صور: مدينة الثقافة تحتفي بـ”رابعة الثلاث”

هبة حميدي-

نزلت ولاية القيروان بكل ثقلها التارخيّ والحضاري وأبنائها من الحرفيين و صانعي الحلويات والطباخين، وأثثت أروقة مدينة الثقافة ليلة أمس السبت 9 جوان 2018،وذلك في إطار تظاهرة ليالي الجهات. وكانت تظاهرة  الامس عبارة عن سفرة أو إطلالة على مدينة القيروان في شقيها التقليدي والعصري، حيث انتصبت في ساحة المدينة قبالة شارع محمد الخامس خيمة كبيرة جاب حصان اصيل محيطها الدائري في رشاقة وانسجام كبير مع عدد من الرجال امتهنوا الضرب على الطبل فأتقنوه وخرجوا بإيقاعات تخلق حركية وتأبى الساكن والسكون، ورافق العرض ما يعرف بالفرسان وامتطى طفلان الحصان وقاما بحركات انبهر بها الحضور نظرا لصغر سنّيهما. أما على يسار ساحة مدينة الثقافة فقد تمركزت فرقة موسيقيّة عادت بالحضور الى الموروث القيروانيّ، إذ صدح المغنون بالاغاني التراثية التي شهرت بها القيروان وخاصة في مناسبات الزواج والختان والتظاهرات التقليديّة. أما يمينا فقد أثث الساحة عرض  موسيقي آخر استقطب الحضور للرقص والتصفيق قاطعته الزغاريد الخارجة من بين حشد الحاضرين. وفي بهو المدينة أينما تولي بصرك ترى موروث القيروان، اذ وجدت أنواع الخطوط التي كتبت على الرقّ القيرواني، ضف اليها مجموعة من اللوحات المصورة والمكتوبة التي تحمل صورة العلامّة التي عرفتها القيروان ولمحة عن سيرهم الذاتية وكان أبرزهم عقبة ابن نافع مؤسس القيروان. اللوحات الزيتيّة التي صورت تاريخ الجهة هي الاخرى كانت حاضرة، وفي الساحة ذاتها فرشت الزرابي التي  تختلف عن غيرها وكأنها تقول انا للقيروان والقيروان لي، فخصوصية المنسوج القيرواني لها طابعها الخاص الذي يتميّز بالالوان الداكنة والتي تشبه الوان الخلق المنبثقة من الأرض والتراب. وفي ساحة غير بعيدة عن مسرح الجهات عرضت اشهر معدات المطبخ القيروانيّ، ونصبت أشهى المأكولات التي تتميز بها أعراس الجهة والاخرى التي تطبخ  يوم العرس او "يوم الصباحيّة" (اليوم الموالي للزواج). وأنت تكتشف هذه العادات الغذائية وموروث الطبخ، يستقطبك صوت السكاكين التي تتسابق على نحر مكونات "كفتاجي القيروان" المعروف بكونه حادّ المذاق، فتتجه نحو موسيقى النحر، لتجد الناس مصطفين لتتذوق ميزة هذه الاكلة. القيروان معروفة ايضا بحلويات "المقروض" بجميع أنواعه وقد عرض أمس "المقروض باللوز"و"المقروض الابيض" و"المقروض الجويد" وقد تم توزيعه على الحاضرين. بعد منتصف الليل انتهت التظاهرة ومن لا يعرف عاصمة الاغالبة، وأرض رقاد لعدد من صحابة خاتم الأنبياء التي تعرف لدى الفقهاء "رابعة الثلاث،"  بعد مكة والمدينة المنورة والقدس، وأولى المدن الإسلامية المشيدة في بلاد المغرب والتي كان لها دور استراتيجي في الفتح الإسلامي، والتي انطلقت منها ايضا حملات الفتح نحو الجزائر والمغرب وعدة دول اخرى، كانت هذه المصافحة بمثابة زيارة خفيفة الروح لولاية تزخر بتاريخها وحضارتها التي تروي لنا قصص وملاحم عصور خلت.
   

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.