عضو هيئة الخبراء المحاسبين حسام الدين التعبوري: الفرضيات التي بني عليها مشروع قانون المالية غير واقعية

أكد خبير محاسب وعضو هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية حسام الدين التعبوري أن مشروع قانون المالية لسنة 2017 يحمل جملة من التناقضات والمفارقات بين مضامينه والواقع الاقتصادي التونسي، منتقدا بعض الأحكام والإجراءات التي لا تشجع في نظره على استحثاث نسق الاستثمار الخاص ودفع التشغيل.

وأفاد التعبوريي في حديث لحقائق أون لاين أن المشروع المعروض يحمل جملة من التناقضات لأن الفلسفة العامة التي بني عليها المشروع تتصل بتعبئة الموارد الجبائية والتي من المنتظر أن تتطور بنسبة 12 بالمائة (بزيادة بـ3 آلاف مليون دينار مقابل 2016) وذلك لمجابهة النفقات الكبيرة، مقابل إجراءات ستخفض من موارد الدولة وخاصة جدول الضريبة الجديد الذي سيخفض من الموارد بقيمة 210 ملايين دينار، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه لا أحد من المنظمات الوطنية طلب من الحكومة تغيير الجدول على الضريبة.

وظهر التناقض أيضا، وفق محدثنا، في بعض الأحكام التي يراها لا تخدم الأهداف التي من أجلها تم إعداد المشروع من ذلك تطوير الاستثمار، لافتا إلى تواجد إجراء واحد لتطوير الاستثمار ويتعلق بخط التمويل بقيمة 250 م د سيتم وضعه على ذمة البنك التونسي للتضامن الذي سيتولى بدوره توزيعه على الجمعيات، كما بين أن المشاريع الصغرى ليست لها قدرة تشغيلية عالية كما أن توزيع هذا المبلغ على سنة واحدة صعب جدا، الأمر الذي يتطلب حسب رأيه نحو 5 سنوات لصرفه.

وفي محور التهرب الجبائي بين الخبير المحاسب غياب إجراءات واضحة وصريحة باستثناء اثنين أو ثلاثة إجراءات وتهم المؤسسات المهيكلة والحال انه كان من الأجدى محاربة المؤسسات غير المهيكلة.

وأوضح أن توازن الميزانية تم بناءه على فرضيتين اثنتين وهما محل خلاف كبير، تهم الأولى إرجاء الزيادة في الأجور بقيمة ألف مليون دينار بعنوان سنة 2017، أما الثانية فتتعلق بالمساهمة الظرفية للمؤسسات (7.5 بالمائة) والتي ستوفر حوالي 900 مليون دينار، مؤكدا أن المشروع المعروض يتناقض مع المرحلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من خلال مستوى الإنفاق الذي سيكون في حدود 32.4 مليار دينار يعني بتطور بنسبة 12 بالمائة زيادة مقارنة بسنة 2016، مستغربا من مستوى نفقات التنمية الذي سيكون بنحو 6.3 مليار دينار بزيادة بحوالي ألف مليون دينار مقارنة ب 2016 في حين أن نسبة الانجاز لم تتعد مع موفى أوت الماضي 60 بالمائة.

واستنتج محدثنا أن مستوى الإنفاق مرتفع وأن الاقتصاد التونسي غير قادر على استيعاب 6 مليار دينار في ظرف عام واحد مستدلا على ذلك بأن قانون المالية التكميلي لسنة 2012 توقع نفقات تنمية بـ6.4 مليار دينار وفي الأخير لم يقع صرف سوى 4.5 مليار دينار. كما سيظل مستوى عجز الميزانية 5.4 بالمائة في العام القادم مقابل 5.7 بالمائة منتظرة في 2016 ولكنه حذر بالمقابل من مستوى التداين الذي سيرتفع إلى حدود 63 بالمائة مع تغير هيكلته من 63 بالمائة خارجي و 34 بالمائة داخلي لتصيح العام القبل 70 بالمائة خارجي و 30 بالمائة داخلي ما سيطرح إشكاليات كبيرة خاصة مع عدم توازن في ميزان الدفوعات.

كما لفت إلى هناك مشكلة أخرى على مستوى الموارد الجبائية إذ أنه في عام يتوقع ان تكون نسبة النمو 1.3 بالمائة وتعمل الحكومة على تحصيل جباية بتطور بنسبة 12 بالمائة ( بزيادة بـ3 آلاف مليون دينار العام المقبل)، متسائلا عن الطريقة التي سيتم بمقتضاها تحصيل هذا المبلغ في ظل تسجيل مستويات نمو ضعيفة وهشة.

وأضاف أنه تم تسجيل تراجع المداخيل الجبائية خلال هذه السنة بـ 1700 مليون دينار ولأجل ذلك سيرتفع عجز الميزانية من 3.9 بالمائة في قانون المالية الأصلي لـ 2016 إلى 5.7 بالمائة منتظرة من خلال تحيين قانون المالية التكميلي.

واعتبر التعبوري أن الفرضيات التي بني عليها مشروع الميزانية غير سليمة وغير واقعية إذ انه من الصعب أن يسجل سعر الدولار استقرارا في العام المقبل إذ بنت الحكومة فرضية الميزانية على أساس 2.225 دينار مقابل الدولار والحال ان سعر الدولار حاليا في مستوى 2.261 دينار. كما أن اعتماد سعر 50 دولار لبرميل النفط أمر غير وارد ولا يعتقد أن يظل في نفس المستويات لأن التقارير الدولية تشير إلى أن سعر برميل النفط سيرتفع العام القادم.

وفي ختام حديثه تمنى حسام الدين التعبوري حظا سعيدا لوزيرة المالية على مشروع الميزانية المطروح.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.