معالم سوسة والمنستير: ثراء حضاري كبير يشكو قلّة الزوّار

 مروى الدريدي-

سوسة والمنستير ليستا فقط المدينتين الساحليّتين المتميّزتين بجمال شواطئهما وكونهما قبلة للسيّاح، فهما أيضا مدينتان تزخران بأهم المعالم التاريخيّة وأشهر الحصون الدفاعية الاسلاميّة في المغرب العربي.
 
معالم سوسة والمنستير وجميع المدن التونسية ثرية وممتدة إلى آلاف السنين، وتمثل مصدر إلهام للباحثين وتدفعهم في كل مرة للغوص في أدقّ تفاصيلها علّهم يظفرون بسرّ جديد من أسرارها التي لم تكشف بعد.
 
ومن متحف سوسة إلى الجامع الكبير فرباط المنستير ومتحف بورقيبة، تجوّل ممثلو مختلف الوسائل الاعلامية، في زيارة إلى متاحف ومعالم ولايتي سوسة والمنستير، في إطار البرنامج الوطني "مدن الحضارات" الذي نظّمته وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث.
 
ويهدف هذا البرنامج إلى إحياء العديد من المواقع والمعالم والمتاحف وإبراز ما تحفل به بلادنا من ثراء حضاري يمتدّ على آلاف السنين، وللتشجيع على زيارتها والاطلاع عن قرب على ما تزخر به بلادنا من تراث مادي ولا مادي.
 
هي معالم مليئة بضجيج السابقين بفتوحاتهم وصهيل أحصنتهم وبتهجدهم وصلاتهم ومرابطتهم للدفاع عن أمن أرضهم، التي تلامسها في كل حجر وكل ركن، لكنها في الآن ذاته تشكو قلّة الزائرين، وفقا لما عاينته حقائق أون لاين، ولعلّ ذلك يعود إلى برودة الطقس، أو أن الاقبال يبقى مناسباتيّا فقط، وليس عادة، لذلك فتثمين التراث التونسي والتشجيع على التعرف عليه يبقى جهدا جماعيّا مشتركا يتطلب انخراط الجميع فيه من وزارات ومجتمع مدني وصحفيين..
 
 
وتشير المعطيات الرسميّة إلى أن رباط المنستير استقبل سنة 2018 33 ألف زائر، أمّا متحف سوسة ورباطها استقبلا معا 48 ألف زائر سنة 2018، في حين بلغ عدد زائري الجامع الكبير بسوسة 3 آلاف زائر سنة 2018.
 
وفي ما يلي جولة في معالم سوسة والمنستير: 
 
* متحف سوسة

يوجد متحف سوسة في مكان جميل يسمى القصبة ومعلم اسلاميّ ويعود تاريخ إنشائه إلى القرن التاسع بعد الميلاد، وهو من أقدم الآثار التي وجدت في سوسة، ويعود للفترة البونية، وفقا لما أفاد به لحقائق أون لاين، مدير متحف سوسة ومدير البحوث بالمعهد الوطني للتراث لطفي بالهويشات.

ويحتوي المتحف وفق محدثنا على مئات القطع الاثرية التي وجدت في سوسة والجهات القريبة منها، وخاصة الفخاريات والمنحوتات والفسيفساء التي تميّزه، إذ يضمّ ثاني أكبر مجموعة فسيفساء بعد المتحف الوطني بباردو، وتعود قطعه الأثرينة إلى الفترة الفينيقية والبونية والبيزنطية.

وللتشجيع على زيارة المتحف، هناك العديد من الفئات يُمكن أن تزوره مجانيّا على غرار الإطار التربوي وأعوان الأمن والجيش والأطفال والتلاميذ والطلبة والصحفيين والجمعيات وذلك كامل أيّام الأسبوع، كما أنّ الدخول مجاني كل يوم أحد من بداية كل شهر.

