العمومية.
وفي هذه الحالة يتم احتساب المدة الواجب استكمالها ومواصلة التنفيذ باعتماد عقوبة السجن المحكوم بها بعد طرح المدة المقضاة بنظام المراقبة الإلكترونية
وفي حالة الفرار أو التخلص أو محاولة التخلص من المعدات والأدوات المستعملة في المراقبة الالكترونية فإنّ استكمال تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها لا يحول دون تتبع المحكوم عليه من أجل جريمة الفصل 147 من المجلة الجزائية المتعلقة بالفرار من السجن.
أما إذا تم إعتماد هذا النظام كبديل للإيقاف التحفظي فإن مهمة مراقبة تنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية يتولاها قاضي التحقيق و ذلك بمساعدة مكتب المصاحبة الراجع له بالنظر.
أثار تنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية:
في الحقيقة كان تفشي وباء كوفيد 19 في الدولة التونسية دافعا أساسيا وراء تقنين نظام المراقبة الإلكترونية و لو لم يكن هذا الظرف الصحي لن نشهد إدخال هاته الالية للمنظومة الجزائية التونسية على رغم من اهميتها و نتائجها الإيجابية سواء على مستوى الدولة في حد ذاتها او مرتكبين الأفعال المجرمة , فرغم عديد التوصيات من المحامين و المهتمين بشأن الجزائي إلا أن المشرع التونسي تراخى في إقحام هذا النظام الحديث في النصوص الجزائي.
وعموما فإنه من النتائج المهمة لتطبيق نظام المراقبة الإلكترونية هو تفادي الإكتظاظ داخل السجون الذي أصبح عائقا كبيرا تعاني منه المصالح السجنية كما أن هذا النظام سيقلص من تكلفة الدولة حيث ترصد ميزانيات تقدر بالمليارات يتم صرفها على المساجين , كما يساهم تطبيق هذا النظام في التقليل من نسب العود و نعني بالعود ارتكاب الجاني لجريمة جديدة بعدما سبق الحكم عليه بحكم بات نهائيا عن جريمة سابقة، أكد الدارسات الحديثة أن تطبيق العقوبة السالبة للحرية هو أسلوب تقليدي، لا يحقق الغرض الإصلاحي للعقوبة ، كما لا يمنع المحكوم عليه من العودة إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى، حيث أن هذا الاخير بعد خروجه من المؤسسة السجنية بعد قضاء مدة زمنية معين، يجد نفسه مهمشا من الناحية الاجتماعية، وعاطل عن أداء أي وظيفة أو شغل، ولذلك يميل للعودة إلى الجريمة فقد يمنح السوار الإلكتروني لحامله فرصة تدارك الأخطاء، والابتعاد عن الإجرام خاصة عند شعوره بأنه مراقب وهذا ما يمنعه من العودة لارتكاب الجريمة.