محمد العروسي بن صالح-
لم تخل ساحة نضالية واحدة من طارق بلعيبة، تلمذية ، طالبية، عمالية، نقابية، حقوقية، مهجرية، انسانية،بيئية ، علمية، فكرية.
قد تكل هذه الساحة او تلك من صخب مرتاديها وقد يتعب هؤلاء من ضجيج الساحات ولكن لا اذكر ان ساحة واحدة كلت من طارق منذ عرفته اواخر السبعين، ولا اذكر ان طارق تاخر يوما عن هذه الساحة او تلك. لا.بل صرنا في بعض الاحيان لا نذكر الساحة مادام طارق حاضرا.
بهدوء غير مسبوق، بنظرة ثاقبة، بعقل راجح ينزل طارق اي ساحة تناديه وخاصة تلك التي تتبرم منه فيفرض الموقف ويرجح الفكرة وينتصر لصاحب الحق، فاذا هو الناصر المنتصر. من شباب منظمة العامل التونسي الى الجامعة العامة البتروكيميائية الى جمعية التونسيين بفرنسا واتحاد العمال المهاجرين التونسيين وفيدرالية مواطني الضفتين مرورا او عبورا لعدة هياكل مشابهة تونسية، مغاربية، عربية، فرنسية ودولية رسم فيها طارق اسمه باحرف من ذهب كفاعل أساسي مدافع عن الحرية والديمقراطية والحقوق وبعبارة اشمل عن انسانية الانسان.
ما من معركة شريفة الاهداف اندلعت هنا او هناك الا وكان طارق احد جنودها اذا لم نقل قائدها ، وما من حق رد لصاحبه المهاجر الا ووضع طارق يده في عجينته.
هذا قليل جدا من كثير جدا اعرفه شخصيا عن طارق، وهذا غيض من فيض ما جاد به طارق على التونسيين اينما كانوا وخاصة في بلدان الهجرة، لا فرنسا فقط بل في البلدان الاوروبية جميعها.
يكفيك اشعاره بمسالة ما فاذا به قد حزم حقيبته وتنقل حيث المشكل وصاحب المشكل.
أستطيع القول دون مبالغة ان لا حياة خاصة له واجزم ان السيدة بهيجة وبقية العائلة كانوا يفتقدونه كثيرا نظرا لكثرة التزاماته خارج البيت.
ما فتىء يشكر وسائل الإتصال الجديدة على ما وفرته له من امكانيات للتواصل مع من يحب في نفس الوقت الذي تجده عاكفا على ارجاع حق لصاحبه.
برحيله يترك فراغًا رهيبًا في ساحات النضال. وبالمناسبة، لم اسمع انه شكا او بكى من وفرة ما بذله من جهود لنصرة المظلومين والوقوف الى جانب المسحوقين ولم اسمع اطلاقا كما لا اتصور بالمرة انه رغب يوما في مكافاة – ايا كان نوعها- اي تعويض عن نضاله وهو الذي تعرض الى كثير من المظالم، دفعها بتحقير من اتاها ضده وبالصبر على ما لحقه منها من اذى بدني ومعنوي وردها على الجميع بابتسامة طفولية عريضة لا تفارق محياه ايا كان الوضع.
رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته ورزقنا جميعا جميل الصبر والسلوان