53
عقدت لجنة التشريع العام جلسة مساء الجمعة 10 ماي 2024 استمعت خلالها إلى النواب المبادرين بمقترح القانون عدد 08/2024 المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد .
وفي مستهل الجلسة بيّن أصحاب المبادرة بمقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد أن رفع العقوبة السجنية على من تعذّر عليه الوفاء بقيمة الشيك كورقة تجارية توثق معاملة تجارية، يعدّ أمرا ضروريا وذلك لعدة اعتبارات أهمها الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، وتداعيات المستجدات على الساحة العالمية.
وأضافوا أنّ بناء دولة القانون يستوجب أن يكون التشريع الوطني متطابقا مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس، من ذلك المادة 11 من العهد الدولي الخاص بحقوق الانسان التي تنصّ على أنه “لا يجوز سجن أي انسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي” . وأشاروا إلى أنّ الواقع يؤكّد أن سجن صاحب الشيك بدون رصيد لا يمكّن الدّائن المستفيد من استرجاع أمواله حيث أن سجن مصدّر الشيك بدون رصيد لا يمكنه من العمل على تسديد دينه ويصبح عبء ثقيلا على الدولة.
وقدّم النواب المبادرون بمقترح القانون جملة من الإحصائيات والمعطيات تتعلّق بعدد الشيكات دون رصيد وحجمها، و عدد المساجين في قضايا الشيك دون رصيد ، إضافة إلى عدد المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي أغلقت أبوابها وأفلست للفترة من 2017-2021 نتيجة رفض المؤسسات البنكية تمويلها ومعاضدتها وهو ما كان له تأثير مباشر على تراجع نسب النمو الاقتصادي.
واكّدوا ضرورة التدخّل العاجل لوضع حدّ لهذه الوضعيات الاقتصادية والاجتماعية المتردية ، من خلال دعم المبادرة التشريعية المعروضة من قبل النواب ، مشيرين أنه لا علاقة لهذه المبادرة التشريعية بمشروع القانون المزمع احالته والمتعلق بإصلاح منظومة الشيك ككل .
وثمّن النواب مقترح القانون المعروض لما يمثله من سعي لإيجاد حلول لتداعيات جريمة اصدار شيك دون رصيد على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي. واعتبروا أنّ مثل هذه المبادرات تعزّز دور النائب في القيام بدوره التشريعي والتفاعل مع مطالب المواطنين .
ودعا عدد من النواب إلى تسريع المصادقة على مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، تبعا للتداعيات الاقتصادية و الاجتماعية لهذه الجريمة و التي تؤكّدها الأرقام والاحصائيات التي وقع عرضها من قبل جهة المبادرة، في انتظار تنقيح ومعالجة كافة الأحكام المتعلقة بالشيك صلب المجلة التجارية، علاوة على أن العقوبة السجنية أثبتت فشلها في معالجة وإيجاد الحلول لكل هذه الإشكاليات. كما أشاروا إلى أن عديد الدول التجأت إلى تطبيق العفو العام في جريمة الشيك دون رصيد وعيا منها بالوضعيات والظروف الصعبة التي أدّت الى ارتكاب هذه الجرائم وتفهّما لوضعيات مرتكبيها دون الإضرار بالدائنين أصحاب الحقوق.
ومن جهة أخرى، دعا عدد من النواب إلى ضرورة التعاطي مع المسألة وفق معطيات وإحصائيات دقيقة ورسمية، تمكّن من معالجة المسالة بكل موضوعية بما يضمن مكانة الشيك الاقتصادية من ناحية وحقوق الدائن والمدين من ناحية أخرى. وأشاروا إلى ضرورة تنسيب القول بأن هذه العقوبة تعد أحد أهم الأسباب في الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، حيث اعتبروا ذلك من قبيل المبالغة.
وأشار عدد من النواب إلى العفو العام في جريمة الشيك دون رصيد الذي وقع إصداره في مناسبات سابقة على غرار مرسوم سنة 2011 ، وتساءلوا عن مدى توفّر دراسات تتعلّق بتقييم نتائجه. ودعوا الى ضرورة توفير إحصائيات دقيقة حول حجم الشيكات وقيمتها ومصدّريها الحقيقيين والمتضررين منها، إضافة الى التحرّي وضبط العدد الحقيقي للمساجين بسبب جريمة إصدار شيك دون رصيد.
وأوضح عدد من اعضاء اللجنة أن مقترح القانون المعروض قد تعرّض إلى جريمتين تتعلق الأولى بجريمة إصدار الشيك دون رصيد، أما الجريمة الثانية والمسكوت عنها فهي جريمة التحيّل. وتساءلوا عن كيفية التعاطي مع هذه المسألة.
كما تساءلوا عن إمكانية الفصل بين مقترح العفو العام المعروض على أنظار اللجنة من ناحية ومشروع القانون الذي سيحال على أنظار مجلس نواب الشعب والمتعلق بإصلاح منظومة الشيك صلب المجلة التجارية وآثار ذلك على الواقع الاقتصادي .
وتطرق عدد من النواب إلى كيفية معالجة وتدارك الآثار القانونية والتطبيقية للعفو العام كآلية تمحى بها الجريمة بما يمكّن المنتفع بالعفو العام من استرجاع كافة حقوقه المدنية و الإدارية، دون الاغفال عن الحلول و الآليات الضامنة لحقوق الدائنين من خلال تسويات عادلة.
واتجه رأي عدد آخر من النواب إلى ضرورة معالجة النقائص الواردة صلب مقترح القانون المعروض وإيجاد الآليات التي تضمن حقوق الدائن والمدين مع إمكانية الأخذ بعين الاعتبار لهذه المبادرة عند إحالة مشروع القانون المتعلق بإصلاح منظومة الشيك بالمجلة التجارية.
ونظرت اللجنة إثر ذلك في النقطة الثانية المدرجة بجدول أعمالها حيث اطلعت على رأي لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية و الطاقة والبيئة حول مشروع القانون الأساسي عدد51/2023 المتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية الى البروتوكول المعدل لاتفاقية المنظمة العالمية للتجارة بشأن جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة المعتمد بجنيف بتاريخ 6 ديسمبر 2005.
واستعرضت تقريرها حوله وصادقت عليه بإجماع أعضائها الحاضرين.