لماذا أعد قيس سعيّد أحكاما انتقالية؟

 بسام حمدي- 


كان مرتقبا أن يعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد عن سن أحكام انتقالية طبقا للتمشي السياسي الذي بدأ ينتهجه  منذ 25 جويلية 2021 بعد أن عرّف به خلال حملته التفسيرية قبل انتخابات الرئاسة لسنة 2019 والذي ينبني على التغيير الجذري للمنظومة السياسية الحاكمة بدءا من تغيير النظام السياسي وتغيير طريقة تفويض التمثيلية البرلمانية.
 
وأعلن رئيس الجمهورية ليلة الاثنين من ولاية سيدي بوزيد عن سن أحكام انتقالية ستعمل وفقها الحكومة المرتقبة مع مواصلة التدابير الاستثنائية المتخذة يوم 25 جويلية الماضي.
 
وحسب القراءات الدستورية، يعني إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد وضع أحكام انتقالية تعليق العمل بالدستور وهو ما يعني أن الدولة ستنتقل من وضعية الفصل 80 إلى وضعية أخرى  تتطلب وضع أحكام جديدة تتعلق بتنظيم السلط العمومية وهو ما يعني أن السير العادي لدواليب الدولة سيتغير وستتغير ممارسة الحكم.
 
وباعلانه إعداد أحكام انتقالية يكشف قيس سعيد عن نيته تعليق العمل بالدستور لكسب الكثير من الخطوات السياسية في اتجاه تطبيق برنامجه السياسي الذي يقطع نهائيا مع منظومة الحكم التي سيّرت البلاد طيلة السنوات التي أعقبت الاطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
 
وينبني مخطط قيس سعيد أساسا على تغيير النظام السياسي وكذلك تغيير طريقة اقتراع ممثلي الشعب في البرلمان من خلال تعديل القانون المنظم للانتخابات بهدف إرساء الديمقراطية العقلانية أو ما يسمى بالديمقراطية المجالسية.
 
ويمكن اعتبار أن إعداد أحكام انتقالية هو بمثابة مرحلة جديدة من مراحل تنفيذ سعيد لخياراته فهذا الاجراء يُعدّ تعليقا للعمل بدستور 2014 وإنهاء العمل بكل فصوله ما يعني  تفويض صلاحيات هامة لرئاسة الجمهورية مقابل التقليص من الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة وفي ذلك خطوة هامة نحو تغيير طبيعة النظام السياسي من شبه برلماني إلى نظام رئاسي تكون فيه الصلاحيات الواسعة لرئيس الدولة.
 
ولم يكن الإعلان عن إعداد أحكام انتقالية سابقا لتعيين رئيس حكومة جديد اعتباطيا بل كان مدروسا واستراتيجيا، وبات واضح وجلي أن الرئيس يتبع مسارا متدرجا ينطلق بسن أحكام انتقالية تعوض الدستور وتُضيق فيها صلاحيات رئيس الحكومة ثم تعيين شخصية لترأس حكومة جديدة بصلاحيات وزير أول لا رئيس حكومة.
 
ويُعتبر تعيين حكومة جديدة وفق أحكام انتقالية شوطا جديدا من أشواط السير في إرساء النظام الرئاسي الذي يتحوز فيه رئيس الدولة على صلاحيات أكثر من صلاحيات رئيس الحكومة.
 
 وتفتح الأحكام الانتقالية الباب أمام رئيس الجمهورية لحل البرلمان ومواصلة تسيير دواليب الدولة وفق أوامر ومراسيم رئاسية إلى حين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بقانون جديد منظم للانتخابات تتغير به الخارطة السياسية وطريقة انتخاب ممثلي الشعب.
 
ولا ينفصل برنامج تعديل القانون المنظم للانتخابات عن المخطط السياسي لقيس سعيد الذي يسعى إلى إجراء انتخابات محليّة على الأشخاص لا على القائمات  تفضي لمجلس جهوي يختار ممثلوه بعد ذلك نواب الجهة في البرلمان  أو يعزلونهم  اذا ما فشلو في مهامهم.
 
وتضمن الدستور المصادق عليه سنة 2014 في بابه العاشر أحكاما انتقالية ووردت أحكامه في الفصلين 148 و149 من الدستور.
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.