بقلم: طارق الكحلاوي
راجت في الايام الاخيرة نصوص دعائية اقرب الى التمني تدعي اعتقال قيادات نقابية عبر احكام عرفية، المفارقة ان بعض من روج هذه النصوص ممن يتعاطف مع التيار الاسلامي الذي عانى من الاعتقالات والاحكام العرفية لكن يتمناها على ما يبدو لخصومه.
اذ عانى الاسلاميون من هكذا ممارسات مثلما عانت منها قيادات نقابية تاريخية مثل الحبيب عاشور وصحبه اخر السبعينات وبداية الثمانينات. لكن هذا التمني للاعتقال والاستئصال يعكس رؤية اعمق للمسالة الاجتماعية تشيطن العامل النقابي ذاته، وتعتبر "الاصلاح" مثلما يقترحه صندوق النقد مقدسا، ويتم التطوع لتنفيذ هذا التوجه من باب تشريع الوجود السياسية وتحصينه.
صحيح ان اتحاد الشغل يلعب دورا سياسيا يتجاوز دوره النقابي لكن الا يعكس ذلك فشل الطيف الديمقراطي الاجتماعي في انتاج حزب كبير وقوي يمثل الطبقات الوسطى والمفقرة، اي الطبقات التي يمثلها اتحاد الشغل؟
والاهم ان خلف هذا وذاك اشكالا اكبر واهم: هل هناك اي معنى للديمقراطية اذا كان من ننتخبه ينتهي اليا لتنفيذ سياسات يمليها حفنة من الموظفين القابعين في مكاتب مغلقة في واشنطن، مثقابل غياب كل لاي اجتهاد ينبع من الظروف المحلية في الشان الاقتصادي؟
النقابة بوفصها تاريخيا عامل تعديل للميزان الاجتماعي
مرت تونس قبل الاستقلال وبعده بازمات اجتماعية متواترة وخلالها كان الرافع الاساسي للمحنة الاجتماعية المنظمات النقابية وليس اطرافا حزبية.
فقبل الاستقلال نشأت اول منظمة نقابية تونسية بقيادة محمد علي الحامي اعقاب ازمة ما بعد الحرب العالمية (الامبريالية) الاولى. ونشأت نقابة بلقاسم القناوي في الثلاثينات كاستتباع اجتماعي محلي للازمة العالمية الرأسمالية سنة 1929. ونشأ الاتحاد العام التونسي للشغل كنتيجة مباشرة للازمة الاجتماعية العالمية اثر الحرب العالمية (الامبريالية) الثانية.
وفي ذات السياق بعد الاستقلال واثر اصطفاف اتحاد الشغل الى جانب بورقيبة ومرحلة من التناغم بين السلطة والاتحاد وخلال اكبر ازمة اجتماعية في السبيعنات خلال مرحلة "النمو القياسي" لحكومة الهادي نويرة قاد اتحاد الشغل اول اضراب عام في تاريخ دولة الاستقلال في 26 جانفي 1978 (ولو ان النظرة المتمعنة لحيثيات الاضراب تتجاوز العامل الاجتماعي لتضم عوامل سياسية محلية واقليمية).
وقبيل الثورة وبعدها كان تأزم الوضع الاجتماعي دافعا (وليس العكس) لتموقع اتحاد الشغل في قيادة الحراك الاجتماعي. رغم ان ذلك ترابط ايضا مع ميل سياسي للاتحاد لقوى سياسية دون اخرى خاصة اليسار الماركسي-العروبي الراديكالي وحتى ممثلين عن المنظومة القديمة. لكنه مثل ايضا قوة صد امام الاتجاهات الانقلابية الاستئصالية عندما رفض في هيئته الادارية الشهيرة اثر اغتيال الشهيد البراهمي اخر جويلية 2013 دعم الانقضاض على السلطة السياسية ودفع في اتجاه خيار الحوار الوطني.
