يسرى الشيخاوي-
"لا يأس مع الحياة ولا معنى للحياة مع اليأس"، كلمات تتبادر إلى ذهنك في الندوة الصحفية المخصصة لبرمجة الدورة الحادية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية التي سيشعّ منها نور الأمل بعد أيام ليطمس بعضا من سوداوية الواقع.
ولأن السينما خلاقة حيوات وحافظة ذكريات وولادة أمل فلا يأس مع السينما ولا معنى لها مع اليأس، هي السينما التي قاومت النسيان وقاومت الظلم وقاومت التهميش وهاهي اليوم تقاوم الوباء وتبثّ التفاؤل في ثنايا بلد أنهكه السياسيون بشطحاتهم.
فبعد سيناريوهات كثيرة رافقت التحضيرات لأيام قرطاج السينمائية منها إلغاء الدورة، أوصدت الهيئة المديرة المهرجان كل المنافذ في وجه اليأس وعكفت على رسم فلسفة جديدة للمهرجان زمن كورونا.
في هذا الصدد، يقول مدير الأيام رضا الباهي إن الإصرار على تنظيم هذه الدورة وتكييفها مع الظروف الاستئنائية ليس من باب التعنت وإنما انحياز للثقافة وللمواطنة وحبا في الحياة.
من جهته، يرى ابراهيم لطيف أن المضي قدما في انعقاد الدورة رغم كل شيء إخلاص لتاريخ أيام قرطاج السينمائية والاختيارات النضالية لمؤسسيها وإيمانا بأن السينما من ثوابت الحياة.
وعلى غير العادة لن تضمّ هذه الدورة مسابقات رسمية للأفلام ولن يكون الافتتاح بفيلم واحد ولكنها ستشرع أبواب الذاكرة والحنين من خلال عرض الأفلام التي حازت على التانيت منذ الدورة الاولى لأيام قرطاج السينمائية إلى جانب الاحتفاء بعدد من المخرجين الذين خلّدوا أعمالهم في الذاكرة السينمائية.
تصور جديد للافتتاح..
في سابقة هي الاولى تفتتح ستة أفلام قصيرة الدورة الحادية والثلاثين من المهرجان، وهي أفلام يحتفي صناعها بستة أفلام تركت أثرا عميقا في تاريخ المهرجان ببادرة من أيام قرطاج السينمائية وإنتاج المركز الوطني للسينما والصورة وهي " المصباح المظلم في بلاد الطرنني" و" الوقت الذي يمر" و"على عتبات السيدة" والماندا" و"سوداء 2" و" السابع".
و"المصباح المظلم في بلاد الطرنني" للمخرج طارق الخلادي وتنفيذ الإنتاج "بلادي للإنتاج" وهو اقتباس حر عن "المصباح المظلم" أحد أقسام فيلم "في بلاد الطرنني" إنتاج 1973,أما " الوقت الذي يمر" فللمخرجة سنية الشامخي وتنفيذ الإنتاج " اميلكار" ويستوحي اجواءه من فيلم "شمس الضباع" للمخرج رضا الباهي الذي شارك في قسم " نصف شهر المخرجين" في مهرجان " كان السينمائي" سنة 1977.
فيما أخرج فوزي الشلي " على عتبات السيدة"، تنفيذ إنتاج " أرنيس للإنتاج"، وينطلق الفيلم من "سيدة" والطريف أن البطولة ستكون لصاحب الفيلم الأصلي محمد زرن مع هشام رستم.وبخصوص "ماندا" فهو من غخراج هيفل بن يوسف وتنفيذ الإنتاج " إيريس للإنتاج" وهو مستوحة من فيلم "الحوالة" للمخرج عصمان صمبان،
أما "سوداء 2" من إخراج الحبيب المستيري وهو مستوحى من فيلم "la noire de…" لعصمان صمبان، وهو الحائز على أوّل تانيت ذهبي لأيام قرطاج السينمائية سنة ستة وستين وتسعمائة وألف، و"السابع من إخراج علاء الدين بوطالب وتنفيذ الانتاج " كي للإنتاج" وهو إعادة صياغة محاكية لفيلم العرس للمسرح الجديد.
"تكريمات"..
اختارت أيام قرطاج السينمائية أربعة مخرجين لتكريمهم في دورتها الحادية والثلاثين وهم "عبد اللطيف بن عمار" و"سلمى بكار" و"ماد هوندو" و"جبريل مابيلي"، أربعة مخجين أثروا في السينما وأثروا الذاكرة السينمائة بأعمال خالدة.
وحفل الافتتاح سيشهد تكريما خاصا للممثل المصري القدير عبد العزيز مخيون لعطائه اللامحدود للسينما من خلال عدد من الاعمال السينمائية التي كتبت تاريخ أيام قرطاج السينمائية.
أفلام العرض الأول..
وإن غابت المسابقة الرسمية عن هذه الدورة، فإن عشاق السينما على مواعيد مع عروض اولى لأفلام "الرجل الذي باع ظهره" و"ليلة الملوك" و" 200 متر" و" الهربة" و"المدسطنسي".
و"الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة كوثير بن هنية، بطولة يحي مهايني وديا اليان وكوين دي بوي والنجمة العالمية مونيكا بيلوتشي ويروي الفيلم حكاية لاجئ سوري في لبنان رحلته من أجل السفر إلى حبيبته البلجيكية وما بينهما من لقاء مع فنان تشكيلي أوجد له الحل ليسافر..
فيما يخص "ليلة الملوك" فهو من إخراج فيليب لاكوت من الكوديفوار ويعرض للمرة الثانية بعدج عرض اوّل في مهرجان البندقية وهو من بطولة بكاري كوني وستيف تيانتشو وايساكا سوادوغو.
أما فيلم " 200 متر" فهو مستلهم من حكاية شخصية للمخرج أمين نايفة عايشها وهو طفل وظلت تسكنه حتى ترجم تفاصيلها إلى روائي طويل استغرق منه عشر سنوات من الكتابة، فيما يقدّم المخرج غازي الزغباني العرض ما قبل الاول لفيلم " الهربة"، وهو في الأصل مسرحية مقتبسة من رواية الميلي، حولها إلى فيلم وحافظ على العنوان نفسه، وهو من بطولته ونادية بوستة.
فيما يقدم المخرج حمزة عوني الوثاقي الجديد "غير مؤهّل" أو "المدسطنسي" الي صوره بالمحمدية وتابع فيه طيلة إثنتي عشرة سنة تفاصيل حياة محرز الراقص الموهوب ومدمن القمار.
ذاكرة وذكريات..
وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها تونس على جميع الأصعدة تتيح السينما لعشاقها فسحة من الزمن للعودة إلى الوراء من خلال عدد من الأفلام في أقسام مختلفة منها مختارات الأفلام الروائية الطويلة او القصيرة ونوستالجيا والتانيت التونسي ورؤى، إلى جانب أقسام أخرى ستحجز أماكنها في الذاكرة السينمائية.
اختتام بطعم العرفان..
أما في اختتام الدورة الحادية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية فتسند الأيام تانيتا خاصا بالشاذلي القليبي تقديرا واعترافا بك ما قدمه للثقافة التونسية والعربية وهو المناضل من اجل تأسيس الفكر الحر والمدافع عن المبدعين وانتاجاتهم.