“مأساة خديجة”: صرخة طفلة مغربية بلغ مداها تونس

 

يسرى الشيخاوي-

حروف ورموز بعضها غامض، رسمها ذكور ظلوا سبيل الانسانية على جسد فتاة تداولوا على اغتصابها، علامات وثّقت لحظات ألم وانكسار، انكسار أنثى وضعتها الصدفة في أيدي مغتصبين أغرقوا في السادية، هم لم يكتفوا باغتصابها، بل وثقوا فعلتهم بالوشم.

إبرة أو آلة دقيقة من المؤكد أنها عفنة كنفوسهم، غرزوها في جسد خديجة، هي وحدها تعرف ذلك الإحساس الذي يبدو الألم والوجع امامه تافهين، خديجة وحدها شعرت بالصبغ يتسرب عبر فتحات وجروح طالت روحها قبل جسدها، خديجة وحدها شاهدة على امتزاج دمها بالصبغ وبدموعها، خديجة وحدها التي ربّتت على روحها وعانقت آهاتها.

ترى هل توسّلت إليهم، هل رجتهم أن يكفوا عن اغتصاب روحها وجسدها، ترى هل ذرفت الدمع مدرار أم اكتفت بالعض على شفتيها لتكبت الآلام في أعماقها.

احتجزوها لمدّة شهرين، أطفأوا أعقاب سجائرهم في جسدها، جعلوا من روحها منفضة لرمادها، هل صرخت أم اكتفت بتنهيدة مكبوتة، هل خفّفت المخدّرات التي أكرهوها على تعاطيها من آلمها، يا ليتها فعلت !

بعد أن نفثوا فيها كل أمراضهم وعقدهم ألقوا بها أمام منزلها، وقد خطّوا على جسدها، ملحمة أنثى احتجزها مغتصبوها لمدّة شهرين، ظنّوا أنّ الوشوم لن تزول وأنها ستظل أسيرة وجع النظر إليها.

خديجة الطفلة المغربية التي تآكلت روحها خلال فترة احتجازها وبعد، لم تواجه مصيرها وحيدة، بل إن بنات جنسها انتفضن في تونس والجزائر وبلدان أخرى، الجميع طالب بمحاسبة الجناة وتخليصها من الآثار التي خلّفوها على جسدها.

وأنشأ ناشطون وناشطات وسم “#كلنا_خديجة ” دعمًا لها، وتوترات المبادرات لمساعدتها إذ أعلن المختصّ في الوشم فوّاز زهمول عن تواصل صالونه مع عائلة الفتاة خديجة تمهيدا لاستقدامها إلى تونس؛ لنزع الوشم عن جسدها.

وقال زهمول، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على فيسبوك إنّ ” فريقه تمكن أخيرا من الاتصال بوالد الفتاة” ، مشيرا إلى أنها تمر بظروف نفسية صعبة، وتعاني انهيارا تامّا

وأضاف زهمول، أنهم يبحثون عن طريقة لاستقدامها إلى تونس؛ بسبب ظروف العائلة المادية الصعبة، والمنطقة القصية التي تعيش فيها، مؤكدا حرصه على إيجاد الوسائل المناسبة، بناء على اتصالات دائمة بوالدها، ومن هنا أطلقت الناشطة في المجتمع المدني ريم بالحاج مبادرة لجمع الاموال لاستقدام خديجة إلى تونس من خلال تخصيص مداخيل عرض فيلم وثائقي بالمركّب الجموسي.

وقد لاقت هذه المبادرة صدى واسعا وتفاعلت معها وسائل الإعلام الوطنية والمغربية، أعقبتها تحرّكات لعديد الجمعيات في المغرب للتكفّل بعلاج خديجة وإزالة الوشم من جسدها، وفق ما أفادت به ريم بلحاج.

وقالت بلحاج في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم الثلاثاء 28 أوت 2018، “تم تكوين لجنة مغربية تضمّ ستة محامين متطوعين للدفاع عن خديجة ومجموعة من الاطباء لعلاجها، حسب ما أبلغني إياه والدها في اتصال هاتفي”.

وأضافت أنّه تم إنشاء حساب بنكي لإيداع المساعدات المالية سواء تلك المتعلّقة بإيرادات عرض الفيلم الوثائقي أو المتطوعين، مشيرة إلى انّ المبادرة التي أطلقتها نجحت وأنّ الهدف كان أن تزيل خديجة الوسوم من جسدها سواء كان ذلك في تونس أو في المغرب.

ولفتت إلى أنّ حادثة اغتصاب خديجة أثبتت أن الشعوب المغاربية متضامنة وأنّ النساء متضامنات فيما بينهن، مؤكّدة ان حق خديجة لن يضيع طالما أصبحت القضية قضية رأي عام.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.