في مدينة الثقافة.. الأطفال المودعون بمراكز الإصلاح يعانقون الحرية عبر السينما

يسرى الشيخاوي- 

هنا مدينة الثقافة، هنا قاعة الطاهر شريعة، هنا فضاء تهاوت قضبان الوحدات الإصلاحية على أعتابه، هنا عانق أطفال جانحون الحرية عبر السينما، هنا تجربة يتماهى فيها الإنساني والفني وتعجز الكلمات عن وضف الأحاسيس المتولّدة داخلها. 

هذه التجربة نتاج جهود حثيثة للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب من اجل ضمان حق المودعين في الثقافة، تجربة اكتملت ملامحها بالشراكة مع الهيئة العامة للسجون والإصلاح وإدارة أيام قرطاج السينمائية. 

وإن كانت أيام قرطاج السينمائية في السجون تتيح للمودعين في الوحدات الإصلاحية من مشاهدة الأفلام السينمائية داخل أسوارها فإن الدورة الابعة شرّعت أمامهم الأبواب المغلقة ليغادروا الزنزانات ويتنفسوا الحرّية بلا قيد ولا حد.

أربعون طفلا من خمسة مراكز إصلاح مثلت لهم السينما تذكرة عبور اخترقوا بها الأسوار إلى العالم الخارجي حيث سافروا وهم جلوس إلى "مخيم الزعتري" حيث يربي شابان الأمل.

ورغم كل الصعوبات والمعاناة والقسوة من حولهما تشبثا بحلمهما وصارا ما يريدان، رسائل التقطها المودعون والمودعات من الاطفال وخاطبت فيهم الامل الساكن في قلوبهم الغضة التي ارتمت في أتون السجن. 

وأنت تجول بناظريك بين البنين والبنات وتحاول ان تقرأ بعضا من الكلمات المتراكمة في اعينهم تلتبس مشاعرك وتتهاطل عليك الأسئلة وتلعن فكرة السجن ألف مرة وانت تتكهن الأسباب التي ألقت بهم في هذه التجربة القاسية. 

وجوه بريئة ونظرات عصية على الترجمة تطالعك وأنت ترقب دخول أفواج المودعين إلى قاعة الطاهر شريعة في مشهدية تنهار عندها القضبان والأسوار ويعلو فيها صوت الحرية.

ومع انتهاء نقاش الفيلم الذي أبدى فيه المودعون والمودعات تمثلات إيجابية عن الأمل والحلم، شارفت الرحلة خارج أسوار الإصلاحيات على الإنتهاء وغادر ضيوف مدينة الثقافة  نحو الإصلاحيات، وفكرة الحرية معتقة داخلهم أكثر فأكثر.

 

 

 

  40 طفلا جانحا من 5 مراكز إصلاح بكامل تراب الجمهورية ربما لم يتخيل أحدهم يوما مغادرتها إلا ليطلق كطائر من جديد وسط مجتمع فارقه لارتكابه خطأ في يوم ما، إلا أن الحلم بالعودة للحياة الطبيعية وتنفس الحرية سبقه حلم اليقظة بأن وجدوا أنفسهم من المحظوظين ضمن  قائمة اختارتها الهيئة العامة للسجون لتمكنهم من مغادرة أسوار  مراكز الاصطلاح وحضور   فعاليات أيام قرطاج السينمائية في دورتها 32 لكن ليس عبر تلفاز آو شاشة سينمائية صغيرة  بين القضبان وجدران الإصلاحيات وإنما في قاعة سينما الطاهر شريعة بمدينة الثقافة بالعاصمة التي ربما لم تطأها أقدامهم قبلا  أو لم  تخامرهم حتى فكرة زيارتها .

 

 شاهد الأطفال الجانحون من تونسيين ولاجئين أفارقة  فيلم "كابتن الزعتري" للمخرج المصري احمد  العربي وسط حرية مؤقتة  تضاهي أكثر من  فترة عرض الفيلم الذي مدته 74 دقيقة إذا احتسبنا فترة تنقلهم من مراكز الإصلاح وماشاهدوها من طبيعة وتنفسوه من هواء.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.