“نغني اليوم”.. حينما تصدح حذامي القاسمي بصوت الحالمين

يسرى الشيخاوي-
الأغاني ليست كلمات وألحانا فحسب، هي امتداد للفنان وتعبيرة عما يخالج أعماقه من هواجس وتمثّل للواقع من حوله، هي أنفاسه المقاومة وضحكاته المتناثرة وعبراته المبعثرة وعباراته الحالمة. 
هي وجه آخر للبوح والرفض والتمرّد، هي الملاذ والملجأ والمتنفس وبعض من فلسفة السير عكس التيار، الفلسفة التي تنتهجها الفنّانة المارقة عن كل التصنيفات حذامي القاسمي.
و"نغني اليوم"، الأغنية المصور الجديدة لحذامي القاسمي، مطرزة بملامح هذه الفلسفة، هي تراتيل الحلم والأمل والإصرار تلتها حذامي القاسمي لتخلق بصوت موشّح بقصص المحبة والشغف معنى آخر للمقاومة. 
لم تكن الطريق سهلة أمام حذامي، الأشواك منثورة في كل الزوايا والأركان، ولكن الفتاة القيروانية لم تستسلم وكلّما أحرق الواقع حلما من احلامها انتفضت من رماده كما العنقاء.
تجارب كثيرة خاضتها بقلب مفعم بمحبة لم تهتز ولم تتأثر بكل الوجع الذي تسرب إليها من كل صوب، غابت قليلا وهربت إليها لتعيد ترتيب أحلامها التي بعثرتها الحياة ورجعت إلى معدنها، إلى الفن، وصدحت بصوتها لتكسر كل الأغلال من حولها. 
"أنا اليوم مازلت نغني مازلت نقول"، بهذه الكلمات تعلن صمودها في وجه الكل، في وجه نفسها ان خيّل إليها الاستكانة إلى الغياب مرة اخرى، وفي وجه من وقفوا في طريقها وفي وجه الرداءة وفي وجه اليأس.
في كلمات الأغنية البسيطة في عمق يجعلك تتمثل ذاتك فيها، تربت حذامي على قلبها وقلوب كل الحالمين، تضمّد كل الجراح المفتوحة وتحصي عثراتها وتسخر منها بنظرات يسكنها الأمل وابتسامة تخدّر الوجع. 
وعبرها باحت بأن الغناء قدرها، وبعثت قصة إصرارها في كل تفاصيلها، لم ترض بالواقع على ماهو عليه وأنشأت معنى آخر له، معنى مغاير ومختلف لا يتجاهل الوضع ولكنه يخيط من خيوطه أملا لا يهتز ولا يتزعزع.
سكينة روحية تعتريك وأنت تجول بأنظارك بين تفاصيل الأغنية المصوّرة لتحملك الأماكن المختارة إلى عوالم ملؤها الحنين والذكريات، وبين امتداد سكة القطار وعناق البحر والسماء يطير قلبكم تماما كالطائرة الورقية الحاضرة في " الكليب" بكل ما تحمله من دلالات ورمزية.
في صوتها يتجلى صوت الريح حينما تداعب حبات الرمل وأوراق الأغصان ووجه الماء، وفي إحساسها تسكن أنفاس العاشقين، وفي وجهها تحيا الحياة وفي أزيائها وشعرها الغجري الناعم تتجلى بساطة ساحرة.
الاستماع إلى صوت حذامي يحاكي أن تدني صدفة إلى أذنك فتمتلئ بأسرار البحر وتلتفت إلى صوت داخلك فتطرب وترتخي، نبرة صوتها تجعلك طفلا وملاكا وعصفورا زترحل بك إلى عوالم مختلفة.
"إلى كل الحالمين رغم مشقة الطريق، إلى روح صديقتها بثينة بن براهيم، إلى الكل" أهدت أغنيتها التي وصفتها بالوردة الخجولة، ولكنها في الواقع أشبه بوردة صامدة أينعت وأشرقت وسط الصخور.
الألوان حاضرة بكل زخمها في الأغنية المصورة، وأنغام العود التي خلقها رامي سمين في وصلة عزف منفرد أضفت عليها سحرا آخر، وفي اختيارها اكسسوارات من "دوزان بثينة"، لصاحبتها بثينة الحسني، إيمان منها بكل المشاريع المختلفة والنابعة من محبة وصدق.
حالة فنية مدادها من بساطة، توصيف لمسيرة حذامي القاسمي التي جعلت منها عملية خلق قوامها الكلمات والألحان فكانت تعبيرتها التي صدحت فيها بأصوات كل الحالمين وعانقت فيها الأمل والحلم.
وفيما يلي أغنية " نغني اليوم": 
 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.