لماذا تجنب الإعلام الرسمي الجزائري نقل حديث تبون عن وجود “مأزق” في تونس؟

قسم الأخبار-
أحدثت تصريحات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، حول الوضع في تونس، الكثير من التساؤلات والتأويلات في الجزائر وتونس معاً، حول ما إذا كان هناك تحول في الموقف الجزائري إزاء توصيف الأحداث في تونس، في وقت اعتبر آخرون أن هناك تضخيماً لهذه التصريحات، بشكل يعاكس تماماً ما كان يقصده الرئيس تبون.
 
استرعى حديث الرئيس تبون حول تونس خلال الندوة الصحافية التي عقدها مع نظيره الإيطالي سارجيو ماتاريلا بالعاصمة روما، الانتباه بشكل لافت، نظراً لطبيعة المصطلحات التي وظفها الرئيس الجزائري، والتي لم تكن دارجة في القاموس الدبلوماسي منذ بدء أحداث تعطيل البرلمان في تونس وما تبعها من إجراءات. وفي تصريحاته المثيرة للجدل، قال الرئيس تبون إن هناك تقارباً تاماً في الرؤى بين الجزائر وإيطاليا حول الوضع في تونس، مشيراً إلى اتفاق البلدين على “مساعدة تونس على تجاوز المأزق الذي تمر به والعودة للطريق الديمقراطي”.
 
وتوقف العديد من المتابعين، بالخصوص، عند عبارتي “المأزق” و”الطريق الديمقراطي”، وتساءلوا إن كانت الجزائر أصبحت تعتبر ما حدث في تونس بمثابة “انقلاب”، وفق التعبير الدارج لدى المعارضة التونسية. ودعم أصحاب هذا الرأي شكوكهم بوجود نوع من “الفتور” في العلاقات بين البلدين وتراجع الاتصالات الهاتفية بين الرئيسين والتي كانت ملحوظة بشكل لافت خلال بداية الأحداث في تونس، بالإضافة إلى طول مدة إغلاق الحدود البرية بين البلدين، رغم انحسار دائرة وباء كورونا واقتراب موسم الصيف الذي يساهم فيه الجزائريون بنسبة معتبرة في المداخيل السياحية لتونس.
 
ومنذ بداية الأزمة الدستورية في تونس، أظهرت الجزائر تفهماً لقرارات الرئيس قيس سعيد، حيث كانت الجزائر السباقة لإيفاد وزير خارجيتها لتونس لما قرر قيس سعيد تعطيل البرلمان، وخص الرئيس تبون تونس بزيارة دولة في وقت كانت تونس تشهد احتجاجات ضد الرئيس التونسي، ناهيك عن الدعم المالي والطاقوي وتصريحات الرئيس تبون المثنية على قيس سعيد الذي وصفه بالمثقف وقال إنه أحاطه بأسرار دوافعه في تعطيل البرلمان وتصريحاته الأخرى التي أسقط فيها المعاملة التفضيلية من الجزائر لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي خلال فترة الرئيس الراحل بوتفليقة، وهي كلها مؤشرات اعتبرها متابعون أنها تمثل دعماً ضمنياً من الجزائر لرأس الدولة التونسية.
 
وعكس هذا الطرح، هناك من رأى أن ثمة تضخيماً لتصريحات فضفاضة للرئيس الجزائري لا تعبر بالضرورة عن أي تحول في موقفه. وما يدلل على ذلك، أن وكالة الأنباء الجزائرية تجنبت نقل التصريحات المتعلقة بتونس بنفس المصطلحات، فلم تشر لا إلى المأزق ولا إلى الطريق الديمقراطي. وورد في تغطيتها أن الرئيس تبون قال: “نتقاسم مشاكل تونس ومستعدون لمساعدتها للخروج من المشكل الذي تواجهه”. ونقلت عن الرئيس الإيطالي تأكيده على ضرورة “التوصل إلى إرساء أسس الديمقراطية من خلال الانتخابات، والعمل من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي لمواجهة الصعوبات الكبيرة التي تواجهها تونس”.
ولم يكن للوكالة الرسمية، وفق المتابعين لخطها الصارم، أن تضبط تصريحات الرئيس على تردد الموقف الرسمي، دون الحصول على إذن مسبق بذلك، ما يشير إلى أن الرئاسة الجزائرية تفطنت لإمكانية تأويل كلام الرئيس وإبرازه على عكس ما كان يقصده.
 
وتنفي مصادر متعددة في الجزائر، وجود أي إشكال بين البلدين الجارين، خاصة فيما يتعلق بشأن داخلي تونسي تجنبت الجزائر دائماً الظهور كطرف فيه، حيث كانت دائماً تبرز أن مساعدتها لتونس هو وقوف مع الدولة التونسية التي يمثل استقرارها بالنسبة للجزائر أهمية قصوى في ظل محيط إقليمي ملتهب. وحرص في هذا السياق، رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الجزائري، مؤخراً على التوضيح بأن استمرار غلق الحدود البرية دوافعه صحية بالدرجة الأولى ولا علاقة له بأي أمر آخر، مؤكداً أن الحدود ستفتح في الوقت المناسب وباتفاق البلدين.
 
وخارج هذه التأويلات، ثمة رأي ثالث في تصريحات تبون، يؤكد أن ما قاله يصب في مصلحة الرئيس التونسي ويؤكد ثقة الجزائر في مسار الإصلاحات التي يقودها. وقد تكون دوافع تبون الذي تحدث من منبر أوروبي، إظهار الدعم لتونس ومن وراء ذلك قيس سعيد الذي أصبح منذ فترة يعاني عزلة دولية وعدم تفهم لقراراته خاصة من الشركاء الأوربيين ومخاوف من توجهه للاستفراد بالسلطة، علماً أن الدعم الذي قدمته الجزائر لتونس كان في كل مرة اقتصادياً بمبرر فك الخناق عن الدولة التونسية، وفق ما يؤكده المسؤولون في الجزائر.
 
المصدر: القدس العربي
 
 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.