يسرى الشيخاوي-
يبدو أن الإرهاب في تونس، لا ينفك يتخذ تجليّات مختلفة، تبقى أشدّها وقعا تلك التي تطال الأطفال، ذلك انّ هذه الفئة من المجتمع لا يمكن أن تعبّر عما يختلجها من أحاسيس ولا يمكنها أن تترجم ألمها إلا بالبكاء وبعض الكلمات التي تكون غالبا غير مفهومة.
ويظهر أنّ موجة الاستهتار بحق الانسان في الحياة عموما، وحق الطفل فيها على وجه الخصوصية، بقاية وتتمدّد في ظل تراجع وازع الإنسانية لدى بعض الأطراف التي لا هم لها سوى بعض الكسب المادي، وإلا كيف لصيدلانية أن تبيع مضادا حيويا منتهي الصلوحية لطفل صغير.
وهل لك أن تتخيّل ردّة الفعل السلبية لجسد طفل الثلاث سنوات حينما تفاعل مع مضاد حيوي فاسد، هل لك ان تتخيل أن امّا اشترت لابنها دواء من الصيدلية ليتعافى ابنها من المرض ولكنّها وجدت نفسها امام مضاعفات أخرى لا تعلم مدى خطورتها على صحّة ابنها.
هذا الطفل الصغير، هو ابن زميلتنا سهام عمّار، التي ربّما لحسن حظّها أنها صحفية وقادرة على تبليغ صوتها وفضح كل ما من شأنها أن يؤذي الأطفال، خاصة وأنّ الصيدلانية التي اقترفت خطيئة بحق الطفولة اكتفت بالقول أنّها لم تتعمّد ذلك، ربّما لو تواصل الصمت إزاء هذه التصرّفات المنعزلة ربّما تكون خيارا.
وماذا لو لم تنتبه الأم إلى تاريخ انتهاء صلوحية المضاد الحيوي، ماذا لو تغافلت عن قراءة التواريخ الموثقة على علبة الدواء، ماذا لو واصلت حقن طفلها بهذا المضاد، ماذا لو كانت مكانها أم لا تجيد القراءة، ما ذلو وماذا لو، أسئلة كثيرة واحتمالات أكثر تتبادر إلى ذهنك وأنت تقرأ تدوينة سهام عمار الأم التي لن تتنازل عن حق ابنها.
وفيما يلي التدوينة، لأنّ كلماتها التي خطّتها الام هي الأصدق:
"بالنسبة للانتيببوتيك منتهي الصلاحية الي خذا منه ولدي زوز زرارق وظهر عليه اعراض ردة فعل سلبية … تم توجيه نا ل مخبر pharmaco vigilance بشارنيكول لإجراء تحقيق واختبار للدواء.