قيس سعيد يربك القضاء…

هبة حميدي-

لا يخفي القضاة في تونس التوجس القائم بشأن ما اعتبروه منذ فترة التدخل المباشر للرئيس في عمل السلطة القضائية في تونس، توجسات تدعمت بتصريحات رئيس الجمهورية في اكثر من مناسبة وتعمقت خاصة حينما اقر ان "المشكلة في تونس اليوم نتيجة دستور 2014، والذي ثبت أنه لم يعد صالحا ولا يمكن تواصل العمل به لأنه لا مشروعية له".
 
تخوفات تتعمق يوما بعد يوم بشأن المسار القضائي في بلادنا الذي لا يزال يتحسس طريقه الصحيح، ولعل آخرها  قرار الرئيس المتعلق باجراء اصلاحات دستورية يوم 25 جويلية 2022، ومحاكمة كل الذين أجرموا في حق الدولة التونسية وشعبها.
 
ويعتبر القضاة ان السلطة القضائية مستمدة من الدستور وبالغاء الدستور او تعديله سيلغى القضاء الذي يستمد مشروعيته من الدستور ويضعف بمفهومه الشامل والحقوقي الحرّ، اضافة الى أنّ القضاء سلطة مستقلة لها سلطة التقدير وليست وظيفة تقدم لها التوصيات من السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية.
 
وفي هذا السياق اعتبرت القاضية روضة القرافي أن رئيس الجمهورية سبق وان تدخل بصفة مباشرة في القضاء عندما دعا الى الحسم في عدد من القضايا المنشورة في اتجاهات معينة.
 
وقالت القرافي لحقائق اون لاين: إن الحديث عن تعليق العمل بالدستور كلام خطير، وانا اعبر عن رفضي لما اتاه رئيس الجمهورية في ذلك الاجتماع الصادم الذي جمعه بكبار القضاة" الاسبوع الفارط.
 
وتوجهت القاضية الى رئيس الجمهورية بالقول: انت لا تريد السياسة في قصور العدالة ونحن لا نريد القضاء في قصور السياسية"، وفسرت انّ ما حدث في  الاجتماع الاخير بين القضاة والرئيس يعدّ "قضاء في قصور السياسة" لانه طلب الحسم في قضايا في اتجاه معين امام الجميع وبصفة مباشرة.
 
وتحدثت عن استشعار القضاة لخطورة الوضع سواء بتعليق الدستور الذي سيتعلق بمقتضاه القضاء كسلطة مستقلة، او بالتصورات التي يحملها الرئيس.
 
واشارت الى ان رئيس الجمهورية لديه تصورات بشان المجلس الاعلى للقضاء من شأنها ان تعود بالسلطة القضائية الى تبعية السلطة  التنفيذية واساسا رئيس الجهورية، من خلال ان يكون لهيد في تعيين القضاة واعطاء مسؤوليات للقضاة وربما في تسليط عقوبات واعفاءات، وهذا ما يعد تطويعا للسلطة القضائيّة.
 
ودعت القاضية روضة القرافي اصحاب العدالة الى القيام بتحركات اجتجاجية كتعبيرات ضد الهدم المؤسساتي الذي ينتهجه الرئيس، وهو ما اعتبرته امرا مطلوبا لخلق نوع من التوازن ليتخلى سعيد  عن هذه التوجهات التي اعلن عن عناوينها، وفق قولها.
 
وكان المجلس الاعلى للقضاء  دعا عموم القضاة وكافة مكونات العدالة إلى ضرورة التمسك بمكتسبات القضاء المستقل،  معلنا عن إبقاء جلسته العامة بحالة انعقاد لمتابعة كل مساس من ضمانات استقلالية القضاء وحسن سيره، مؤكدا انه يستمد شرعيته من البناء الدستوري الذي ضبطه الباب الخامس من الدستور والقانون الأساسي المتعلق بإحداثه، مشددا على تمسكه بوضع القضاء كسلطة من سلط الدولة وبضمانات استقلال القضاة و ضرورة النأي بهم عن كل صغط مهما كان مصدره.
 
من جانه سبق وان ستقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الاسبوع الفارط كلّ من رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيسة مجلس القضاء العدلي والرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية ، ورئيس مجلس القضاء المالي.
 
وتمّ، خلال هذا اللقاء، تناول سير المرفق العمومي القضائي وخاصة منه المتعلق بالنزاعات الانتخابية حيث أكّد رئيس الجمهورية على أن التقرير الذي وضعته محكمة المحاسبات والخاص بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة لا يمكن أن يظلّ دون أثر بل يجب ترتيب النتائج القانونية عليه في مستوى صحّة الانتخابات
 
وشدّد على أن النيابة العمومية يجب أن تقوم بدورها فمن غير المقبول اطلاقا أن يتم التحريض على الانقلابات وعلى انشاء ميليشيات ويبقى المحرّضون في الداخل وفي الخارج دون أي ملاحقة جزائية.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.