ومدينة سوسة مصنّفة ضمن التراث العالمي منذ سنة 1988 واحتفلت السنة الفارطة بثلاثينية المدينة كتراث عالمي انساني.

وأفاد لطفي بالهويشات بأن المتحف في حالة جيدة جدا والمهم هو المحافظة عليه والعمل على دعم الانشطة الثقافية به والاكثار من التظاهرات الثقافية، مشيرا إلى أن الاقبال محتشم أمّا الاقبال الاجنبي فهو فوق المتوسط.

*الجامع الأكبر بسوسة

 الجامع الأكبر بسوسة هو من أهم المعالم الدينية في الجمهورية، وهو الجامع الوحيد الذي لا توجد به صومعة لأنه محاذ للرباط الذي به صومعته للمراقبة وإقامة الآذان.

وبُني الجامع الأكبر بسوسة بالحجارة (الصخر الصلب) التي تعود إلى الفترة الرّومانية ممّا أعطاه صبغة دفاعية على اعتبار أن سوسة تعرضت إلى الكثير من الهجمات الصليبية.

وكان جامع سوسة قبلة للطلبة من المغرب والمشرق وافريقيا الذين كانوا يتحصلون على اجازات منه، وكانت شهائده من أهم الشواهد العلمية.

وتتمّ صيانة الجامع بانتظام، ويشرف على ذلك المعهد الوطني للتراث الذي قام بعمليّة تجديد كاملة للأسطح والأسقف للمحافظة على هذه الجوهرة.

*رباط سوسة:

هو من أجمل الرباطات بسواحل شمال إفريقيا ومن أحسنها حفظا، وهذا الرباط هو بمثابة الحصن ضدّ المغيرين القادمين من وراء البحر، كما كانت يعتبر خلوة للتنسّك والرياضة الروحيّة.

شيّد رباط سوسة في أواخر القرن الثامن ميلادي. أمّا أسلوبه المعماريّ فهو مستوحى إلى حدّ كبير من النمط الذي روّجه البيزنطيون، إذ سبقوا الفاتحين العرب إلى هذه الأرض الإفريقيّة. وفي الواقع، احتلّت مواد البناء القديمة النصيب الأوفر من هذا الرباط.

* رباط المنستير

لحماية مدينتي سوسة والقيروان وقع اقتراح تأسيس حصن لهذه المنطقة، وقد بُنى رباط المنستير الوالي هرثمة بن أعين بتمويلات رسمية من الدولة العباسية خلال أواخر القرن الثامن ميلادي، وهو أوّل معلم عسكري دفاعي يعود لما يُعرف بالفترة الوسيطة في افريقية.

ويَحتفظ رباط المنستير بأقدم نقيشة دفاعيّة في البلاد التونسية في بلاد المغرب ومرّ بـ3 مراحل كبرى، الأولى هي المرحلة التأسيسيّة والثانية هي مرحلة ما يعرف بالاضافة القبليّة والمرحلة الثالة تتمثل في التغيير الذي أدخله العثمانيون على الرباط في القرن 16 عشر، حيث تم تغيير الأبراج لتتأقلم مع المدفعيات والبارود والمكاحل الت ظهرت في تلك الفترة.

*متخف الزعيم الحبيب بوقيبة

متحف الزعيم الحبيب بورقيبة أو بيت بورقيبة وسمّي أيضا في السابق قصر صقانس، وهو متحف مخصّص لأغراض الحبيب بورقيبة الخاصة وأمتعته.

وافتتح المتحف يوم 6 أفريل 2013، الرئيس السابق المنصف المرزوقي، بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لوفاة بورقيبة، ويظم أمتعته الشخصية الموجودة بالقصرالرئاسي بقرطاج، وألبومات الصور، وتسجيلات خطبه، المحفوظات، وسيارته المرسيدس، وتقدر التكلفة الإجمالية للمتحف بـ 3.2 مليون دينار.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.