هنا القيروان.. هنا “ڨلوب فايضة”

  يسرى الشيخاوي- 

هنا القيروان.. هنا يسخر الوباء من عجز الدولة.. هنا يتحين الموت فرص الاستهتار والتهميش.. هنا يرتسم وجه عزرائيل في كل التفاصيل.. هنا البطالة والتهميش والفقر واللاعدالة.. 

هنا عاصمة الأغالبة التي غلب الحزن والوجع على كل زواياها.. هنا صور المرضى والموتى تدمي القلب.. هنا وعود المسؤولين الكاذبة.. هنا "السين" و"سوف" والحملات الانتخابية التي لا تؤتي أكلها.. 

هنا مواطنون في مهب النسيان غارقون في بوتقة الفقر.. هنا مواطنون يتشبثون بالقش ويصرخون ولا يجد صوتهم صدى لدى الدولة إلا حينما يحضنهم الموت.. هنا مواطنون مع وقف التنفيذ..

هنا "ڨلوب فايضة".. هنا غضب من استقالة الدولة من مسؤولياتها.. هنا حنق على المسؤولين الذين تركوا للوباء منافذ كثيرة يتسلل منها.. هنا سخط ووجع ونقمة ومشاعر كثيرة تعجز الكلمات عن وصفها.. هنا الأصوات الغاضبة تتعالى بتقطع الطريق على الموت.. 

في القيروان التي لا يتذكرها المسؤولون إلا إذا حجوا إليها في المولد النبوي، والتي يقترن اسمها غالبا بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي المتردّيين، يعيش المواطنون وسط هالة من الموت لانتشار الوباء. 

أعداد الوفيات والإصابات بكورونا تتصاعد والمسؤولون لا يتخذون أي قرار لايقاف نزيف العدوى، إلى ان فاضت قلوب المواطنين هناك بما حملت من معاناة وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بالتدوينات والتعليقات والوسوم التي تدعو إلى إنقاذ القيروان. 

هكذا هم المسؤولون في تونس لا يتعظون، لا يستبقون الكوارث بل ينتظرون وقوعها حتى يتحركوا، وبعد الاستغاثات المتواترة أتت قرارات الحجر الشامل وتركيز مستشفى عسكري ميداني، قرارات متأخرة ولكنها تبقى أفضل من الصمت القاتل. 

ولأن قرار الحجر الشامل جاء مسقطا دون استراتيجية تجنب تكرر نفس السيناريو في القيروان بعد انقضائه، فإن ائتلافا من الشباب خرج في تحرك احتجاجي أمام ولاية القيروان نادى فيه بحلول جذرية تجنب الأسوأ.. 

هو ائتلاف "ڨلوب فايضة"، ائتلاف اجتمع على رفض الحلول الترقيعية، ائتلاف لم يستهتر بالوضع الصحي كما يروج البعض وإنما أراد أن يكون صوتا لكل الولاية، ائتلاف استنكر القرارات المتأخرة وثار عليها. 

"ڨلوب فايضة"، لم يرض بالقرارات المسكنة، القرارات غير المدروسة والتي أتت مرتجلة دون ادنى مراعاة للفئات المفقرة، وفق حديث عضو الائتلاف علاء الدين العمّاري لحقائق أون لاين. 

الشارع كان ملاذهم، وفيه رفعوا مطالبهم في أول تحرك كانت نتيجته إيقاف أحد عشر ناشطا واستدعائهم للمثول أمام المحكمة في الثلاثين من شهر جوان الجاري بتهمة خرق إجرءات الحجر الصحي الشامل، وفق العماري.

وهذا التحرك يأتي احتجاجا على ما بلغه الوضع في القيروان، إذ يقول محدّثنا إنه كارثي وإن الموت في كل مكان، داخل كل عائلة إصابة أو إصابات بكورونا وفي كل حي وفاة أو أكثر، وغرفة الموت لم تعد تستوعب الجثامين والقبور أيضا، مشيرا إلى أن الوضع الصحي هو القطرة التي أفاضت الكأس في ولاية مهمشة ومفقرة.

وعن التعامل الأمني مع التحرّك، يشير إلى التعزيزات الأمنية المكثفة التي كانت في انتظار المحتجين وإلى تعرضه للضرب في مركز الأمن بغاية إجباره على فتح هاتفه الجوال وفسخ فيديو يظهر استعمال القوة مع احد المحتجين قبل مغادرتهم بعد حضور عدد من المحامين، مؤكّدا أن التحرك كان سلميا.

ومن المنتظر أن ينفذ الائتلاف تحركات احتجاجية اخرى من اجل مساندة الشباب اللذين تم إيقافهم ومن اجل الضغط لإيجاد حلول جذرية للقيروان على جميع الأصعدة، وفق حديث علاء الدين العماري الذي يؤكّد ضرورة دراسة التحركات في هذه الفترة حتى لا يكون المحتجون عرضة لتهمة خرق الحجر الصحي وذلك بإيجاد سبل أخرى للاحتجاج.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.