كتاب”عشر ساعات هزت تونس..حريق السفارة الأمريكية ونتائجه”: خفايا صراع أجنحة النهضة وفشل ترويض الوحش السلفي

بسام حمدي- 

"في بلادي تقبر الكثير من الملفات ويطويها النسيان أو التناسي، تحت ضغط الواقع، وضغوط أخرى" هاجس دفع الكاتب الصحفي التونسي أحمد نظيف الى تحليل دوافع ونتائج عشر ساعات هزت تونس وغيرت الموقف الأمريكي من الحزب الاسلامي"حركة النهضة"، ساعات حرق السفارة الأمريكية بتونس.

في كتابه الجديد الذي أصدره تحت عنوان" عشر ساعات هزت تونس.. حريق السفارة الأمريكية ونتائجه"، يسرد أحمد نظيف في خمسة فصول حكاية الهجوم السلفي على مقر السفارة الأمريكية بتونس في سبتمبر 2012 وتفاصيل ذلك الهجوم مركّزا على التقصي في الدوافع ورصد النتائج.

ويقول الكاتب أحمد نظيف في حديثه لحقائق أون لاين "إن هذا الهجوم القصير في حيز الزمن، والخاطف تكتيكياً، كان له الأثر الكبير في تحولات جذرية شهدتها تونس بعد سبتمبر 2012 معتبرا أن الموقف الأمريكي شهد يومها تحولاً من الحزب الإسلامي، حركة النهضة، الذي وصل حديثاً إلى السلطة".

ولاحظ نظيف أن المشهد الدامي بمدينة بنغازي الليبية وهجوم تونس وأحداث القاهرة مثلت دليلاً على فشل الإسلام المعتدل، على الطريقة الأمريكية، في ترويض الوحش السلفي، مبرزا أن حادثة حرق السفارة الأمريكية بتونس كشفت الصراعات الطاحنة التي تدور داخل وزارة الداخلية، قلب الحكم والسلطة في البلاد والصراعات التي تدور بين ثلاثي "حكومة الترويكا" حول السيطرة على مواقع داخل أجهزة العنف الشرعي للدولة.

وفي حديثه عن كتاب" عشر ساعات هزت تونس.. حريق السفارة الأمريكية ونتائجه"، يقول أحمد نظيف إنه أراد إعادة سرد حكاية تلك الحادثة الفاصلة، وتفاصيل ذلك اليوم الطويل، وخاصة تحليل الدوافع والنتائج  مثل اصداراته السابقة «بنادق سائحة: تونسيون في شبكات الجهاد العالمي» و«المجموعة الأمنية: الجهاز الخاص للحركة الإسلامي في تونس وانقلاب 1987».

ويقدم أحمد نظيف نفسه كصحفي يريد البحث عن أكثر من وجه للحقيقة وليس مؤرخا أو باحث أكاديميا، مشيرا الى أن الكثير من الملفات في تونس تُقبر ويطويها النسيان أو التناسي، تحت ضغط الواقع، وضغوط أخرى.

ويرى الكاتب أحمد نظيف أن قوى كثيرة وشبكات ذات مصالح مشتركة ضمن الطبقة الحاكمة أو قريبة منها، ليس من مصلحتها أن تظهر حقيقة حادثة السفارة الأمريكية، أو حتى جزء منها، لأنها وببساطة تتعارض مع مصالحها في الهيمنة على السلطة والثروة.

منهجياً، يبين أحمد نظيف أنه حاول ألا يتدخل  مباشرة في موضوع الكتاب الرئيسي، لأن الحديث عن يوم 14 سبتمبر 2012 يحتاج ضرورةً إلى الحديث عن الأيام والشهور والأعوام التي سبقته، وفق رأيه.

كما يعتبر أن ما وصلت إليه تونس خلال ذلك اليوم القائظ، يوم حرق السفارة الأمريكية، ليس إلا نتيجة للعديد من السياسات وتفاعل العلاقات بين أطراف كثيرة، داخل جهاز الدولة أو في المجتمع السياسي وخاصة في الحركة الإسلامية، بمعناها الواسع، من أقصى يمينها الجهادي إلى وسطها السياسي، مضيفا أنه ولهذا السبب  عالج في الفصل الأول الجدلية التي حكمت علاقة حركة النهضة منذ أن كانت تسمى حركة الاتجاه الإسلامي، بالتيار السلفي على تنوعه توجهاته العلمية والحركية والجهادية، وحاول أن يرصد تحولات هذه العلاقة خلال أكثر من أربعة عقود وصولاً إلى عشية الرابع عشر من سبتمبر 2012.

وفي الفصل الثاني من الكتاب، ركّز أحمد نظيف بالتحليل على طبيعة العلاقة بين حركة النهضة ووزارة الداخلية، الوزارة القوية التي حكمت ومازالت تحكم تونس بقليل من اللين وكثير من الشدة ويبرز أن العلاقة شهدت تحولاً جذرياً بعد وصول الحركة الإسلامية إلى السلطة وسيطرتها السياسية عليها التي لم تمنع نشوب معارك وصراعات داخل أروقة البناية الرمادية بين جيوب موالية للنهضة وأخرى معارضة لها وموالية لقوى سياسية ومجموعات ضغط، محاولا أن يقدم تحليلاً، يسعى أن يكون موضوعياً، لطبيعة هذا الصراع ووقائعه.

وفي الفصلان الثالث والرابع في الكتاب، يقول أحمد نظيف أنه حاول الدخول في صلب الموضوع، مبرزا أن الفصل الثالث يروي وقائع يوم الهجوم على السفارة الأمريكية وإحراق المدرسة الأمريكية لحظة بلحظة والروايات المتشابكة والمتعارضة والمتصارعة بين أطراف الحكم حوله.

ويعالج الفصل الرابع في الكتاب المسار القضائي للحادثة وما أسفرت عنه من عقوبات وتعويضات غنمها الجانب الأمريكي.

ويرى الكاتب الصحفي أحمد نظيف أن نتائج الحادثة لم تقتصر عن مسارات القضاء والتعويض بل أدت إلى نتائج غير مباشرة، أكثر خطورة منها ما هو خارجي، مشددا على أن الهجوم أدى إلى فتور العلاقات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية وانعكس ذلك على حماسة إدارة الرئيس باراك أوباما لخيار وجود حركات إسلامية في السلطة، ومنها ما هو خارجي، وفق رأيه.

وبعد حادثة حرق السفارة الأمريكية، تغيرت سياسة حكومة حركة النهضة تجاه التيار السلفي الجهادي من محاولة الاستقطاب إلى السعي نحو التخلص من التيار إما بالاعتقالات المباشرة أو بفسح المجال للخروج والبحث عن ساحات حرب ليمارس فيها أعضائه هوايتهم المفضلة وهي القتل والإمعان في القتل، وفق قول محدثنا. 

وفي الفصل الأخير من الكتاب، الذي حمل عنوان: «الترانسفير الجهادي»: كيف أدى حريق السفارة إلى نهج «افراغ الساحة؟»، حاول أحمد نظيف أن يشرح العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الهجوم على السفارة الأمريكية وما أعقبه من موجة غير مسبوقة لنشاط شبكات التسفير نحو سوريا وليبيا والعراق.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.