“على طريق الإكليل”.. أثر النباتات الجبلية لا يزول

 يسرى الشيخاوي

هنا مدينة العروسة، هنا الفيرما حيث عبقت روائح الإكليل والزعتر والعرعار لتروي حكايات من الماضي وتحمل معها ذكريات ترقد في خانات الذاكرة ولكنها لا تموت نساء ورجال لم يتنكروا لجذورهم وهرعوا إلى الجبل ملاذا يسكنون إلى نباتاته ويستجيرون بها من أشباح النسيان والبطالة.

في هذه المدينة التي تبعث  داخلك إحساسا بالراحة والانتماء ارتسمت ملامح مشروع " طريق الإكليل" ااذي؟يمد جسرا بين الماضي والحاضر وبين أجيال مختلفة فرقتها الأزمنة وجمعتنا نباتات الجبل التي سخروها في أكثر من مجال من الأغذية إلى  التطبب إلى والتجميل والزينة.

"طريق الإكليل" ليس مجرد مشروع بل هو تجربة إنسانية وحسية تشعر في كل تفاصيلها أنك داخل عائلة واحدة تتحرك بنفس النسق لتملأ الأرجاء بطيب الإكليل ورفيقه الزعتر والعرعار وغيرهما من النباتات الجبلية التي تأسر حاسة الشم لديك وتدفعك إلى اقتفاء أثر حكاياتها منذ أن كانت تسكن الأرض وترنو إلى السماء حتى صارت منتوجا مصنوعا بشغف وحب.

مظلات السعف هي أولى التفاصيل التي تشدك في الفضاء الذي احتضن حرفيات عشقن النباتات الطبية والعطرية وخبرن أسرارها واجتمعن مع مؤسسة مجمع "صفاء" سنية القمودي على قاعدة التجديد والابتكار مع التشبث بالأصول والجذور وضمان بصمة الأجداد والجدات في المنتوجات التي يخلقنها من رحم هذه النباتات.

هناك أيضا أكوام من التبن تراود ذكريات الطفولة في مختلف البعض وتحمل إليك حكايات الرعاة، ولكن الأكثر لفتا للانتباه ابتسامات الحرفيات والقائمين على المشروع الذي يثمن الثروات الطبيعية للمنطقة ويخلق سوق شغل ورهافة تعاملهم مع نبتة الإكليل الذي كان سيد كل التفاصيل برائحته الآسرة وطعمه الأخاذ وملمسه الأخاذ.

شمع برائحة الإكليل ومرطب شفاه يختزن خصائصه المنعّمة ومرطبات تنزل من طعمه وصابون يزخر بفوائده العطرية والطبية ومأكولات تقتفي أثره، هذه بعض من ملامح المنتوجات التي رصدتها حقائق أون لاين خلال حضورها ورشات لصناعة هذه المنتوجات في العروسة.

وسط أجواء عفوية وبسيطة دارت ورشات التقطير وصناعة الشمع والصابون والحلويات ومرطبات الشفاه التي شارك فيها الصحفيون الحاضرين وضيوف التظاهرة وملأوا دواخلهم برائحة الجبل التي تخترق الخلايا والمسام دون إيذان وتسري.

و"على طريق الإكليل" يندرج ضمن مشروع العمل التعاوني للصادرات الحرفية "ACEA"  الممول من السفارة الأمريكية بتونس بالتعاون مع الشركة الناشئة "Dowit" والتي قامت بتصميم محتوى و أنشطة هذه الجولة التي امتدت إلى وادي عرعار حيث انتظمت ورشة التصوير الفوتوغرافي.

وهذا المشروع التجريبي للتشجيع على السياحة الثقافية والمستدامة في العروسة  من ولاية سليانة تم تنفيذه مع" FHI360" والديوان الوطني للصناعات التقليدية "ONAT" يهتم بتقديم الدعم والمساندة للقطاعات الحرفية عبر تكوين مجموعة شبكات قطاعية.

كما يهتم ،أيضا، إلى النهوض بالصادرات الحرفية التونسية وزيادة دخل الحرفيات والحرفين وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة ويهدف خلق تعاون بين الحرفين والقطاعين العام والخاص ودورات تدريبية وتكوينية لدعم قدرات الحرفيين على المستوى التقني والتسويقي وتمكينهم من الشهائد اللازمة للولوج للاسواق العالمية وتحسين جودة المنتجات ووسائل الإنتاج لبلوغ افضل الاسعار والرفع في حجم المبيعات المبيعات.
 

ومن تمعن في تفاصيل اليوم المفعم بروائح الجبل في مدينة العروسة سيلاحظ المجهود المبذول من قبل القائمة على  "Dowit" أنس الصباغ وسناء بن جمعة الذين كانا دقيقين وحريصين على مراحل هذا المشروع وعلى ضمان الأريحية للحرفيات ليبدعوا من الإكليل والنباتات الجبلية منتوجات يمكن أن تنافس في الأسواق العالمية.

وأما فيما يخص مشروع "ACEA" فقد تم إطلاقه في نوفمبر 2017 وبدأ أنشطته من خلال إنشاء تجمع "WikiPAM"  الذي يهتم بحرفي وحرفيات الزيوت العطرية و الطبية في مناطق الشمال الغربي.

وهذا الشكل الجديد من السياحة الايكولوجية لا يهدف فقط إلى خوض تجارب ثرية بل هو أيضا فرصة لتشبيك العلاقات وخلق سبل جديدة لتسويق منتجات الحرفيين إلى جانب آفاق أخرى في التصدير إلى الأسواق العالمية.

وأما عن " Dowit" فهي شركة ناشئة مؤثرة تتمثل مهمتها في دعم التراث غير المادي من خلال تنظيم تجارب مغامرتية وتشاركية تستمر لمدة نصف يوم أو عدة أيام، إذ يجد الحرفيون أو أصحاب الخبرة والأفراد أنفسهم متجمعين حول شغف مشترك وممارسة أنشطة يدوية ليصلو الى نتيجة رائعة و هي صناعة شغفهم بأيديهم وزيادة  الوعي بالتراث غير مادي، وتعزيز المعرفة بالتقاليد القديمة وتقديم الدعم والتشجيع للحرفيات.

وفيما يخص مجمع "SAFA" فقد تأسس عام 2016 على يد سونيا قمودي بمنطقة العروسة بولاية سليانة وهو يضم  10  نساء، 8 منهن معتمدات في تقطير الزيوت الأساسية والمياه الزهرية  باستعمال 6 نباتات هي إكليل الجبل، والزعتر، والعرعر، والسرو، والنعناع، والطرنجية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.