حكومة الشاهد وسيط رديء لـ"اصلاحات" صندوق النقد
هناك صراع خفي لكنه باهت للاسف في تونس حول ماهية "الاصلاحات" الاقتصادية والاجتماعية المرجوة. ومن بين اكبر المغالطات الحديث عن "الاصلاحات" كأنها رزمة واضحة وتعكس اجماعا سياسي او نظريا. هناك رواية سائدة صاغ معظمها نسق فكري نيوليبرالي يدور حول "نظرية النقد" ويحدد "الاصلاح" ضمن مقاربات تقنية حسابية صالحة لكل زمان ومكان. ومن النادر ان نجد مسائلة في العمق لهذا التوجه.
منذ احداث حكومة الشاهد في صيف 2016 كان من البين، مثلما كتبت في مقال حينها، ان برنامجها ليس لم تكتبه هي بل كتبه صندوق النقد. وثيقة برنامج حكومة السبسي الثانية موجود في اطار وثيقة لصندوق النقد مصنفة “Strictly Confidential” تمت كتابتها اخر شهر جويلية وبعنوان "الخلاصات الاولية لمهمة زيارة 12–19 جويلية 2016". بمعنى اخر بمعزل عن مكوناتها وتركيبتها وشخوصها الحكومة القادمة معنية بتنفيذ هذه المقررات.
وتشمل اجراءات قبل نهاية هذا العام رفع اسعار الكهرباء وتجميد اي ترقيات ومنح واجراءات منذ اواخر سنة 2016 وبداية 2017 ومن بينها اعادة التفاوض مع اتحاد الشغل لتجميد اي منح او ترقيات والتأخير في سن التقاعد والتقليص من الخدمات التي توفرها الصناديق الاجتماعية حتى تواجه الدولة المشاكل المالية في ميزانية السنة القادمة من بينها تبعات الفساد في “البنك الفرنسي التونسي” (تنصل رجال اعمال يتبعون بن علي من اعادة قروضهم) والتي ستخلق سنة 2017 ثقبا في الميزانية بما يفوق 430 مليار تضاف الى بقية الالتزامات المالية. وتشدد الوثيقة على محور “الوظيفة العمومية” بالنسبة “للاصلاحات” والتي تشكل خاصة “تجميد” الاجور والانتدابات الى سنة 2020 بما يفسر تعيين السبسي لمقرب من المنظمة النقابية في وزارة الوظيفة العمومية ربما لتسهيل هذه القرارات المثيرة للجدل.
وقد تناقلت وكالات الانباء اول شهر افريل 2018 الخبر التالي: "قالت الحكومة التونسية يوم السبت إنها قررت رفع أسعار البنزين والوقود بنحو ثلاثة بالمئة للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر ضمن حزمة إصلاحات يطالب بها المقرضون الدوليون لخفض العجز." (رويترز)
قبل ذلك بايام قليلة تناقلت ذات المصادر: "دعا صندوق النقد الدولي، حكومة تونس، إلى زيادة ربع سنوية في أسعار المحروقات، عبر تفعيل آلية التعديل الدوري، ما يشير إلى إمكان رفع السعر، بداية من إبريل/نيسان المقبل. وأوصى صندوق النقد الدولي، في بيان له أمس الأربعاء، الحكومة التونسية، باتخاذ إجراءات قوية لمعالجة الوضع المالي للبلاد والموازنة العامة، تتضمن زيادة الإيرادات الضريبية، وكبح زيادات الأجور في الوظائف الحكومية."
السؤال الذي يتبادر فورا لاذهاننا: لما لا يحكم صندوق النقد البلاد بشكل مباشر بلا وسائط رديئة؟ حينها يكون الصراع واضحا وبدون تمييع.
في اسس العلاقة مع صندوق النقد:
من الضروري التذكير هنا بالبدايات. إذ بدأت قصة العلاقة بين تونس وصندوق النقد الدولي بقانون عدد 78-57 المؤرخ في 31 ديسمبر 1957 (أي منذ تأسيس الدولة الوطنية) بالانخراط في الصندوق، من خلال مساهمة مالية بحصة أولية مقدارها 12 مليون دولار أمريكي، أي ما يقارب 22.7 مليون دينار تونسي، ومنذ ذلك التاريخ، وافقت الدولة التونسية كل خمس سنوات في الترفيع في حصتها التي تبلغ حاليا 405 ملايين دولار أمريكي. منذ ذلك التاريخ تحصلت تونس على أربعة أنواع من "التسهيلات" من الصندوق.
