قسم الأخبار-
“ابني طيب وعلى تلك الفتاة وعائلتها أن يسامحوه… على المغاربة أن يكونوا متسامحين مع بعضهم”
مبدئيا… الكلام معقول. لكن، لنتعرف معا على تفاصيل الحادثة. ابن هذه السيدة، التي تتحدث هنا لإحدى الإذاعات الخاصة، يبلغ من العمر واحدا وعشرين سنة. يظهر الشاب في فيديو وهو يخلع سروال تلميذة قاصر ترتدي وزرتها المدرسية وهي تقاوم وتصرخ بهستيرية مرعبة وموجعة… بينما صديقه يسجل الواقعة بهدوء. صراخ الفتاة الهستيري يفضح عهر مجتمع ينظر في الأخلاق بينما لا يتحرك لإنقاذ فتاة تتعرض لاغتصاب بشع في الفضاء العام وفي واضحة النهار.
قرأنا لاحقا أننا يجب أن نتفهم الأمر بسبب الفقر وسوء التعليم… وأن الفتاة، حتى وهي ترتدي حجابها، ليست متخلقة بما أنها كانت ترتدي بنطلون جينز. وبأنه علينا احترام قرينة البراءة رغم وجود فيديو يؤرخ للجريمة.. حتى المديرية العامة للأمن الوطني اعتبرت بأن الفتاة لم تتعرض لاغتصاب، بما أن غشاء بكارتها ما يزال سليما.
هكذا بكل بساطة… الاغتصاب إذن ليس إلا افتضاضا للبكارة… والجاني في قضايا التحرش والاغتصاب سيجد دائما من يبرر فعلته ومن يدافع عنه. سنلوم الضحية بسبب ملابسها وبسبب خروجها للفضاء العام. سنحملها المسؤولية. وسنجد كل التبريرات للدفاع عن الجاني، حتى وجريمته موثقة بالصوت والصورة.
وستأتي أمه أو أخته لتستجدي عطفنا وتطلب له العفو لأنه طيب وخجول… ولأن المغاربة يجب أن يكونوا متسامحين فيما بينهم.
ولتذهب الضحية للجحيم. بالوجع الذي سيسكنها إلى الأبد. بروحها وجسدها المغتصبين. بالحزن والوجع الذي سيغلف روحها لسنوات طويلة. بالخوف الذي سيسكنها أبدا… بروح الطفولة والعفوية التي ستغادرها للأبد.
كيف يعتبر نفسه بشرا من يرى صورا بهكذا بشاعة، ثم يحاول حتى مجرد المحاولة، أن يبرر أو يدافع؟ كيف يكون بشرا من يعتبر أن فتاة، محجبة كانت أم لا، هي السبب في اغتصابها، ومن لا يسائل المجرم؟ كيف تقبل امرأة، حتى وهي أم، مجرد فكرة التسامح مع ما شاهدناه من بشاعة؟ كيف يمكن للقرابة العائلية أو الفحولة أن تجعلنا نفقد إنسانيتنا؟.
المصدر: مونت كارلو الدولية