يسرى الشيخاوي-
"وينك عزيزتي.. أنا يوسف"، "انا يوسف"، عينة من الرسائل التي تصل الممثلة عزة سليمان التي تؤدي دور "مريم" في مسلسل "براءة" من إخراج سامي الفهري، وهي إمرأة استشهد زوجها الأمني في عملية إرهابية وخلفت لها الصدمة مرضا نفسيا.
وبعيدا عن أداء عزة سليمان الذي يتسم بالبساطة خاصة في انتقالها من حالة إلى أخرى مترجمة الاضطرابات التي يخلفها المرض النفسي، فإن الشخصية التي تؤديها عرّت عقد المجتمع إذ توترت التعليقات والرسائل التي تحيل كلها إلى عقد كامنة انفجرت كلها دفعة واحدة.
"مريم" الشخصية التي كلفت عزة سليمان زيادة في الوزن بستة كيلوغرامات لتبدو معها ملامحها متغيرة، فضحت بعض النفوس المكبوتة والمريضة التي لم يتوان أصحابها عن إرسال كلمات تثبت وضاعتهم وتطبيعهم مع العنف والاغتصاب.
هذه الشخصية أسقطت ورقة التوت عن هذا المجتمع الذي لا يلقي بالا للثقافة الجنسية ولا الصحية النفسية ولا يسعى بأي شكل من الأشكال إلى تعليق درايته بهذي المجالين ما يجعل منه مسعورا يتقاطر لعابه عند الحديث عن المرأة وجسدها.
"مريم" ليست ضحية اغتصاب كائن تجرد من إنسانيته ليشبع رغبته دون أن يفكر في الحالة النفسية للطرف المقابل، بل هي ضحية منظومة يوشحها الجهل والكبت، منظومة تنظر للمريض النفسي على أنه "مهبول" و"مجنون" ولكنها لا تكلف نفسها عناء التوعية بضرورة علاجه.
وفي تفاعل مع الشخصية التي أدتها نشرت الممثلة عزة سليمان منشورات على "أنستغرام" تحدثت فيها عن التعاطي مع المرضى النفسانيين وعن الوصم الذي يلحقه وعن المعاملة الدونية له أحيانا والاستخفاف بما يعافيه أحيانا أخرى.
وكثيرة هي التعليقات التي تداولها رواد موقع فيسبوك عن المرض النفسي الذي تعاني منه "مريم" والتي تنطوي على استخفاف واستسهال للآلام النفسية التي لا تقل خطورة عن الآلام الجسدية والتي تستوجب علاجا لتجاوزها.
هذه التعليقات تجاوزت الاستهزاء بالمرض النفسي إلى التندر بالاغتصاب وباستغلال مريضة نفسية من أجل غايات جنسية، ووصلت حد بعث رسائل للممثلة عزة سليمان علل خاص تصب جميعها في خانة "أنا يوسف" على اعتبار أن "مريم" لم تتقبل وفاة زوجها وباتت تراه في جارها "عمر".
وعن هذه الرسائل كتبت سليمان " حينما ترسل لي أنا يوسف، أمر غير مضحك وإنما يدل على تفكيرك السام.. ما يحصل لمريم ليس مضحكا ونساء كثيرات يعشن الوضعية نفسها وسط مجتمع لم يرحمهن ولم يفهمهن ولم يسمعهن ولم يساعدهن.. وعوض أن تتند وتبعث هذه الرسالة تحل بالوعي لاينقص شخص سام من المجتمع".