في حفلها الثاني على ركح قرطاج: أمينة فاخت توقظ “الديفا” من سباتها لتوزع رسائل الحب كحمام زاجل

أمل الصامت-

مثل العاشقة الولهانة أطلت على حبيبها الأبدي تغني له متسلحة بكل كلمات الحب وتضرب له موعدا غراميا تعد بأن لن يمحى من ذاكرته، وبموعدنا أرضك يا بلدنا مهما تفرقنا وبعدنا.. على حبك نحنا تواعدنا.. نحبك نحبك نحبك يا بلاااااااادي، غنت أمينة فاخت لتونس ولجمهورها التونسي أغنيتين وطنيتين متتاليتين في بداية سهرتها على مسرح قرطاج ليلة الثلاثاء 24 جويلية 2018، مكررة العهد بالعمل على بناء تونس متقدمة وجميلة في كل كلمة توجهت بها إلى الحضور.

مسرح يعج بالجماهير في سهرة لم يمر على سابقتها سوى ثلاثة أيام في برمجة راهن عليها مهرجان قرطاج الدولي لتسجل شبابيك مغلقة في الموعدين لعرض استثنائي تؤثثه  “الديفا” بعد غياب ناهز الثماني سنوات عن المهرجانات الدولية وعن مهرجان قرطاج بالاساس.

الديفا تنبعث من جديد

ولعل من حضر حفل ليلة السبت 21 جويلية، لاحظ هدوءا غير معهود في أداء أمينة فاخت التي عرفت بجنونها الفني وحضورها الذي لا يليق بغيرها على المسرح، حتى انقلبت الصورة في السهرة الثانية بعد ثاني أغنية ادتها والتي كانت إنتاجا جديدا يحمل عنوان “نحبك يا بلادي”، وتعهدت الديفا بليلة مجنونة تحدت فيها جمهورها أيهما سيكون أكثر جنونا من الآخر هم أم هي.

وبروح الفتاة العشرينية المراهقة التي ظهرت بها في بداياتها، راحت الديفا تصول وتجول في كل الاتجاهات على الركح الذي كان هو الآخر على غرار الجمهور من نوع خاص، حيث هيأ لها ممرا وكأنه قسم المسرح إلى نصفين، كانت الديفا كلما تقدمت عليه تقترب أكثر من جمهورها في صورة مليئة بالرسائل الايجابية أهمها أنها مهما غابت او ابتعدت فإنها لا تستطيع الشفاء من إدمان جمهورها الذي اكتسبت محبته ” بـ”الدم”.. جمهور هو الاقوى في العالم”.. هكذا وصفت نجمة “عودة الروح” جمهورها بكلمات طغت فيها اللغة الفرنسية على اللهجة التونسية.

مثل اللؤلؤة الملفوفة بخيوط من ذهب تزينها الفضة غنت ورقصت وركضت من يمين الركح إلى شماله وملأت المكان بهجة على إيقاعات الفرقة الوطنية للموسيقى التي أتقنت التفاعل مع ارتجالات “مجنونة الفن” بامتياز في كل مرة، بقيادة المايسترو محمد الأسود الذي بدا بدوره رصينا كثير التركيز يعلم ما عليه فعله ومتى يفعله بمجرد حركة صغيرة من أمينة، تلك الفنانة المختلفة التي لبت ربما نداءات جمهورها إلى ان تكون كما عهدها مبدعة في طربها مجنونة في أدائها.

وبالإضافة إلى الجانب الفني للعرض المختلف، خاطبت أمينة فاخت الحاضرين بطرق مختلفة أيضا دون أن تستثني أحدا، ومثلما غمرت جمهورها حبا قد ينتقد البعض أنها عبرت عنه بلغة قد لا يفهمها الجميع، أثنت على أداء الفرقة الموسيقية وقائدها واصفة إياهم بالنجوم المضيئة في سماء قرطاج، وحيت الضيوف الحاضرين من مسؤولين وفنانين وعلى رأسهم “حبيب قلبها” و”صديقها العزيز” الفنان الملتزم مارسيل خليفة بل حتى إنها تغزلت به بالصوت والصورة لتثبت من جديد أنها لم تتخل عن جنونها بل أجلته ربما لما بعد رد صدى الحفل الأول لتكون عودة الروح الحقيقية في الحفل الثاني.

محبة الجمهور موهبة…

اختفت أمينة فاخت لحوالي عقد من الزمن لتعود بنفس قوة الصوت والتفرد في الاداء، ولكن وكأنها عادت لتقدم ابنتها ملكة إلى الجمهور في محاولة لتوريثها المسرح الذي لطالما رج لها ومن أجلها. وقد تكون المحاولة ناجحة في حضورها إلا أنها قد تفشل من دونها وهو ما سيثبته المستقبل أو ينفيه دون إنكار خامة الصوت الرائعة للفتاة.

الطريقة التي فرضت بها الملكة ملاكها كانت مبتذلة بعض الشيء، إذ قدمتها على أساس تشجيع المواهب الشابة إلى جانب المغني محمد علي شبيل صاحب الصوت الجهوري دون الانتباه إلى عامل المساواة في الفرص وأكسبتها حيزا أكبر من الزمن في أغنية أجنبية عندما كررت جملا منها بحضور والدتها مما ساهم حتما في ارتفاع منسوب التصفيق أكثر من المرة التي غنت فيها مُلكة لوحدها على المسرح.

ولعل الثقة في محبة جمهورها هي التي أكسبتها تلك الثقة في قبوله أي شيء تقدمه له، وهي التي تجعلها تتصرف بأريحية سواء في حركتها على المسرح وكأنها تقدم لوحة راقصة مدروسة أو في طريقة مخاطبتها للحاضرين، أو حتى في السماح لنفسها بالحديث عن عائلتها والمحبوبين من قبلها لدرجة أنها تعرض مقطع فيديو صغيرا لوالدتها الراحلة وهي تغني، في إشارة على أن الفن وحب “المغنى” متوارث في العائلة، فكما ورثته هي عن والدتها ورثته ابنتها عنها.

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.