في النادي الثقافي الطاهر الحداد .. “فوضى حواس” تراقص أنغام العود

 يسرى الشيخاوي

هنا النادي الثقافي الطاهر الحداد، حيث تؤوي  الحجارة العتيقة أسرار التاريخ وتعبق رائحة الماضي لتعود بك سنوات إلى الوراء وتروي الحيطان والأرشية والأسقف والأبواب الخشبية العالية حكاياتها على إيقاع نغمات العود المنبعثة من قاعة العرض التي تواتر عليها العازفون في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للعود بالمدينة.

في طريقك إلى قاعة العرض، على يمينك معرض لآلات العود التي تأسر الأنظار بألوانها ودقة صنعها، وعلى شمالك لوحات للفنانة التشكيلية هيفاء التاكوتي  ضمن معرض بعنوان "فوضى حواس"، تعانق عيناك الألوان التي تحاكي الحياة قبل أن تبلغ قاعة العرض الموشحة بالتاريخ والتراث.

وعلى إيقاع أنغام العود التي أوجدها ثمانية عازفين هاموا بهذه الآلة التي  تحمل في أوتارها سحر الشرق، سرت في ثنايا النادي الثقافي الطاهر الحداد نشوة تعمقت بالنظر في اللوحات التي أوجدتها هيفاء التاكوتي، لوحات رسمت فيها تمثلاتها للواقع من حولها على طريقتها.

حينما تطالعك اللوحات للوهلة الأولى تجذبك ألوانها التي تبعث في داخلك السكينة والبهجة وتتداخل تفاصيلها وتتشابك ولكنك كل ما دنوت منها أكثر وأمعنت فيها أفصحت عن معانيها وخاطبت شيئا ما داخلك، ربما ذكرى وربما رغبة وربما حلما أو أمنية.

التدرجات اللونية ورقصات الضوء بين ثنايا الألوان وتدفق الأشكال وإنسيابيتها، تفاصيل تنم عن أسلوب مختلفة لفنانة ترسم بحدسها واحساسها، فنانة تعيد صياغة الواقع كما تراه بقلبها وكما تتصوره روحها التواقة إلى التغيير.

أرسم وعيناي مغمضتان واحس بيدي تنزلق على الورق …لدي صور في رأسي لكن النتائج تفاجئني……
رسمت سابقا بدون وعي والان اتمم رسمي بتفكيري"، هكذا تحدثت التاكوتي عن معرضها، وهي لا تنطق عن هوى فصورها  المتعددة المعاني والتأويلات تفاجئ الناظر إليها.

والمتأمل في لوحاتها يستشف أنها تلاحق الأحداث غير المتوقعة وتكيفها مع أسلوبها الفني وتوشحها بهواجسها فتصبح في النهاية لوحات لم تحشرها في زاوية العنوان الواحد لأنها تحتمل أكثر من عنوان وأكثر من تفسير، لا سيما حينما تسربت إليها أنغام العود..

في محاكاة لحركة الألوان التي تطرح أكثر من مستوى للنأويل تتعالى أنغام العود إذ داعب المتسابقون أوتاره وتغويك بمتابعة المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للعود بالمدينة وتأمل أمامي العازفين وهي تخط حكايات مدادها من شجن وحنين.

وهذا المهرجان الذي يحاول أن يجد لنفسه موضع قدم في خارطة المهرجان يلفت إليه الأنظار هذه السنة في دورة ثانية تحضر فيها تونس والجزائر وتركيا ولبنان، دورة لم تكتف بالعروض والمسابقة الرسمية بل شملت معرضا لصناعة آلة العود وندوة علمية عن تجربة تعليم العزف على آلة العود في تونس. 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.