على خطى سابقيها: حكومة بودن تصادر حقوق الصحفيين !

هبة حميدي-

شهدت الصحافة التونسية بعد الثورة مفارقات عديدة فلئن تحررت من يد السلطة التي اخضعتها وخنقت الاقلام فإنها عادت مقيدة من جديد ولعلّ من بين أبرز القيود التي يعيشها الاعلام اليوم ، قضيّة التمويل العمومي.

وأمام تحدي الديمومة يكابد الصحفيون وضعيات مهنية هشة وتأخرا في سداد الاجور وعدم تمتعهم بحقوقهم المادية وفقدان بعض موارد رزقهم احيانا بسبب عدم قدرة المؤسسة المشغلة على المواصلة.

وبعد 11 سنة تقريبا تلت الثورة برعت الحكومات المتعاقبة في تقديم الوعود التي تنهض بالقطاع الاعلامي والتي تحصنه من يد السلطة ومن المال الفاسد، وعود فوعود تبيّن انها مجرد عمليات تسويف لمزيد ربح الوقت لا غير…

ومنذ ان أشرفت رئيسة الحكومة نجلاء بودن على القصبة اجرت لقاء وحيدا في ديسمبر من العام الفارط مع رئيس الجامعة التونسية لمديري الصحف الطيب الزهار، احد ممثلي القطاع، وتناقشا حينها في أهم مشاغل أهل المهنة والإشكاليات التي يتعرّض لها الإعلام والصعوبات الماليّة الراهنة خاصة في مجالي الصحف الورقية والالكترونية التي تعيش أزمة تهدد وجودها وتعطل دورها الفعّال في خدمة المعلومة الإخبارية.

وحول مدى تقدم اللقاءات لتطبيق ما اتفق عليه، حقائق اون لاين تحدثت مع المدير التنفيذي للجامعة التونسية لمديري الصحف محمد العروسي، الذي شدد على  أن بودن قدمت وعودا كبيرة لفائدة الإعلام خلال اجتماعها بهم وتم الاتفاق معها على اجراء جلسات اخرى متتالية لتنفيذ تلك الوعود، لكن لم يتم تنفيذ اي وعد وحتى الجلسات التي تم عقدها مع الاطراف التي كلفتها بودن بمتابعة الملف لم تجد نفعا لان تلك الاطراف ليست قادرة على التنفيذ.

وقال: ان الوضع مستمر على ماهو عليه دون تغيير، بل اننا نجد صعوبة كبرى في التواصل مع دوائر رئاسة الحكومة.

واشار ذات المتحدث الى ان المطالب التي تدعو لها جامعة مديري الصحف لا تكلف الخزينة اي مصاريف اضافية وستساهم في  تحسين وضعية المؤسسات والصحفيين، وتتلخص هذه المطالب اساسا في تنفيذ الوعود القديمة وعلى رأسها تكوين وكالة الاشهار العمومي تقوم بالتوزيع العادل للاشتراكات، مبينا ان المسالة لا تكلف سوى صياغة امر حكومي.

وعود بودن سبقها اليها رئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد، حين اعلن في في مقر نقابة الصحفيين التونسيين بالعاصمة عن جملة من الاجراءات والقرارات التي تم اتخاذها خلال مجلس وزاري مضيق لفائدة قطاع الإعلام، على غرار حوكمة الإشهار العمومي لفائدة مؤسسات الصحافة المكتوبة الورقية والإلكترونية بإحداث لجنة لضبط معايير إسناد الإشهار العمومي، ولجنة لإسناد وتوزيع هذا الإشهار، و تخصيص نسبة خمسة (5) بالمائة من عائدات الإشهار العمومي لفائدة ودادية الصحفيين التونسيين. قرارات مهمة لكنها ظلت ملفا للمساومة والتسويف الى تاريخ اليوم 07 جوان 2022، بهدف إدخال الاعلام الى بيت الطاعة.

امام تخلي الدولة عن دورها إزاء الاعلام، تفاقم الوضع الصعب للمؤسسات وأثر على وضعيات الصحفيين الذي لحقهم التهميش والتفقيره ، وقد خلص التقرير السنوي لواقع الحريات الصحفية الصادر في 3ماي 2022 عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الى تصاعد وتيرة تفقير قطاعات واسعة من الصحفيين مما من شأنه أن يُلحق أضرارا كبيرة بأخلاقيات المهنة وبالديمقراطية بصفة عامة بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه وسائل الإعلام بشيب الركود الاقتصادي وما خلفته جائحة كورونا.

 

 

Peut être une image de 6 personnes, personnes debout et plein air

Peut être une image de 14 personnes, personnes debout et plein air

Peut être une image de 6 personnes, personnes debout et plein air

Peut être une image de 9 personnes, personnes debout et plein air

 وذكر التقرير انه في ظلّ سيطرة أوساط مالية  متهمة بالفساد وفاقدة لفهم الحقّ النقابي والحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة، على أغلب وسائل الإعلام يجد المهنيون أنفسهم من يوم إلى آخر في وضع شديد الهشاشة ويعملون وفق عقود غير قانونيّة ويتعرضون للطرد الجماعي والتعسفي ويُحرمون من التغطية الاجتماعيّة مما من شأنه أن يَضعف لديهم الانضباط المهني ويهّدد موضوعيتهم ويهزّ قناعاتهم المجتمعيّة وصولا إلى إمكانيات الارتماء في أحضان من يدفع أكثر في ظلّ تقاعس كامل لأجهزة الدولة في لعب دورها الاجتماعي في دعم الصحافة المكتوبة والالكترونية والإعلام الجمعياتي وتغافل الأجهزة الرقابية في منع الاستقواء على الصحفيين وتجويعهم.

 

وأضاف التقرير الصادر عن نقابة الصحفيين انه في ظل هذا التفقير الممنهج ترفض السلطة نشر الاتفاقية الاطارية المشتركة للصحفيين في الرائد الرسمي رغم صدور احكام نهائية وباتة (ابتدائي واستئناف) في القضاء الإداري تقضي بضرورة النشر الفوري الاتفاقية المشتركة.

 

واعتبرت نقابة الصحفيين ان رفض السلطة نشر الاتفاقية هو خرق جسيم للقانون وعدم احترام لأحكام القضائية وسياسة واضحة لتجويع الصحفيين بهدف اخضاعهم وتركيعهم. 

ورغم محاولات السلطة وضع اليد على الاعلام في محاولة لتطويعه لا تزال هياكل المهنة وصحفييها في جبهة المقاومة…

 

*مشروع دعم الاعلام في الدفاع عن الحريات والمساواة في تونس 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.