“شرق 22″ و”ربوخ”.. “رمضان في المدينة” يغازل الروح والجسد

 يسرى الشيخاوي-

"رمضان في المدينة"، تظاهر ثقافية لمسرح الأوبرا تحتضنها مدينة الثقافة تأتي لتطمس آثار كورونا التي حالت دون الجمهور والحفلات الفنية لسنتين على التوالي.

الليالي الرمضانية التي انطلقت في السادس من أفريل الجاري  تحمل في طياتها عروضا من تونس والمغرب والجزائر وتراوح بين الموسيقيى والمسرح، وكانت الانطلاقة بسهرة سافرت بالجمهور إلى سنوات خلت عبر  جينيريك المسلسلات التونسية.

الرحلة في عوالم الموسيقى تواصلت في مدينة الثقافة لتغازل الروح والجسد من خلال عروض موشحة بالحنين والفرح من ذلك عرض "شرق 22" لشادي القرفي وعرض "ربوخ" لحاتم اللجمي، إذ يحملك العرض الأول إلى مساحات تتحرر فيها الروح من أغلالها وتسبح في النوتات، فيما يغوي العرض الثاني الأجساد بالرقص وسط هالة من البهجة.

شرق 22..

"شرق 22" بقيادة المايسترو شادي القرفي للأوركسترا الفيلارمونية بمشاركة كل من الفنانين حسان الدوس، ثامر عبد الجواد وأسماء بن أحمد، عرض يقدم تلوينات موسيقية مختلفة موشحة بالحنين وبألق الزمن الجميل ويرسم سحر الشرق في صورة أخرى.

من خلال هذا العرض، يقدم القرفي يصور القرفي الشرق على طريقته وأسلوب موسيقي حمل فيه الفنان حسان الدوس إلى مساحات أخرى لم يسبق له أن لامسها، وفيه تجلى اللون الغنائي التونسي في صوت الفنانة أسماء بن عثمان المثقل بالأحاسيس، كما عاد الوصال بين الفنان ثامر عبد الجواد والجمهور بعد غياب على الأركاح.

وفي البدء، عانق الموسيقى السماء من خلال معزوفة "نجوم" التي أوجدها الاركستر الفيلارموني ليدغدغ الأرواح ويسري بها بين النوتات التي تحاكي الحياة في زخمها، قبل أن تعتلي الفنانة أسماء بن أحمد الركح لتصدح بأغان تونسية للفنانة مصطفى الشرفي وفنانين آخرين.

صوت أسماء بن أحمد وحضورها واختيار الأغاني، التوزيع الموسيقي، كلها عناصر جعلت من العرض بمثابة البرزخ الذي يفصل بين عالمين وفضاء لاستذكار الماضي الموسيقي الجميل وإعادة صياغته في تصور آخر لفت إليه الأنظار.

ما يحسب للعرض أنه راود نقاطا كامنة في صوت الفنان حسان الدوس الذي أخذ الجمهور إلى مساحات أخرى في صوته الاوبرالي حينما حط الرحال عند اللون الطربي الشرقي وغنى أغان قديمة لوديع الصافي وفهد بلان إلى جانب قطوسة الرماد.

وهو أيضا فرصة صافح فيها الجمهور، الفنان ثامر عبد الجواد الذي سافر بالجمهور إلى عوالم الشرق بوصلة طربية استحضرت مصر والجمل الجميل بأغاني عبد الحليم حافظ بصوت اهتزت له الأرواح طربا وانتشاء

ربوخ..

في سهرة أخرى من رمضان في المدينة، كان الجمهور على موعد مع عرض ربوخ وهو عرض موسيقي شعبي يحتفي برصيد النوبات الصوفية لنمط المزود وغازات الأجساد لتنغمس في موجات من الرقص التي تكرره من كل ما يحيط به.

أكثر من عشرين فنانا اعتلوا الركح ليرسموا ملامح عرض يختزل ثراء الموسيقى في تونس وتعدد الأنماط والقوالب ومنها "المزود" الذي اتخذ مكانة في عالم الموسيقى الشعبية التونسية وتجاوز تلك الآلة الموسيقية التي تخلق أصواتا تحاكي الحياة بكل تناقضات ليصبح فضاء قائم الذات يتغنى بالحب والسجن والغربة.

برفقة الآلات الموسيقية الايقاعية، يتعالى صوت المزود ليروي قصصا كثيرة من أزمنة عابرة ويستحضر مشاعر لا تنسى بالتقادم، ليس ذلك فحسب بل يوشح الفضاء بهالة من الصوفية على ايقاع مديح الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم وصحبه، وبالأولياء الصالحين في مختلف ربوع البلاد التونسية.

نوب كثيرة تستمد أسماءها من أسماء الصحابة والأولاد الصالحين التي تتغنى بهم، تجلت على الركح وحملت جمهور سهرات "رمضان المدينة" إلى زوايا قصية من تونس حيث طقوس وعادات ترسخت في الذاكرة وصارت جزءا من الذكريات التي تقارع النسيان.

إلى جانب التوثيق للنوب المختلفة، خلق "ربوخ" مشهدية راوحت بين العناصر الصوتية والبصرية وحضرت فيه التكنولوجيات الحديثة لتضفي لمسة عصرية على لون موسيقي ضارب في القدم والصالة وتسلم في ترسيخ جماليته.

وفي  قاعة العرض تحولت الممرات، وفق ما توثقه صور وفيديوهات، إلى مساحات للرقص انصاعت فيها الأجساد إلى صوت المزود إذ تماهى مع الإيقاعات وقصّت فرحها على طريقتها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.