سبع خصائص للحكومة "الرقمية" المنتظرة؟

لن تتمكّن حكومة "تقليدية" مهما بلغت الأغلبية النيابية الّتي ستسندها من مواجهة المشكلات "غير التقليدية" المبثوثة في كلّ ركن وزاوية في بلادنا، ولن يكون بمقدورها تأمين مسار الانتقال الديمقراطي والصمود طويلا أمام الاحتجاجات الاجتماعية والنقابية والسياسية الّتي ستنفجر في وجهها إن فشلت لا قدّر الله، بعد زمن لن يطول كثيرا، فقد ملّ التونسيون الانتظار وسيطر عليهم إحساس بأنّهم صبروا على الثورة وحكوماتها المتعاقبة ما يكفي، وأنّ صبرهم نفد وبلغ حدّه.

ولست واثقا من أن النخبة السياسية الّتي بيدها القرار اليوم تملك الإرادة السياسية اللازمة والخيال الخصب المطلوب والجرأة الضرورية للعمل بأقصى سرعة وفي غضون أيّام قليلة لمراجعة شكل الحكومة وبرنامجها وتركيبتها بما يتّفق والرؤية الآنفة، وحتّى تكون هذه الحكومة "غير تقليدية" أو بعبارة أخرى حكومة  "رقمية" عصرية فاعلة تليق بثورة رقمية غير تقليدية كالثورة التونسية، وتصنع التكامل والتمايز المطلوب بالتالي في علاقتها بمؤسّسة رئاسة الدولة.

وتملك الحكومة الرقمية كما أرى سبع خصائص فريدة عالية الجودة لا مناص من توفّرها في أيّ حكومة شاءت امتلاك التأهيل والصفة، والخصائص كما يلي دون تفاضلية معتمدة في تبويبها:

1- حكومة رشيدة (Good Government): أي أنّها حكومة ديمقراطية ملتزمة باحترام قواعد الحكم الديمقراطي والحرّيات وحقوق الإنسان، وتعمل وفقا لمحدّدات التدبير الجيّد للموارد والنفقات العمومية وتمتلك رؤية حضارية وتتحرّك في أفق خاضع للتخطيط السليم.

2- حكومة الكترونية (Electronic Government): أي أنّها حكومة قادرة على التواصل مع مواطنيها عبر وسائط الاتصال الحديثة، وعاملة على بناء قاعدة مرافق الكترونية تجعل خدمات مختلف وزاراتها وإداراتها وتوابعها متاحة على الشبكة العنكبوتية، ومجتهدة في تطوير البنية التحتية الافتراضية وجعلها شعبية ومتاحة في جميع تراب الإقليم.

3- حكومة خضراء (Green Government): ملتزمة بإقامة علاقة تشاركية وتكاملية مع المجتمع المدني في تحقيق تنمية متوازنة شاملة مستدامة قائمة على حفظ التنوّع وتطوير الحكم المحلّي وصون الأقليّات وتقليص الاستعمال الورقي وحسن التصرّف في الموارد المائية والسعي إلى الأخذ بناصية الطاقات البديلة والمتجدّدة وتثمين النفايات والسير بالبلاد نحو اقتصاد أخضر ومنظومة بيئية متينة.

4- حكومة مجدّدة (Innovative Government): أي حكومة جريئة خلاّقة قادرة على تبنّي مشاريع طموحة تجديدية النزعة، مستثمرة في تنمية الموارد البشرية والبحث العلمي ومشجّعة على الخروج بحركة الاستثمار الوطني إلى آفاق وأسواق جديدة في الدوائر الإقليمية القريبة والبعيدة، وتفعيل حركة الاستثمار النوعي خصوصا في المناطق المهمّشة.

5- حكومة مفتوحة (Open Government): أي حكومة شفّافة تمكّن مواطنيها من الوصول إلى المعلومة، وتطلع مجتمعها بشكل حيني على تفاصيل برامجها وقراراتها ومخطّطاتها، وتطبّق معايير الجودة والعدالة الكافية في صفقاتها وعقودها وإجراءاتها، وتتيح للمراقبين والمحاسبين جميع الوثائق اللازمة. 

6- حكومة اجتماعية (Social Government): أي حكومة قادرة على بناء منوال تنموي جديد، وداعمة مستديمة للطبقات الشعبية، وملتزمة بمعايير اقتصاد السوق الاجتماعي، ولديها الإرادة لإجراء إصلاحات هيكلية عميقة على المنظومات الأساسية في الجباية والتعليم والصحة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

7- حكومة إنسانية (Human Government): أي حكومة داعمة للتوجه الأممي، معتزّة بدعمها للقيم الكونية، ومشجّعة للثقافة الإنسانية، ومنحازة للقضايا الإقليمية والدولية العادلة، ومساهمة في تكريس مبادئ العدل والحرّية والكرامة والمساواة ومناهضة كافّة أشكال التمييز والعنصرية.  

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.