تنويه من مهرجان هوليود للفيلم العربي لفيلمي “سلوى” و”النهاردة يوم جميل”

 يسرى الشيخاوي-

تحصل الفيلم الروائي القصير "سلوى" للمخرجة إيناس بن عثمان والفيلم الروائي الطويل "النهاردة يوم جميل" للمخرجة المصرية نيفين شلبي على تنويه خاص للممثل هنا شيحة من مهرجان هوليود للفيلم العربي بالولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أعلنت المخرجة إيناس بن عثمان عن هذا التنويه بتدوينة على صفحتها بفايسبوك جاء فيها "على 48 فيلم….. تنويه للفيلم من لجنة التحكيم سأعود وعد مني بفيلم طويل"، فيما كتبت المخرجة نيفين شلبي
"الحمد لله فاز فيلمي "النهاردة يوم جميل بتنويه خاص للنجمة هنا شيحة من لجنة التحكيم من مهرجان هوليود للفيلم العربي بالولايات المتحدة الأمريكية مبروك يا هنا".

عن فيلم سلوى..

لا أحد بإمكانه أن يتخيل أحاسيس بائعة الهوى وهي تؤوي داخلها رغبات عابرة وأنفاسا وآهات مبعثرة، وتستبطن ألوانا من العنف تمتد من المادي إلى الرمزي، وتختزن دموعا وصرخات مكتومة.

لا أحد بإمكانه، أن يتكهن مايدور بخاطر إمرأة استباحوا جسدها بلا معارضة منها وبتزكية من الدولة وصارت تمتهن الدعارة، ولا إيقاع نبضها وهي ترتطم بوجوه مختلفة تأتي إليها للسبب ذاته.

أية مشاعر تنتاب عاملة الجنس التي حملتها الأقدار إلى الماخور غصبا عن أحلامها وأمالها، وجسدها يغدو ممرا للباحثين عن لحظات من المتعة في الأزقة المثقلة بصمت نساء كُسرت الفرشاة في أيديهن قبل ان يلون حيواتهن كما يردن.

الوجع الصامت، والعينان اللتان تفيضان بوحا وشكوى، والجسد الصامت رغم سريان الدم في شرايينه، والانفاس الثائرة في سكون وكأنها تأبى أن تعانق أنفاس ذلك الغريب، هذه الملحمة التي تعيشها يوميا بائعة الهوى التي رُمي بها في الأتون غصبا عن رغبتها صورتها المخرجة إيناس بن عثمان في فيلمها "سلوى".

"سلوى" فيلم روائي قصير مقتبس من قصة "وهم ليلة حب" للكاتب لسعد بن حسين، عرض في المعهد الفرنسي ضمن فعاليات المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان ليطرح موضوع بائعات الهوى من منظور إنساني.

في الفيلم، مشاركات لعديد الممثلين الذين أجادت المخرجة إيناس بن عثمان اختيارهم ليتقمصوا أدوارهم بعفوية وبساطة لتبدو المشاهد خاصة تلك التي صورت في الازقة التي تداعت حيطانها وتآكلت أبواب منازلها وتأهبت أسقفها للانهيار أشبه بمقتطفات من فيلم تسجيلي.

كتابة الفيلم وأسلوب إخراجه وأداء الممثلين على وجه الخصوص، الممثلة ريم البنا، محملون بالكثير من المشاعر والاحاسيس الظاهرة والكامنة التي تحملك إلى زاوية إنسانية تجعلك تتفكر في واقع بائعات الهوى.

ودور "سلوى" بائعة الهوى الذي تؤديه الممثلة ريم البنا، يغلب عليه الأداء غير اللفظي وفيه أظهرت قدرة على تطوير تقاسيم وجهها في التعبير وتحدثت نظراتها وبلغت ما يختلج صدرها دون الحاجة إلى كلمات كثيرة.

وهذه الشخصية تعيش بين عالمين عالم واقعي مفروض عليها وعالم متخيل تسعى إلى خلقه وهي تحاول أن تكسر الأصفاد التي طالت روحها قبل جسدها، حتى صارت متكسرة تسعى إلى رأبها كلما غادرت ذلك الزقاق المتهاوي.

بوجه شاحب لا يزينه سوى الوجع والانكسار، تستقبل الذكور تباعا، ولا يلامس أحمر الشفاه فمها إلا حينما تحل العطلة وتنامي الذكريات تباعا على إيقاع رحلة تبحث فيها عن حب صادق لا ينتهي جسدها ولا يدوس على أنوثتها.

تاركة وراءها عالم الدعارة وتفاصيلها الخفية الموجعة، تلاحق سراب الحرية والتحرر لتصطدم بواقع لا أحلام فيه لبائعات الهوى، فتلك الأجساد في مرمى الوصم دائما وأبدا، وتلك العيون المنكسرة لن تعانق نظرة سوية، هي فقط نظرات الازدراء والتحقير تطاردهن.

وليس أشد قسوة على المرء من تلك اللحظة التي يسعى فيها إلى تحقيق حلمه الذي رآه صورا في ذاكرته وانتشى به ولكنه يفتح عينيه على حقيقة تتبعثر عندها كل الرغبات والأمنيات، حقيقة أيقنت معها "سلوى" أنها ميتة على قيد الحياة.