وآخرها، اتفاق الاستعداد الائتماني (جوان 2013) ما يعادل 1,7 مليار دولار (3.21 مليار دينار تونسي) بسعر فائدة بحوالي 1.07 بالمائة، يتم تسديد كلّ قسط على مدى 5 سنوات مع فترة إمهال بـ3 سنوات. ويدعم هذا الاتفاق برنامج "إصلاحات هيكلية" تمتد على مدى سنتين، وتشمل عديد المجالات وخاصة السياسات الاقتصادية والمالية والقطاع المالي والبنكي. وكان حزب المؤتمر اعترض على هذا القرض عبر وزرائه في حكومة "الترويكا" وتم الضغط من اجل التنصيص في رسالة طلب القرض الرسمية على أن تونس في حل من أي اتفاقيات اذا أضرت بمصالحها الاقتصادية.
وكانت تصريحات المسؤول الإقليمي لصندوق النقد الدولي قبل حوالي العام (مارس 2015) حول تونس مثيرة حيث قال: "تونس في حاجة إلى إصلاحات مهمة تنقل الاقتصاد من نموذج التنمية الحالي الذي يعتمد على تدخل الدولة إلى نموذج يطلق إمكانات القطاع الخاص… المقترحات الرامية إلى إعادة هيكلة بعض البنوك العمومية حتى تساهم في تنمية القطاع الخاص".
تعليمات صندوق النقد ليست حلا مقدسا، وفي الحاجة لرافع سياسي ديمقراطي اجتماعي:
صندوق النقد والبنك الدولي اشادا كلاهما باستمرار بنظام بن علي، وكتبا تقارير في هذا الاتجاه اشهر قليلة قبل الثورة. ومباشرة بعدها عدلا في خطابهما وعبرا عن بعض النقد الذاتي. غير ان تعاملهما مع الملف التونسي لا يعكس انهما استفادا من دروس تجارب "الاصلاحات الاقتصادية" التي عمقت من الصعوبات وحولتها الى ازمات. خيارات قائمة على مصادرات نظرية نيوليبرالية يتم تطبيقها كوصفات جاهزة على اي مكان وفي كل زمان بدون اي اجتهاد.
هذه الوصفات الجاهزة تتضمن عادة نفس العناصر. فعند تقديم القروض للبلدان يجعل صندوق النقد الدولي القرض مشروطًا بتنفيذ سياسات اقتصادية معينة. تميل هذه السياسات إلى تضمين: الحد من الاقتراض الحكومي – ضرائب أعلى وإنفاق أقل، أسعار فائدة أعلى لتحقيق الاستقرار في العملة، السماح للشركات الفاشلة بالإفلاس، التكيف الهيكلي. الخصخصة، ورفع القيود، والحد من الفساد والبيروقراطية.
ليس المشكل بالضرورة مع كل هذه العناصر فبعضها ضروري بل محمود (مقاومة الفساد). المشكلة هي أن سياسات التكيف الهيكلي والتدخل الاقتصادي الكلي يمكن أن تجعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة أسوأ.
الباحث الشاب شفيق بن روين، الذي ينشر تعليقا دوريا على الوضع الاقتصادي في إطار "المرصد التونسي للاقتصاد"، نشر في الصيف الماضي تعليقا نقديا لمنهجية وخطة صندوق النقد. لم ولن نرى – في اعتقادي – بن روين في وسائل الإعلام السائدة، رغم أن ما يكتبه مع بعض الآخرين القلائل يمثل نقدا جذريا جديا لرؤية صندوق النقد "المقدسة".
