“عمر ديما حي”.. ماذا تريد المنظومة البوليسية من جماهير الكرة؟

 يسرى الشيخاوي-

في موفى شهر مارس الماضي، كانت جلسة النظر في ملف شهيد الكرة عمر العبيدي في المحكمة الابتدائية ببن عروس التي شهدت حضورا لعدد من مشجعي النادي الافريقي(مجموعة فاندالز) الذي رفعوا شعارات مناهضة للمنظومة الأمنية ومطالبة بحق عمر العبيدي.

"تعلم عوم" الكلمة التي قالها أحد أعوان الأمن المتسببين في وفاة عمر وفق ما ورد في محاضر الاستماع للشهود تردد صداها في محيط المحكمة التي كانت مدججة بأعان الأمن الذين كانوا متأهبين لأي ردة فعل من الغاضبين.

ومن تابع تفاصيل الجلسة في المحكمة يومها والأجواء خارجها سيلحظ حتما منسوبا من الحنق في صفوف عدد من الشباب الذين سئموا سطوة المنظومة البوليسية الماضية قدما في تكريس القمع والانتهاكات في ظل ترسيخ سياسة الافلات من العقاب في تونس.

مشجعون من النادي الافريقي حملوا صور شهيدهم ونادوا بالحقيقة والعدالة وشرارة السخط ترتسم في أعينهم في الضفة الاخرى المواجهة للمحكمة وأعوان أمن قبالتها يحرسونها وسط مخاوف من انفلات الأمور واستعداد مألوف لاستعمال القوة.

يومها "أبدع" محامي الدفاع عن الأمنيين المتهمين في القضية في التشويش على القائمين بالحق الشخصي في قضية عمر العبيدي وغزت قاعة المحكمة حالة من الفوضى والتشويش دفعت رئيس الجلسة إلى رفعها لمدة ساعة.

في الأثناء تعاني أم عمر من نوبة هستيريا وهي لا تطلب إلا أن ترى من قتل ابنها، " نحب نشوف اللي قتل ولدي" دوى صوتها في المحكمة قبل أن يغمى عليها ويسكت صوت الأم المكلومة ويعلن وكيل الجمهورية أن الجلسة بعد رفعها ستكون مغلقة.

في البدء كانت الجلسة مفتوحة وكان من المفترض حضور الصحفيين بعد استشارة وكيل الجمهورية لكن فيما بعد تم منعهم وهرسلتهم من قبل عدد من أعوان الأمن في المحكمة وهو إن دل على شيء فيدل على مخاوف من كشف الحقيقة ومحاسبة الأمنيين المتورطين.

وقبل انطلاق المحكمة ومع بداية الاحتجاج أمام المحكمة أكد والد عمر العبيدي أن عددا من أصدقاء عمر تعرضوا إلى الايقاف من قبل أعوان امن وهم في طريقهم إلى المحكمة، الأمر الذي جعل الحقوقيين والصحفيين الحاضرين متأهبين لحصول أي انتهاكات لحقوق الإنسان طيلة الاحتجاج.

ومن أمام المحكمة تحرك المحتجون وكأنهم جسد واحد ورافقهم الصحفيون والحقوقيون وسط حراسة أمنية مشددة وعاد كل منهم إلى منزله دون تسجيل إيقافات لكن الايقافات في صفوف مجموعات المشجعين تتالت قبل الجلسة وبعدها.

وفي الفترة الأخيرة تجاوزت الايقافات أكثر من مائة مشجع وفق ما أفاد به عدد من المتابعين لهذا الملف وقد تعرض بعضهم للتعذيب والمشترك في هذه الايقافات أنها تلتقي بشكل أو بآخر عند قضية عمر العبيدي.

ولعل مناصرة قضية عمر العبيدي مقياس لارتفاع النصيب من القمع والتنكيل والتعذيب للجماهير ولم يقتصر الأمر على جمهور النادي الافريقي بل تعداه إلى جمهور الترجي الرياضي التونسي  والنادي الرياضي الصفاقسي.

وفيما تسعى المنظومة البوليسية جاهدة إلى قبر القضية عبر عصا القمع التي طالت الجماهير يبقى عمر العبيدي حيا في كل نفس من أنفاس مشجعي كرة القدم على اختلافهم ويظل السؤال الاستنكاري " ماذا تريد المنظومة البوليسية من جماهير الكرة؟ " قائما يستقي أجوبته من التعامل الأمني معهم.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.