صفاقس المنكوبة !

لا حديث منذ أيام في وسائل الإعلام و في الشارع التونسي عموما بخصوص ولاية صفاقس ، إلاّ عن قضيّة الإمام المعزول رضا الجوادي و جمعيته الخيرية التي مازالت أنشطتها و تمويلاتها محلّ متابعة قضائية رغم إطلاق سراحه.

ومن المفارقات أنّ هذا يطغى على الرغم من القضايا الحارقة والمشاكل المتراكمة التي يعاني منها المواطنون في عاصمة الجنوب ،التي تحوّلت إلى مدينة يستبدّ بها البؤس وسط إنحسار مظاهر الحياة المتطوّرة في ظلّ تراجع مؤشرات التنمية و إهتراء البنية التحتية وتخلفها ، علاوة عن المعضلة البيئية و ضبابية الأفق المستقبلي لحاضرة تشهد ركودا ثقافيا و اقتصاديا و تناقضات اجتماعية راكدة قابلة للإنفجار في كلّ وقت وحين.

لقد تتالت الخيبات في ولاية صفاقس نتيجة التهميش و إنعدام مقومات التنمية المستدامة كغيرها من ولايات الجمهورية التونسية وما النكسة الأخيرة التي تجلت في الخسارة المدوية في سباق الترشح للظفر بتنظيم تظاهرة ألعاب البحر الأبيض المتوسط الا خير دليل على حقيقة الأوضاع في هذه الولاية التي كان من المفترض أن تواصل دورها كقاطرة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني و دعم الرياضة التونسية التي هي الأخرى حالها يندى له الجبين.

المهم في كلّ هذا وهو الأمر الغريب و العجيب في الآن ذاته،أن تكون قضيّة إمام مثير للجدل ، يعرف القاصي و الداني مواقفه و تصوّره المجتمعي المنافي لدستور الجمهورية الثانية الذي أعلن منذ الوهلة الأولى مناهضته له بتعلّة عدم تضمينه للشريعة الإسلاميّة التي يراها من زاوية نظره الضيّقة و الدهماء،هي الشغل الشاغل لرهط من المواطنين تداعوا من كلّ فجّ عميق لإبطال سيرورة صلاة الجمعة بجامع سيدي اللخمي وبحثا عن "أمن روحي" موهوم.

ألم يكن حريّا بتلك الجموع الهائجة و المائجة أن تطلق العنان لنضالاتها دفاعا عن التسريع في إنجاز مشاريع معطلّة منذ سنوات طوال ،على غرار مشروع المترو الخفيف و تبرورة و المدينة الرياضية و تحويل مكان مصنع السياب الذي تسبّب في خلق قطيعة و علاقة جفاء بين الأهالي و البحر الذي إبتلع المئات من شباب الولاية والجهات المجاورة من الذين فرّوا مكرهين من الفاقة و البطالة و ووضع حياتي أشبه بالموت البطيء،حالمين بجنّات عدن كان بالإمكان بعثها في وطنهم الذي ولدوا و ترعرعوا فيه ؟

بلا شكّ فإنّ الوضع الراهن في تونس بصفة عامّة ، وخاصة في ولاية صفاقس التي أنجبت فرحات حشاد والهادي شاكر و حمادي العقربي و محمد الجموسي على سبيل المثال ، لا يمكن أن يعكس سوى نكبة شاملة تشي بانتكاس الدولة و المجتمع على حدّ السواء في تجنب النتواءات التي برزت بعيد ثورة أضحت اليوم محّل تساؤلات عديدة مما يجعلها في حاجة إلى تأملات عميقة لعلّ الجحافل التي تقاطرت اليوم على جامع اللخمي من أجل تعطيل أداء المسجد لوظيفته الطبيعية في كنف الوئام تستفيق من سكرة قد تقود إلى الموت الزؤام.

فهل يتدبّرون أم على عقول أقفالها؟

 

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.