فيما تحتدّ المعركة مع الخصوم: سعيد يقطع الطريق أمام الحلفاء

في ذهن قيس سعيد .. لا يعني الدعم للخيارات والصداقة في التوجهات قبولا بالشراكة في الحكم وتقاسم السلطة، والتوافق في الخيارات لا يعني أن باب الوصول إلى عضوية الحكومة مفتوح على مصراعيه، الرئيس اليوم لديه خصوم وحلفاء من الأحزاب السياسية، وكلاهما غير معني بمشاركته في الحكم مهما كان تموقعه، فمشروع "الديمقراطية المجالسية"الذي يتنباه قيس سعيد يعتبر الأحزاب أجساما وسيطة مصيرها الفناء ولا جدوى من تشريكها في الحكم اليوم.

وفيما يذهب في معركته إلى أبعد حدود مع من يعارضون مسار 25 جويلية 2021، يبدو قيس سعيد غير مكترث بما يحبذه الداعمون  له بل إنه يمكن القول كونه قطع طريق الوصول إلى سلطة القرار أمام حلفائه وأحدث جملة من التغييرات قبل توليهم صلاحيات السلطة التشريعية بعد تنصيب مجلس نواب الشعب الجديد.

واعتبارا لأن  الأحزاب والائتلافات السياسية الفائزة في الاتنخابات التشريعية لسنة 2022 لديها سقف من الطموحات للحكم والمشاركة في السلطة، وانطلاقا من مبدأ أن العمل السياسي ليسا عملا خيريا ولا تطوعيا، تطمح الأحزاب ذات التمثيلية البرلمانية إلى نيل جزء من سلطة القرار وخاصة السلطة التنفيذية، وهو ما لا يتطابق مع فكر قيس سعيد الذي نجدد القول كونه يرى أن الأجسام الوسيطة لا جدوى منها.

وجاء التحوير الوزاري الذي أجراه قيس سعيد وأقال خلاله وزير الخارجية والفلاحة والتشغيل والتربية والتجارة وعوضهم بشخصيات أخرى، في شكل عملية استباقية أدارها سعيد لإنهاء أحلام بعض الأحزاب ذات التمثيلية البرلمانية من تقاسم السلطة التنفيذية معه.

وعكس ما دعا إليه الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في أن يتم إجراء تحوير وزاري بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية والأخذ بعين الاعتبار الأوزان السياسية للأحزاب الفائزة فيها وبالتالي تكوين حكومة سياسية ينتمي بعض وزرائها إلى الأحزاب الفائزة بالبرلمان، وبعد هذه الدعوة أجرى قيس سعيد تحويرا في الحكومة دون أن يعير اهتماما إلى أكبر حليف سياسي داعم له وهو حركة الشعب.

وهذا التمشي يؤشر إلى أن تقاسم السلطة التنفيذية بين سعيد والأحزاب الداعمة له سيبقى أضغاث أحلام لدى زهير المغزاوي وكذلك الائتلافات السياسية الأخرى الفائزة في الانتخابات، وعدم تفاعل الرئيس مع دعوات حتى الداعمين له يؤكد أن صفحة مشاركة الأحزاب في الحكم صفحة قد طويت بالنسبة لسعيد.

وتعيين عضو مبادرة "لينتصر الشعب" النقابي محمد علي البوغديري التي سيكون لها تمثيلية برلمانية، ليس حبا من سعيد في تكوين حزام سياسي برلماني حوله، بقدر ما هو ردّ منه على اتحاد الشغل ومحاولة لاستمالة النقابيين إلى صفه بعد توتر العلاقة بينه والمنظمة الشغيلة.

ولا شك عندي أن اصطدام طموحات الأحزاب في مشاركة الرئيس في سلطة القرار بلامبالاته، سيغيّر المشهد بعد تنصيب البرلمان، وستحصل القطيعة حتما، فلن تقبل بعض الأحزاب أن تبقى كرتونية في البرلمان لا صلاحيات ولا نفوذ سياسيا لها ولا دخل لها في القرارات الوطنية.

ربما سيواجه قيس سعيد خلال المرحلة القادمة، وبعد تولي البرلمان الجديد مهامه، معارضة جديدة وستكون هذه المرة تحت قبة السلطة التشريعية وقد يكون وزنها أكثر ثقلا باعتبارها ستكون معارضة من داخل مؤسسات الدولة قد تهدد استقراره في السلطة رغم ضعف الصلاحيات التي يمنحها دستور 25 جويلية للنواب الجدد.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.