تعليق بن روين يركز أولا على السيرورة التي أوصلتنا للوضع الحالي: "إن نقطة التحول الأولى في التضخم هي حوالي شهر نيسان/ أبريل 2016. في هذا الشهر كان صندوق النقد الدولي قد فرض على تونس إقرار قانون استقلال البنك المركزي، والمهمة الرئيسية: محاربة التضخم، مع التأكيد على تحرر الدينار. هذا التغيير الهيكلي تتحقق في 10 آذار/ مارس 2017، وهو الشهر الذي عانى فيه الدينار من أكبر انهيار له في إطار قرار من البنك المركزي لتأسيس السياسة النقدية الجديدة مستوحاة من أيديولوجية صندوق النقد الدولي".
ويضيف بن روين خاصة: "تريد أيديولوجية صندوق النقد الدولي أن يكون التضخم دائما بسبب نقدي، أي أنه لا يمكن أن يأتي الكثير من توزيع الاعتمادات. لمكافحة هذا التضخم من أصل نقدي، سيكون من الضروري رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم. الواقع في تونس مختلف جدا. التضخم في تونس زاد بشكل رئيسي مع تحرير الدينار في نيسان/ أبريل 2016، ثم تسارع بشكل خاص بعد آذار/ مارس 2017. قمنا بحساب، فتبين أنه بين كانون الثاني/ يناير 2013 وآذار/ مارس 2016، كانت نسبة الارتباط بين التضخم وسعر الصرف منخفضة (0.25)، بينما أصبحت قوية للغاية بين نيسان/ أبريل 2016 وأيار/ مايو 2018 (-0.91). هذه الأرقام تدعم تفسيرنا بأن التضخم يرجع أساسا إلى تحرير الدينار ثم إلى انخفاض قيمته، مما يزيد من أسعار السلع المستوردة. كدليل على ذلك، لم تكن لزيادة الفائدة المديرية للبنك المركزي في أبريل/ نيسان وأيار/ مايو 2017 أي تأثير على التضخم. في الواقع، لم يكن التضخم أبدا كذلك منذ أن فرض صندوق النقد الدولي على البنك المركزي التركيز فقط على مكافحة التضخم".
الانتقادات لصندوق النقد في السياق التونسي تم التعبير عنها بشكل ادق واكثر علمية واقل شعبوية في مقال للباحثة الايطالية كلارا كابالي على موقع The Bretton Woods Project اخر شهر مارس الفارط.
تقول كابالي خاصة فيما يتعلق بالسياسة التي فرضها صندوق النقد فيما يخص تخفيض سعر الصرف: "تستند دعوة صندوق النقد الدولي لسعر صرف مرن على فرضية أن عملة أضعف ستكون حافزاً للصادرات. ومع ذلك ، فإن إيمان صندوق النقد الدولي بفوائد هذا النهج يتجاهل تمامًا طبيعة قطاع التصدير التونسي فضلاً عن العواقب الوخيمة التي تترتب على انخفاض قيمة العملة في الاقتصادات المعتمدة على الاستيراد."
تواصل كابالي: "يعتمد قطاع التصدير في تونس في المقام الأول على العمالة ذات الأجور المنخفضة، والتي تتكون بشكل رئيسي من الصناعات ذات القيمة المضافة المنخفضة، والسياحة منخفضة التكلفة والخدمات الرخيصة، مثل مراكز الاتصال المملوكة لشركات أجنبية. لم يُشاهد بعد نهوض كبير في الصادرات التونسية، ولكن حتى لو تحقق ذلك ، لا تزال هناك شكوك حول عدد وجودة الوظائف التي قد تخلقها. في الواقع، تعتمد تونس بشدة على الواردات لاجل الاستهلاك ولا تكاد تستفيد من الموارد المحلية. وفي حين أن النمو المطرد القائم على التصدير غير مؤكد."
كابالي تستخلص فيما بعد: "تكشف هذه السياسة عن ضعف فهم صندوق النقد الدولي للاقتصاد التونسي وعدم القدرة على تصميم بدائل لسياسات التنمية الكلاسيكية الجديدة، التي تعطي الأولوية للاستقرار المالي الذي يقوده العرض على العمالة اللائقة والعدالة الاجتماعية.
