نحو إرساء ثقافة التعايش وتكريس القيم الإنسانية الكونية

من بين أهم التحديات المطروحة اليوم أمام مجتمعنا وأمام البشرية جمعاء هو إرساء ثقافة التعايش. هذا التعايش الذي يعني القبول باختلاف الآخر وتفهم هذا الآخر واحترامه. ومن الضروري أن يتضمن الوعي الفردي والجماعي للمجتمعات التي تتوق للتحرر من الظلم والاستبداد تكريس مبادئ المواطنة وثقافة القبول بالاختلاف والتعايش مع الآخر لكي تتمكن من تحقيق السلم الاجتماعي والرقي الحضاري.

فرقيّ مجتمعنا في سلم الحضارة الإنسانية الكونية يعتمد على مدى قدرته على جعل هذا التنوع الخلقي والطبيعي في الأسرة البشرية مصدرا للثراء وللجمال وللوحدة لا سببا للنزاع والخصومة والحروب لان الوحدة هي سبب كل حياة والتفكك هو سبب كل موت وهلاك مثل ذلك أعضاء الجسد المختلفين الذين يتفاعلون بعضهم مع بعض لتحقيق النمو وحياة الإنسان فهذا التفاعل يتطلب قبول كل عضو بوجود العضو الآخر المختلف عنه وبأن يتفاعل معه بايجابية وبمنتهى التكامل كذلك الشأن بالنسبة للمجتمع ككل المتكون من أفراد قد يكونون مختلفين في الأفكار أو الثقافة أو المستوى التعليمي أو البيئة الاجتماعية أو المعتقد أو لون البشرة، الخ. فالهوية الإنسانية الكونية تفترض الإيمان بوحدة الجنس البشري وبأننا كبشر مخلوقات لإله واحد لا شريك له نتقاسم مع إخواننا في البشرية نفس الخصائص ونفس القيمة ولنا نفس الحقوق ونفس الواجبات وذلك كما نصت عليه جميع الأديان والأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

إن الاختلاف طبيعي وموجود في المجتمع الإنساني منذ أول الخليقة ولا سبيل إلى إلغائه وهو مصدر للثراء وللجمال وسببا للرقي إذا تم إرساء مبدأ التعايش في المجتمع وثقافة المواطنة فعلى سبيل المثال نرى اليوم أن بعض المجتمعات نجحت إلى حد ما في أن تضمن الحق في الاختلاف بين مواطنيها وأن تكفل التعايش السلمي بين مختلف أفرادها مما جعلها قبلة للمهاجرين بأنواعهم والمضطهدين والمستضعفين من كافة أنحاء العالم والذين ساهموا بدورهم في ثراء وإثراء هذه المجتمعات وفي بنائها ووفي تقدمها على عكس بعض المجتمعات المنغلقة الأخرى ذات اللون الواحد والطعم الواحد والمبتلية بحاكم مستبد وظالم لم تتمكن من ضمان الحق في الاختلاف وفي المساواة بين مواطنيها وبالتالي أصبحت مصدرة للمهاجرين بأصنافهم وللطاقات وللكفاءات عوضا من أن تكون حاضنة وضامنة للعيش الكريم لجميع أبنائها.

لذا فمجتمعنا كالعديد من المجتمعات الأخرى في أمس الحاجة اليوم إلى تغيير في الثقافة و في الفكر وعلى أن يعمل جميع مكوناته على تكريس مبادئ المواطنة واحترام الآخر والتعايش السلمي ومكافحة الأفكار المنغلقة والمتطرفة و الرافضة للآخر وذلك لضمان السلم والازدهار والرقي الحضاري ومستقبل الأجيال القادمة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.