على هامش عيد الشغل: بأي حال عدتَ يا عيد؟

 يسرى الشيخاوي- 

 

"يحتفلون بعيد الشغل ما أوقحهم"، تاويل لتدوينة تعترضك وأنت تتصفح الفايسبوك بصيغ مختلفة بعضها جنح إلى التلميح والآخر إلى التصريح ولكنّها صبّت كلّها في خانة التنديد بالبطالة وبالسياسات التي لم تجد حلولا لهذه المعضلة.

وفي يوم الاحتفال بعيد الشغل، مازال العاطلون عن العمل ينتظرون فرصة للالحاق بركب العاملين، ومازال العاملون يستجدون حقوقهم في ظل لامبالاة وصمت من الجهات المعنية التي ألفت اللجوء إلى الحلول الترقيعية لتغطية عجزها.

وفي هذا اليوم الذي من المفترض أن يحتفي فيه العملة بالشغل كقيمة تضمن حقوقهم الاقتصادية وكرامتهم، توشّح فاجعة السبالة التي راحت ضحيّتها عاملات في القطاع الفلاحي المشهد وتعرّي قتامة واقع التشغيل في تونس، تشغيل هش يمتص دم المفقرين والمهشين ويتنزف عقهم ودموعهم.

وككل سنة، يتم الإعلان عن حزمة من الإجراءات لفائدة الشغالين، ولكن ما فائدة القوانين والاوامر الحكومية ما دامت لا تغيّر الواقع ومادامت السبل إلى تنفيذها منعدمة؟ ما فائدة كرنفالات الوعود في هذه المناسبة ومنسوب التوتّر والاحتقان يسري في صفوف المواطنين الذين لا يطلبون من الدولة سوى أن تلغي تصنيف المواطنين من الدرجة الثانية؟

والمواطنون من الدرجة الثانية، هم أفراد من المجتمع لفظتهم الدولة على قارعة النسيان ولكنّهم في المقابل يقدّمون لها الخدمات في أحد أهم القطاعات الحيوية هو قطاع الفلاحة الذي يعدّ شريان الامن الغذائي التونسي، ولكنّ ذلك لا يشفع لهم ولا تشفع لهم دماؤهم التي خضّبت الطرقات ويظل حالهم على ماهو عليه.

سلسة من الاحتجاجات والإضرابات في مناطق مختلفة من الجمهورية التونسية التي لن تنقطع بعد الاحتفال بعيد الشغل، احتجاجات على الوضعيات المهنية الهشة وظروف العمل غير اللائقة، والأجور التي لا تتناسب مع الارتفاع الجنوني للأسعار.

اليوم، عيد الشغل في دولة بلغت فيها نسبة البطالة حسب الإحصائيات الاخيرة للمعهد الوطني للإحصاء 15.4 بالمائة من الثلاثي الرابع من سنة 2014، بطالة قسمت ظهور بعض العائلات ودفعت بعض الأفراد إلى القبول بظروف عمل مهينة، لن تغيّ حالة الفقر المدقع الذي يعيشونها ولكنّها تنمّي أموال المشغّيلين الذين يستغلون غياب الدولة ويمتصون جهود الفقراء.

ويقول المتنبّي "عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد"، ويأتي الجواب من واقع تونس في يوم عيد الشغل " دار لقمان على حالها رغم ترسانة القوانين والقرارات في ظل غياب استراتيجية واضحة لاستيعاب مشكل البطالة في تونس ومعضلة التشغيل الهش".

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.