بقلم: عبد السلام بن عامر –
هل تعلم سيدي أنني حين أُحلت على التقاعد من التعليم الابتدائي لم أفرح بل شعرت بالحزن حين اكتشفت أن جراية تقاعدي تفوق آخر مرتب لي أثناء مباشرتي للعمل؟ والسبب بسيط: تماما مثلما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، يجب ألا تستوي أجور الذين يعملون والذين لا يعملون..
لست في غنى عن المال سيدي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، فأنا لا أملك لا منزلا ولا حتى دراجة.. ولكنني أملك عقلا قال لي دائما إن فوائد البعض لا يكون ثمنها عادة إلا مصائب للآخرين..ولا ضمان لمستقبلي الشخصي دون ضمان حاضر الآخرين..
إن كل زيادة كانت تفرضها النقابات لفائدة الذين يعملون أدت دائما وآليا إلى زيادات في الأسعار يكتوي بنارها من لا أجرة لهم.. وأنا أحمّل الاتحاد المسؤولية الأولى في إجهاض انتفاضة 14 جانفي بمساندته لمن استضعفوا الدولة وطالبوا بالزيادات والامتيازات وكان ذلك طبعا على حساب المنتفضين الحقيقيين..
لقد حاولت دولة الاستقلال القضاء على العقلية القبلية فعوضتموها معشر النقابيين بقبلية أخرى اسمها قبلية الفئات الاجتماعية..وويل لمن يمس فردا من هذه القبيلة أو تلك: الكهرباء بوبلاش لقبيلة الستاغ.. والماء بلّوشي لقبيلة الصوناد.. والنقل مجانا لقبيلة شركات النقل.. وهلم امتيازات ما أنزل الله بها من سلطان..
إن تهديدكم بالإضراب العام إذا أقدمت الحكومة على ما يسمى بالإصلاحات الكبرى وخاصة إصلاح الصناديق الاجتماعية معناه لنذهب إلى الجحيم نحن المتقاعدين حين تعجز الحكومة غدا على تنزيل جراياتنا.. وهذا لا يسمى فقط “لعبا بعشائنا”.. بل و”بغدائنا”.. بل وبحياتنا يا سيدي الطبوبي..
أما دفاعكم عن المؤسسات العمومية الفاشلة فهو دفاع عن “المسمار في الحيط”.. وعن التكركير.. وعن سوء التصرف.. وآن الأوان لتدركوا أنكم “كرّهتمونا في أنفسنا”..
وإذا كنت لا أرغب في إثارة ما أنتم بصدد ارتكابه في حق التلاميذ فلأنني لا أجد الكلمات للتنديد بهذه الجريمة..