في كتابه الجديد “إسلام السلطة وإسلام الجماعة،محنة أمّة”: لطفي حجي يغوص في المسألة الدينية بالبحث والتمحيص

 

محمد علي الصغيّر-

«إن من يهمه مستقبل المجتمع ومصلحته، ويسكنه فعلا هاجس التطوير والتقدم المستمرين يجب ألا ينظر من الزوايا الايدولوجية أو الحزبية أو المصلحة الذاتية، بل عليه أن ينظر الى المسألة من زوايا تجنيب المجتمعات مخاطر هي قادرة على تجنبها بيسر شريطة تغليب العقل على الشعوذة الفكرية والسياسية الزائفة، والتحاور بدل التقاتل، والقانون بدل التعسّف والقمع».

بهذه المقتطفات من مقال نشره في العدد 827 من مجلة حقائق بتاريخ 1 نوفمبر 2001،  صدّر الصحفي لطفي حجّي كتابه الجديد «إسلام السلطة وإسلام الجماعة، محنة أمّة» الصادر عن الدار المتوسطيّة للنشر.

هذا الإصدار الثاني لحجّي، الذي يتناول المسألة الدينية بالبحث والتمحيص في أكثر من أربعمائة صفحة كان محور لقاء جمعه  اليوم بثلة من الإعلاميين والنخب الفكرية والسياسية.

النأي بالإسلام عن المزايدات السياسية

لطفي حجي صاحب التجربة الطويلة في المجال الإعلامي والذي شغل منصب رئيس تحرير القسم العربي لمجلة «حقائق» الصادرة آنذاك باللغتين العربية والفرنسية، دعا النخب السياسية خصوصا مهما كان موقعها —داخل السلطة أو خارجها— الى تمثل المسألة الدينية ومعالجة قضايا الإسلام بأكثر عمقا بعيدا عن «منطق المزايدات» ومنطق الربح والخسارة وتحقيق المصالح لأن المسألة تتعلق «بمستقبل المجتمع بأسره».

ويرجع حجّي توجّهه الى السياسيين تحديدا لأنه يعتبر أن مسألة الإسلام هي مسألة سياسية بامتياز وخصوصا بعد الثورة.

وفي ردّه عن سؤال «حقائق أون لاين» حول تعاطي الأنظمة الحاكمة التي تعاقبت على السلطة في تونس مع الشأن الديني، اعتبر لطفي حجّي أن كل الأنظمة بما في ذلك تلك التي حكمتنا بعد الثورة لم يكن لها تصوّر واضح لمسألة الإسلام وأن كل نظام كان يتعامل بطريقته الخاصة مع هذه المسألة.

ويعتبر صاحب كتاب «بورقيبة والإسلام : الزعامة والإمامة» الصادر سنة 2004، أن «الاستخفاف بمثل هذه القضايا» قد يولّد «فكرا أكثر تطرّفا» خصوصا في ظل المناقشة المستفزة لهذه المسألة، وهو ما حدا به الى الدعوة الى مناقشة موضوع الشأن الديني الذي أسال الكثير من الحبر في السنوات الأخيرة، ليس فقط على أعمدة الصحف أو من خلال الإصدارات بل عبر فتح النقاش داخل الفضاء العام بكل جدية حتى تتم المعالجة الحقيقية لهذا الموضوع الشائك.

ولعل أبرز القضايا التي أثارت جدلا واسعا داخل الوسط المجتمعي بعد الثورة وفي علاقة بالشأن الديني، هي مسألة استغلال الفضاء الديني وتحديدا المساجد، وهي مسألة كادت تؤدي بالمجتمع التونسي الى الوقوع في منزلق خطير. وعلى ذلك، يعتبر لطفي حجي أن مسألة التصرف أو إدارة المساجد يجب أن تخرج من دائرة السلطة والحكومة لتتكفل بذلك هيئة أو هيكل مستقل يعنى بهذا الشأن ويكرّس داخل هذه الفضاءات المنتجة لـ«القيم» مبادئ تتماشى وقيم الجمهورية وتتماهى مع مبادئ الدستور التونسي.

معضلة التفسير «الكاريكاتوري» للإسلام

واستنكر الكاتب خلال الندوة الصحفية التي عقدها في مقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تناول بعض الإعلاميين للمسألة الدينية وفتح الباب على مصراعيه أمام من يعتبرهم حجّي «الكاريكاتور الديني» دون سواهم وعدم الاستعانة أو فسح المجال أمام المفكرين الجدّيين ذوي الخبرة والكفاءة القادرين على التفسير المنطقي والعلمي لهذا الموضوع لإنارة الرأي العام وتوضيح هذه المسائل المتشعبة بطريقة جدّية ومُجدِية.

ويعتقد لطفي حجي، الإعلامي بقناة الجزيرة، أن المسؤولية الملقاة على كاهل الإعلاميين جسيمة وأن الإعلام مطالب اليوم بالارتقاء بالوعي المجتمعي ومعالجة القضايا الجوهرية التي تمس المجتمع مثل المسألة الدينية بكل حرفية واتزان بعيدا عن «التفسير الكاريكاتوري» وبعيدا أيضا عن التجاذبات الايديولوجية المفضوحة.

التطرّف، لعبة إقليميّة

في خضم ردّه على أسئلة الحاضرين في هذه الندوة التي أدارها نقيب الصحفيين ناجي البغوري وتخلّف عنها عدد كبير من وسائل الإعلام التي اعتادت الحضور بشكل مكثّف في مثل هذه اللقاءات التي تنتظم بفضاء النقابة، اعتبر لطفي حجي صاحب التجارب العديدة والكتابات المتنوعة في الشأن الديني، أن التطرف لعبة إقليمية ودوليّة بالأساس هدفها تغيير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ككل. ويرى الكاتب أن التنظيم الارهابي داعش هو مجرّد أداة تم استخدامها لهذه الأغراض وسيكون مصيره كمصير تنظيم القاعدة الذي استخدم لأغراض مشابهة وانتهى مخلفا وراءه العديد من نقاط الاستفهام حول تمويله وإمداده بالأسلحة وغيرها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.