عن عرض مغني الراب “لارتيست”: هل يُصلح الفن ما أفسدته الرياضة؟

يسرى الشيخاوي-
 
مرتديا سروالا أبيض اللون وقميصا أحمر، اعتلى مغنّي الراب المغربي "لارتيست" ركح مسرح قرطاج الأثري في سهرة استأنفت برمجة مهرجان قرطاج الدولي بعد الحداد الذي عقب رحيل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.
 
وفي اختيار ألوان الملابس إحالة إلى الراية الوطنية التونسية، وهو ما صرّح به المغنّي المغربي الذي بدا وكأنّه يحمل يودّ أن يصلح ما أفسدته الكرة بين بلده الأم المغرب وبين تونس البلد الذي يستضيفه ضمن واحد من أعرق مهرجاناته.
 
والفنان المغربي، لم يتردّد في دعوة جمهوره إلى الوقوف دقيقة صمت ترحّما على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ولم يفوّت الفرصة لتأكيد أواصل الأخوة بين الشعبين المغربي والتونسي، ربّما في محاولة لرأب الصدع الذي أحدثته الكرة بين البلدين.
 
ومباراة كرة القدم بين الترجي الرياضي التونسي والوداد البيضاوي المغربي التي باتت قضية سياسية فشعبية اتسمت بالتوتر والتراشق بالسباب بين تونسيين ومغربيين، طفت على السطح في عرض "الرابور" المغربي يوسف أقديم المعروف بلقب "لارتيست".
 
والفنان المغربي، يراكم تجربة من التأليف والتلحين والإنتاج في المجال الموسيقي، وهو المولع بموسيقى الراب منذ سن الثالثة عشر، والمؤمن بأن الموسيقى في المطلق لا تعترف لا بالحدود ولا الفوارق.
 
ومسيرته الفنية انطلقت سنة ست وألفين من خلال ألبومه الأول "Evasion"  قبل أن ينتج "Mervarder" سنة إثني عشر وألفين و "Maestro" و"Clandestino" سنة ستة عشر وألفين، وهو لم يحد عن درب التنويع والتجديد في الموسيقى التي يقدّمها في كل مرّة، وهو ما يشد إليها المتابعين حتّى ان "شوكولا" الـ"featuring" الذي جمعه مع المغنية أوا ايماني ذات الأصول الغينية السينغالية قارب الـ400 مليون مشاهدة على اليوتيوب.
 
وعلى عكس مغني راب صعدوا على ركح مهرجان قرطاج وركنوا إلى تقنية البلاي باك ، غنّى  لارتيست في المباشر، ووشاركته أوا إيماني الغناء على إيقاع الغيتار والكلافيي والباص والموسيقى الالكترونية.
 
وهو لم يستخف بالصعود على ركح مهرجان قرطاج، وبلور تصورا فنّيا قد يستلطفه البعض ويستهجنه البعض الآخر، ولكنّه في النهاية دليل على أنّ هذا الفنان يحترم الجمهور الذي حضر من أجله، وهو الذي أهداه أغنية من المدوّنة التونسية " نجيبك نجيبك يا المسرارة".
 
وعلى ركح قرطاج، كان التناغم والانسجام عنوانا للعرض الذي جمعه بأوا إيماني سواء كان على مستوى الغناء أو الرقص  الذي كان متماشيا مع الموسيقى دون مغالاة، حركة مدروسة على المسرح بخطوات موزونة.
 
ومن النقاط اللافتة عرض الفنان المغربي، الأسلوب الموسيقي المتنوّع الذي يجمع بين "الراب و"الآر. أن.بي" والراي و"الدانسهال" والقناوة، ويخلق ريتما وأنغاما متفرّدة تعكس رغبة فنان في إيجاد توليفة موسيقية تشبه الإنسان بعيدا عن كل التوصيفات الملحقة به.
 
والإخراج لافت للأنظار إذ  كانت الشاشة على ركح المسرح فضاء تبدّلت فيه الخطوط والألوان وتغيّرت لتشكّل في كل مرّة معنى جديدا يتماشى مع كلمات الأغاني التي يصدح بها ورفيقته.
 
وتلك اللحظات التي تتوسّط " الوصلات" الغنائية، ما انفكّ يتغزّل فيها لارتيست بتونس التي قال إنّها لا تسقط أبدا حتّى أنّه شبّه نفسه بها وغنّى لها أغنية تلخّص حياته، وإذا عرف السبب بطل العجب، فهو متزوّج من تونسية، وهذا ليس من باب التطفّل على الحياة الشخصية لهذا الفنان وإنّما محاولة لتفسير إمعانه في الحديث عن حب تونس.
 
ولـ"الحراقة" أيضا نصيب من العرض، وفيما صورة بحر ممتد ترى بدايته ولا ترى له نهاية مرتسمة على الشاشة ، ينصح لارتيست الشباب بعدم الإقدام على هذه المجازفة والتشبث بوطنه، قبل أن يغني "الحراقة".
 
والفنان المغربي، استقبل ابنه على الركح وهي المرة الأولى التي يفعلها، في رسالة مفادها أن العلاقة بين تونس والمغرب قويّة وممتدة وأنّ التوتّرات الأخيرة ليست إلا سحابة عابرة، وليبقى السؤال "هل يصلح العرض الموسيقي ما أفسدته الكرة؟" 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.