أولاً، لا يمكن لاقتصاد صغير يعتمد بشكل كبير على علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي أن يستفيد من انخفاض قيمة العملة إذا لم يكن مدعوماً بتدابير تعزز التحول الهيكلي وتحمي المستهلكين من معدلات التضخم المرتفعة.
ثانياً، تستند ثقة الشركات والمستثمرين الى مجموعة متنوعة من العوامل، ولا تؤدي بالضرورة إلى خلق وظائف مستدامة ونزاهة.
ثالثًا، لا تعني التنمية الهندسة الاجتماعية والاقتصادية: فالتعبير "إصلاحات جيدة التصميم وتنفيذ جيد ومتوازن اجتماعيًا" يعني أنه يجب تبرير إجراءات التقشف باسم رؤية ميكانيكية للسياسة الاقتصادية."
تشخيص الاقتصاد التونسي الأكثر جدية هو الذي يصفه بأنه مجرد "اقتصاد ريعي" يخدم حفنة من أصحاب اللوبيات ويمنع تنمية جدية أكثر إدماجا. هذا ما قاله الاقتصادي الفرنسي ادوين لو هيرون (Edwin Le Héron) في حوار مع صحيفة "ليبيراسيون" هذا الأسبوع: "إنه اقتصاد الريع، كما هو الحال في العديد من البلدان في المنطقة. لا توجد طبقة من رواد الأعمال المبتكرين في تونس. على سبيل المثال رجال الأعمال لديهم اهتمام أكبر بالتفاوض على استيراد سيارات رينو من محاولة تخيل كيفية إنتاج هذه السيارات. لكن منطق الاستيراد هذا غالبا ما يقترن بمنطق الفساد. إنها حلقة مفرغة… من المؤكد أن شبكات المصالح لم تعد مرتبطة بأقارب ابن علي، لكنها لم تتغير حقاً. الكعكة ليست قابلة للتوسعة".
لا شك ان اتحاد الشغل تموقع سياسيا باشكال مختلفة وليس دائما في الاتجاه الملائم لخطه الاجتماعي (تموقع قيادته مع نظام بن علي طيلة عقدين وتوقيع اتفاقيات لااجتماعية منها اتفاقية المناولة وسط التسعينات، وفي الحوار حول تشكيل الحكومة مؤخرا من خلال التقارب مع السبسي وابنه) لكن في كل هذه الفترات مثل عموما قوة تعديلية في الميزان الاجتماعي، خاصة امام عجز الطيف الديمقراطي الاجتماعي حتى الان عن انتاج قوة سياسية جدية وضاربة تعبر عن المصالح الاقتصادية للطبقة الوسطى، بما ساهم في تزييف الوعي الطبقي لهذه الفئة وجعلها مجرد قاعدة انتخابية لاحزاب لا تمثل مصالحها في حين تقود الاحزاب الممثلة لها في عديد التجاربة السياسية عبر العالم نهج الاقتصاد الاجتماعي دون السقوط في دوغمائية الاشتراكية التقليدية.
في نهاية الامر باستثناء حفنة نادرة من الاقتصاديين التونسيين والاجانب، عمليا لا يواجه هذه الوصفة الا مؤسسة وحيدة هي الاتحاد العام التونسي للشغل اذ ليس لاي حزب اي ثقل كافي او اي هوية واضحة تجعلها يتمثل هذه المعركة. وبهذا المعنى، ورغم اي اخطاء اتصالية او سياسية لاتحاد الشغل فان المحافظة عليه والاهم تمرير دوره السياسي الى حزب ديمقراطي اجتماعي كبير هو من اهم العوامل التي سترشد الحياة السياسية في تونس وتجعل لها معنى، وتنهي وجود احزاب مشخصنة وبلا معنى. وتعيد الاعتبار للعلاقة بين مصالح الناس والسياسة. اي تحديث السياسة.