مهرجان “نواة”.. ثقافة أخرى

 يسرى الشيخاوي-

في الذكرى السابعة عشر لتأسيسها، اختارت المنصة الإعلامية " نواة" أن تختفي بتجربتها بمجموعة من الأنشطة التي راوحت بين الإعلامي والثقافي، أنشطة من رحم المنهج الذي مضت عليه المنصّة منذ بداياتها لتظل مختلفة متفرّدة منحازة إلى الهامش ومؤمنة بالبدائل.

عرض أفلام، ونقاشات، ومعرض صور، وحفل موسيقي، بالإضافة إلى أنشطة أخرى مرافقة، ملامح برمجة مهرجان " نواة" الذي انتظم من الثاني إلى الرابع من أفريل الجاري.

وتعبيرات الثورة كانت حاضرة  من خلال معرض "Psycaricatures" الذي تضمن أعمال رسام الكاريكاتور، غير معروف الهوية إلى اليوم، "زاد"، وهي أعمال نقدية طالت رأس النظام مباشرة قبل الثورة وحوّلته إلى شخصية كاريكاتورية ومازالت إلى اليوم أداة لرفض الانتهاكات والتجاوزات.

نقاش حول واقع الرسم للصحافة في تونس خاضه رسامو كاريكاتور وباحثين في مجال الإعلام في افتتاح المعرض ولم يحضره "زاد" الذي زادت هويته المجهولة من عمق ما يقدّمه من أعمال.

أما في اليوم الثاني للتظاهرة، فالنقاش من نصيب الأحياء الشعبية من خلال التطرّق إلى "وصم الأحياء الشعبية من قبل وسائل الإعلام"، كما يجري تقديم مشروع  "حومة في آر" للمخرج سليم حربي، وهو عبارة عن جولات داخل الأحياء الشعبية عبر الواقع الافتراضي، كما قُدّم العرض الأول لفيلم "Non Grata" لحمادي الأسود الذي أنتج بالتعاون مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويحكي الفيلم وضع المهاجرين الأفارقة في تونس

وفي اليوم الأخير من التظاهرة، عُرض الفيلم الوثائقي "جيل منيش مسامح" وهو من إنتاج "نواة"، وكانت الموسيقى مسك الختام  بعرض موسيقي للفنانة بديعة بوحريزي.

عن الوصم المرافق للأحياء الشعبية.. 

على غرار كل أنشطة المهرجان التي تصب في فلسفة المنصة الإعلامية "نواة" التي خيّرت منذ انطلاقتها أن تغرّد خارج السرب، يخوض النقاش الذي دار بخصوص "وصم الأحياء الشعبية من قبل وسائل الإعلام"، على هامش مشروع "حومة في آر" (7ouma VR) للمخرج سليم حربي، في بعض معاناة الأحياء الشعبية.

بعيدا عن الوصم الذي يعاني منه أبناء الأحياء الشعبية، هم فنانون ورياضيون يلاحقون الأمل من بين ثقوب اليأس الذي يحاوطهم من كل صوب، وهم متقبلون للآخر رغم أنهم يواجهون الرفض في مواضع كثيرة.

وفي تجربة خاضتها الباحثة رحاب بوخياطية حينما توجهت إلى قلب حي شعبي دون مرافقة ولم تتعرض إلى أي مضايقات على عكس ما يرتبط في الأذهان بهذه الأحياء وحاولت أن تجد زاوية جديدة للحديث عن هذا الفضاء.

الهشاشة طاغية، والوضعيات الاقتصادية والاجتماعية صعبة جدّا ولا أثر للدولة، والنساء يجاهدن من أجل لقمة العيش والصغار أيضا يعملون والمراهقون يتسربون من المدارس، بعض مما رصدته بوخياطية.

وإن تطرقت إلى الظروف الصعبة التي يعايشها الأطفال والمراهقون والتي يصعب الإفلات منها، إلا أنها لا تعتبر أنهم ضحايا مئة بالمائة ذلك انه يمكن ان يتخلصوا مما هم فيه بالإرادة ولكن تبقى الأوضاع الصعبة هي الأقوى.

 من جهتها اهتمت الصحفية منال الدربالي بغياب مؤسسات الدولة من خلال زيارات لحي هلال وسيدي حسين وجبل الجلود إذ اكتشفت أن حيا كاملا بني بطرق غير قانونية في حي هلال.

وفيما ركزت في حي هلال على البدائل التي خلقها المتساكنون لغياب الدولة ومؤسساته اهتمت في سيدي حسين بما قدمه البرلمان والسلطة التنفيذية لهذه المنطقة، وفي جبل الجلود خاضت نقاشات مع أبناء المنطقة وعاشت تجربة مهمة وثرية، وفق قولها.

في سياق متصل، تشير ممثلة منظمة "alerte" الفة لملوم، إلى اختزال الأحياء الشعبية في العاصمة والحال أنها موجودة في كامل الجمهورية وقد عملت المنظمة على هذه الاحياء في كل من العاصمة والقصرين والتطاوين الشمالية.

والفئة الاكثر تهميشا في هذه المناطق هي الشباب إذ يعاني من البطالة البنيوية، خلافا للاجيال السابقة، حقق هذا الجيل نسبة تمدرس مرتفعة وعدد الحاملين للشهادات مرتفع ويتم رفضهم في العمل لأنهم ينتمون إلى مناطق معينة، وفق حديث لملوم.

أما تمثلات الشباب للأحزاب والمؤسسات فمتقاربة جدا ويجتمع على العزوف عن الأحزاب ولكنه مسيّس ويعتبر أن الشكل الأساسي للمشاركة السياسية هو الاحتجاج.

 من جهته عمل المخرج سليم حربي على ما يسمى " الواقع الافتراضي"، وهي تقنية تجعلك قريبا من الأشخاص ومن الزمان والمكان ومن الوضعيات المعيشة من خلال رؤية فنية.

ومن خلال هذه الرؤية حاول حربي أن يحمل الأحياء الشعبية بكل ماتحويه من زخم وحيوات إلى المشاهد، إذ تتيح لهم فرصة التجوّل في هذه الأحياء والاطلاع على تفاصيلها المبيئة بالرسائل والتناقضات.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.