من سجن إلى سجن آخر، تحلق روحها المتعبة  وهي تستجير بصور طفولتها من كابوس الحاضر الذي شكلته الظروف حولها وتتلو حكايتها على مسامع جلاد من بين آلاف الجلادين الذين أصدروا حكمهم المسبق على بائعات الهوى.

وفي نهاية الفيلم تأتي الإجابة عن سؤال " ماذا لو فكرت بائعة الهوى في خلق ليلة حب؟، إجابة تختزل علل المجتمع الذي ينكر على الفرد فرصته للتغيير، فرصته ليحرر نفسه من أغلال فرضت عليه.

وإذا ما فكرت بائعة الهوى في أن تثأر لنفسها من لحظات استباحتها دون قدرة منها على الرفض، تجد نفسها في مهب سجن آخر، في فصل آخر من فصول العذابات يمكن أن تستشرف بعضا منه في عين ريم البنة وهي تواجه مصيرا محتوما بعد لحظات عذبة من الحلم.

وفي فيلم "سلوى" راوحت المخرجة بين الجمالي  والجرأة في رسم ملامح زاوية أخرى لموضوع بائعات الهوى بأسلوب يأخذك بعيدا عن الأحكام المسبقة والتقييمات الأخلاقية.

عن فيلم النهاردة يوم جميل..

على امتداد  فيلم " النهاردة.. يوم جميل" تحاول عبثا أن تبحث عن اليوم الجميل لكنك لا تصادف سوى الوجع بتلوينات كثيرة وأعراف تبعث على الغثيان ويجعلك تتفكر في هذا الجبل من الجليد الصلب الذي يحول بين العقليات والتغيير وتتساءل متى تتسلل إليه خيوط الشمس أو شرارات الغضب لعله يذوب.

هو الفيلم الروائي الأول للمخرجة، وفيه ترتسم ملامح أسلوب إخراجي يتسم بالصدق والحرص على التفاصيل والجرأة من خلال النبش في مواضيع مسكوت عنها من زوايا إنسانية عميقة تقحمك في عوالم الشخصيات الضحايا.

قصة الفيلم لمنتجه علاء عبد الله سليمان، والسيناريو من كتابة  نيفين شلبي ودينا السقا وهو ما يفسر  البعد النسوي الذي يكتسيه الفيلم، وهذا لا يعني موقفا راديكيليا من الرجال بقدر ما هو مساءلة للمجتمع وللسلطة الذكورية التي تبيح للرجل أن يتجاوز الخطوط الحمر غير عابئ بدماء المرأة ودموعها.

أما اختيار الممثلين والممثلات فهو من بين نقاط القوة في الفيلم، إذ اجتمع فيه هنا شيحة ونجلاء بدر وانتصار وباسم سمرة وأحمد وفيق ومحمد حكيم وغيرهم من الممثلين والممثلات الذين تمكنوا من تقمص الادوار ببساطة وسلاسة تغذيان منسوب الصدق في الفيلم.

اغتصاب زوجي، وخيانات، أكاذيب، ومجتمع يؤوّل كل النصوص لخدمة الذكورية، ورجال شعارهم في الحياة أن المرأة خلقت من ضلع الرجل، ونساء ينتظرن انفجار البركان داخلهن حتى يصنعن يومهن الجميل..

ويحل اليوم الجميل، على عتبات أكوام من الوجع، يوم رسمت المخرجة ملامح مختلفة له في ثلاث حالات لتصور مؤسسة الزواج وحكاياتها بأكثر من وجه وبين حيوات "سميحة" (هناء شيحة) وزوجها "أحمد" (أحمد وفيق)  و"سالي" (نجلاء بدر) وزوجها " هاني" (محمد حكيم) "صفاء" (انتصار) وزوجها فؤاد (باسم سمرة)، تجلت نظرة المخرجة الحقوقية التي لا تجور على الرجل بقدر محاربتها للذكورية.

في الحالة الأولى، تتحدى "سميحة" المجتمع والقانون وترفع بزوجها "أحمد" قضية في الاغتصاب الزوجي وتدخل أروقة المحكمة وهي ترسم على وجهها ابتسامة النصر رغم اصطفاف خالها مع زوجها وهو العليم بكل التفاصيل، في نهاية مفتوحة عنوانها الأمل والتحدي.

ليست "سميحة" وحدها التي تحدّت المجتمع وداست على ألمها، "سالي" أيضا تخطت حالة التعود على خيانات زوجها وتمردت عليها حتى أنها فضحت خيانته مع زوجة صديقه أمام الجميع وفي عيد ميلاده وتسلحت هي الاخرى بابتسامة رضا.

أما في الحالة الثالثة، "صفاء" و"فؤاد"، غادر "فؤاد هذا العالم والطبيب يبلغه أنه لم يعد قادرا على ممارسة الجنس، وتعانق "صفاء" بدلة الرقص التي كان يريدها أن ترتديها وتدور حول نفسها لتجعلك تتساءل هل أنها إن ارتدتها سابقا كانت ستحول دون دون ماحصل مع زوجها في ناد للرقص، وهل كانت ستمنع عينيه عن اختراق أجساد النساء.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.