يسرى الشيخاوي-
كثيرة هي الصور التي تعترضنا على مواقع التواصل الاجتماعي لأعوان شرطة بلدية بصدد قتل كلاب سائبة في الشوارع بالرصاص، صور ندد بها نشطاء مدافعون عن حقوق الحيوان وسكان الأحياء التي تتواصل فيها هذه الممارسات.
صور دماء الكلاب التي خضبت الاسفلت تُدمي القلوب وتدفع إلى التساؤل عن الجدوى من قنص هذه الكلاب عوض تخصيص مآو لها وتنظيم حملات لتلقيحها عوض حملات لقتلها من قبل البلديات في تونس إن كانت الغاية الحماية من داء الكلب.
مشاهد قنص الكلاب، وصوت الرصاص ونباح الوداع الاخير، اقتبستها المخرج سوسن الجمني في الجزء الثاني من مسلسل "فوندو" وخصصت لها مساحة زمنية لو اخترنا لها عنوانا يكون " إعادة النظر في التعامل مع الحيوانات السائبة وخاصة الكلاب".
"جاك" كلب سائب، خطف قلب "مومو" (نسيم بورقيبة) ابن "جوزيف" (نوردو) وصار أنيسه وملاذه في أوقات مختلفة حتى تبادر إلى سمعه صوت إطلاق رصاص واصطدمت عينيه بدم رفيقه ينزف على الارض لتنتابه حالة بكاء هستيرية وهو يحضنه.
هذا المشهد الذي أداه الممثل نسيم بورقيبة بعفوية وصدق يكشف عن حجم الوجع الذي قد يسببه قنص الكلاب لأناس يحبون الحيوانات ويقيمون معها روابط عاطفية لا يفهمها إلا من مر بنفس التجربة، وجع قد يلازم صاحبه لفترة طويلة بل كل العمر ويخلف فيه جرحا لا يندمل.
بعض الأشخاص يتعاملون مع الحيوانات للتي يربونها أو يألفونها وكأنها أفراد يقاسمونها الاحاسيس والأفكار والأسرار لذا يؤلمهم الفقد كثيرا، وهو ما صوره مشهد دفن الكلب من قبل "مومو" ومرابطته عند مكان القبر الذي اختاره له.
وبعيدا عن أداء نسيم بورقيبة في المشاهد التي ألقت عينا على ملف الكلاب السائبة، يبدو الحوار الذي دار بين "جوزيف" ووالدته( لطيفة القفصي) عن التعامل مع الكلاب السائلة وعن القسوة التي تكتنفها، الامر الذي يمكن أن يكون بداية نقاش لإيجاد حلول أخرى لا وحشية فيها.