شائعات الكورونا في حلّة تونسية

 يسرى الشيخاوي- 

لئن مثّل ظهور كورونا بيئة ملائمة لانتشار الشائعات في مختلف أصقاع العالم ما يتعلّق منها بالفيروس أو بانعكاساته على اليومي فإنّ الوضع في تونس لم يحد عن هذا النهج وتواترت الشائعات حتّى أنّها مسّت الأمن القومي.

وبعيدا عن الشائعات التي رافقت ظهور فيروس كورونا في الصين والتي اجتاحت كل دول العالمي ولعل ابرزها انّ هذا الفيروس مصنّع، كانت أولى الشائعات المقيتة في تونس حينما تأخّر خطاب رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، خطاب إجراءات مكافحة الفيروس.

وفي الوقت الذي ينتذر فيه التونسيين خطاب رئيس الحكومة على أحر من الجمر، شرع البعض في نفث الشائعات ذات اليمين وذات الشمال، الأمر الذي أربك مواطنين ينتظرون خطابا يحدّد مصائرهم في ظل الجائحة.

والموجع في هذه الأنباء التي حوّلها الظرف إلى شائعات لتزامنها مع خطاب الرئيس أنّها صادرة عن إعلاميين لهم متابعون يصدّقون ما يقولونه وما يدوّنونه على اعتبار التحامهم البومي بمصادر الأخبار، ولو كان الامر صادرا عن هواة أو "أدمين" في صفحات الفايسبوك الكثيرة التي تتمعّش من الإشاعة لكان أخفّ وطأ.

وفي نفس الليلة خرجت الأمور عن السيطرة وسرت الإشاعة سريان النار في الهشيم واستمدّت استمراريتها من تأخّر ظهور رئيس الحكومة على التلفزيون ومن تمطّط الـ"بعد قليل" حتّى كادت تبلغ الساعة من الزمن. 

استقلالات وتفكّك في اجهزة الدولة في فترة تواجه فيها تونس فيروسا غير مرئي بإمكانية متواضعة مقارنة بإمكانيات دول من العالم، كان هذا فحوى ما روّجه إعلاميون كان من المفترض أن يتوخّوا الرصانة والحذر في مثل هذه الظروف وإن كانت معلوماتهم مكسوة بالصحة.

وبهذه الشائعات انزاد هم ثان للمواطنين، فباتوا يفكّرون في السيناريوهات المحتملة بعد الحديث عن استقالات في الصف الأوّل وفي مصير الدولة في مواجهة جائحة لم تصمد أمامها أعتى الدول بتماسك أجهزتها.

ومع إطلالة رئيس الحكومة وإعلانه الحجر الصحّي الشامل ذهبت كل الشائعات هباء منثورا بعد وقت تراقصت فيه الأعصاب على وقعها، ولم يتوقّف سيل الشائعات عند الاستقالات بل طالها للحديث عن إصابة إطارات طبيّة، حديث يغزو العالم الافتراضي.

ولكن هذه الشائعات وجدت لها موضع قدم في وسيلة إعلام مرئية يتابعها مشاهدون كثيرون، إذ كانت السقطة أمس بتداول خبر دخول مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدّة نصاف بن علية في الحجر الصحّي بعد مخالطتها شخصا في ديوان وزير الصحة  مصابا بفيروس كورونا.

ولمن اعترضته هذه المعلومة أن يتخيل حجم الضغط النفسي الذي عانى منه كل من كان في محيط نصاف بن علية، وإن ورد أن تحاليل بن عليّة سلبية وأنّها تخضع للحجر الذاتي مع أعوان وإطارات المرصد توقّيا، فإنّ وقع المعلومة في حدّ ذاته مثير للبلبلة والارتباك.

وبعد أن أعيت هذه الشائعة من تلقّاها، أطلّت المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة الأستاذة نصاف بن علية لتنفي كل ما يتم تداوله بخصوص دخولها في الحجر الصحي الذاتي مع أعوان وإطارات المرصد.

وليتبيّن أنّ الأمر يتعلّق بضرورة وجودها داخل المرصد على مدار الساعة، وليتبيّن أيضا أنّه لا بدّ من تدارك الوضع الحالي وأن تلعب وسائل الإعلام دورها في دحض الشائعات بدل من بثّها والمساهمة في انتشارها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.