هل يهدد خروج فاغنر المسار السياسي في ليبيا؟

شذى الخياري-
 
تعيش ليبيا اليوم حالة من الصراع السياسي الداخلي بعد أكثر من عامين من الهدوء النسبي ووقف إطلاق النار وإستئناف إنتاج النفط الذي جاء نتيجةً إلى ما حققه الجيش الوطني الليبي بقيادة  خليفة حفتر وبالتعاون مع قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر من بسط للأمن والإستقرار في كل من شرق وجنوب البلاد.
 
وفي أواخر عام 2020 تمكن الشرق والغرب الليبي من التوصل إلى إتفاق وقف إطلاق النار وإستئناف إنتاج النفط بعد ضمان تأمين الحقول النفطية على يد قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة، وكان هذا الإتفاق هو حجر الأساس للمضي قدماً نحو إيجاد حل سياسي دبلوماسي سلمي ينتهي بإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.
بالفعل، انعقد في مطلع العام الماضي ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتم وفق مخرجاته إختيار عبد الحميد الدبيبة رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بهدف تمهيد البلاد لإجراء إنتخابات رئاسية وفق القاعدة الدستورية في ديسمبر من العام نفسه.
 
لكن وبسبب سوء الإدارة وضعف حكومة الوحدة الوطنية، فشلت مؤسسات الدولة في إجراء الإنتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، الأمر الذي خلق حالة من الفراغ السياسي في البلاد بسب الخلافات بين الأطراف السياسية وتم تأجيل الإنتخابات إلى أجل غير مسمى.
 
فشل حكومة الوحدة الوطنية، دفع مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح إلى سحب الثقة من عبد الحميد الدبيبة وحكومته، وتم إختيار وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، خلفاً للدبيبة للمضي نحو إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب فرصة ممكنة.
وفي خضم كل هذا، طالب الشعب الليبي من المجتمع الدولي بسحب جميع القوات الأجنبية من الأراضي الليبية لضمان إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
كان أول المُستجبين لهذا الطلب الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر، التي أعلنت عن سحب قواتها من المواقع التي كانت واقعة تحت حمايتها من حقول نفطية وخط التماس الرابط بين شرق وغرب البلاد سرت-الجفرة.
 
هذا الإنسحاب وعلى الرغم من أنه تنفيذاً لمطالب الشعب الليبي، إلى أنه كانت له بعض الأضرار، فمع خروج جزء كبير من قوات شركة فاغنر الخاصة، وجدت التنظيمات الإرهابية فجوة أمنية سمحت بعودتهم إلى جنوب البلاد وتنفيذ أكثر من عملية إرهابية إستهدفت قوات الجيش الوطني الليبي في الجنوب الليبي.
 
عودت التنظيمات الإرهابية في الجنوب وتحشيدات الجماعات المسلحة والميليشيات في الغرب للهجوم على شرق البلاد فور إنسحاب قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة من ليبيا، تسبب في فرض المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة على عدد من حقول النفط.
ففي منتصف الشهر الماضي أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، حالة القوة القاهرة بميناء الزويتينة النفطي، على خلفية إيقاف إنتاج النفط الخام من حقل أبو الطفل والانتصار والنخلة والنافورة.
 
يأتي ذلك، غداة إعلان حالة القوة القاهرة في حقل الفيل النفطي جنوباً لتوقف الإنتاج فيه، لتعرضه لمحاولات غلق تعسفي بسبب دخول أفراد مسلحيين ومنع العاملين من الإستمرار في الإنتاج. وأعلنت المؤسسة في بيان حالة القوة القاهرة عن ميناء الزويتينة، وتحذر من بدء موجة مؤلمة من الإغلاقات وقت طفرة أسعار النفط والغاز.
 
ويرى بعض الخبراء أن إنسحاب قوات الشركة العسكرية الروسية فاغنر من ليبيا تسبب في تدهور الوضع الإقتصادي والأمني في جميع ربوع ليبيا، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على مسار الحل السياسي السلمي في البلاد، ومن الازم عودتهم إلى مواقع تمركزهم لضمان إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب فرصة ممكنة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.