من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي..  وتستمر مسيرة “سينما المخبر”

 يسرى الشيخاوي

مشروع "سينما المخبر"، مشروع للمخرج السينمائي عبد الله شامخ يناصر لا مركزية الممارسة الفنّية عبر خلق بنية تحتية ثقافية شبابية في كامل تراب الجمهورية، انطلاقته كانت من الجنوب الشرقي، في انسجام مع خلفية ترتكز على نقص نوادي السينما في دور الثقافة خاصة على مستوى الشريط الحدودي و الأحياء الشعبية، لتستمر في مرحلة أخرى في الوسط الغربي بالقصرين وسيدي بوزيد قبل أن تبلغ هذه السنة الشمال الغربي.

و"سينما المخبر"، وفق باعثها عبد الله شامخ، مشروع في شكل ورشات تعليمية وتطبيقية في الإنتاج السينمائي الموجه للمربين والتلاميذ في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية في المناطق الحدودية التي يكاد ينعدم فيها النشاط السينمائي، وهو قائم على مواضيع السينما والتربية والإبداع والدور التربوي والتعليمي للصورة وثقافة التلقّي.

وهذا المشروع يتماهى فيه البيداغوجي والثقافي من خلال تبليغ المعلومة عبر الصورة، فبعد دراسة صغيرة أجراها شامخ  في فترة البحث تبيّن أن السينما في العالم المتحضر جزء من منظومة تربوية، ومن خلال  هذا المشروع ينطلق التفكير في خلق  مخابر في الإعداديات والمعاهد وتكوين  أساتذة وتلاميذ ليستمر الحلم.

وعن التجربة التي انطلقت في الجنوب الشرقي، قال عبد الله شامخ في حوار سابق مع حقائق أون لاين، "انطلقت من هناك من الشريط الحدودي في اتساق مع أهداف المشروع.. وفي إطار اتفاقية مع وزارتي التربية والثقافة وبالتنسيق مع المندوبيات الجهوية للتربية والثقافة نجح المشروع في تكوين عشرين أستاذا وأربعين تلميذا وإنتاج ستة أفلام وثائقية اختار التلاميذ والأساتذة مواضيعها انطلاقا من محيطهم، مواضيع  تنوعت بين العنصرية والعنف والتراث وحماية المحيط ووضعية اللاجئين."

وعبر "سينما المخبر" تغيرت علاقة التلميذ بالأستاذ وتحوّلت من علاقة هرمية إلى أخرى أفقية يجلس فيها الإثنان إلى نفس الطاولة ويتقبلان نفس المعلومات، والمشروع أيضا غيّر علاقة التلميذ بعائلته، حسب حديث شامخ عن أثر هذه التجربة التي "أثبتت أن المشروع قادر على التغيير، وهو ما يمثل حافزا المضي فيه بهدف تركيز مائة وعشرين مخبرا في الجمهورية التونسية لتكون هذه المخابر السينمائية نواة لتأسيس مهرجان في الوسط المدرسي وتسهم في إكساب التلاميذ معارف أكثر عن مجال السينما ليختارها بعد إنهاء دراسته الثانوية عن وعي.

وفي علاقة بالجانب البيداغوجي للمشروع، أشار صاحبه في الحوار الذي جمعه بدقائق أون لاين قبل سنتين إلى أنه "يمكن للأساتذة ان يعرضوا أفلاما وثائقيا ذات أبعاد تعليمية سواء في المواد الادبية أو العلمية، ومخبر السينما يهدف إلى تغيير نمذ التدريس إذ مازل التعامل مع المعلومة كلاسيكيا في الوقت الذي تغيرت فيه الذهنية في علاقة بالصورة ولم تعد قائمة على الاستهلاك."

ومخابر السينما تقدم طرحا بيداغوجيا هدفه تغيير السياسات التعليمية ومناهج التكوين نحو الصورة والسبورة الذكية و تخلق متلقّيا نوعيا قادرا على تأويل الصورة وتحليلها وتحصّنه من التلوث البصري الذي يتسرب اليها من التلفزات ومن وسائل التواصل الاجتماع ويجعله قادرا على اختيار المادة التي يشاهدها، وفق حديثه.

والمشروع يحمل في طياته تصوري يهدف إلى خلق مادة سينمائية مستقلة وانتداب أساتذة على المدى الطويل، إذ يقول شامخ "عندما نتحدّث عن مائة وعشرين مخبرا للسينما في كامل تراب الجمهورية نحن هيأنا أرضية لبعث مادة مستقلة وانتداب أساتذة بعد تكوينهم ولما لا بعث باكالوريا فنون.

والمشروع ذو الميزانية البسيطة جدا يستمد استمراريته من ايماننا بضرورة زرع الثقافة في المناطق الحدودية التي تعاني تصحرا وترزح تحت عبء الإرهاب والتهريب وبعد الجنوب الشرقي ستكون الرحلة في الوسط الغربي في انتظار طرح سياسة ثقافية جديدة تؤمن بدور الثقافة والفنون في التغيير ودور الصورة في تشكيل وعي الفرد."

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.